قال موقع Middle East Eye البريطاني في تقرير نشره يوم الثلاثاء 20 يوليو/حزيران 2021، إن والدي امرأة بريطانية احتُجزت في انتظار المحاكمة بالإمارات لمدة 17 شهراً استنكرا ما وصفاه بـ"تواطؤ" حكومة المملكة المتحدة في استمرار حبس ابنتهما.
تأتي هذه القضية لتنضم إلى قضايا نساء أخريات واجهن محاكمات جائرة واعتداءات جنسية واحتجاز في الدولة الخليجية، ومع ذلك فقد تقاعست الحكومة البريطانية عن تقديم الدعم المناسب لهن خلال محنتهن.
كواليس جلسة تقصّي الحقائق
من جانبها قالت المحامية كاويلفيون غالاغر في معرض حديثها إلى النواب الحاضرين في جلسة لتقصي الحقائق بحضور ممثلين لعدة أحزاب بريطانية في لندن يوم الثلاثاء 20 يوليو/تموز، إن موكلتها -التي فضَّلت الإشارة لها باسم "السيدة أ" خوفاً من التهديدات الموجهة ضد عائلتها- ظلت محتجزة دون إطلاعها على التهم الموجهة ضدها منذ اعتقالها في فبراير/شباط 2020.
كما أشارت المحامية إلى أن السيدة، التي تعمل ولديها طفلان صغيران، قد تكون احتُجزت بسبب نشاطها في مجال حقوق الإنسان، وإنه لم يُسمح لها برؤية أطفالها إلا لمرة واحدة ولمدة 25 دقيقة فحسب في ديسمبر/كانون الأول 2020.
غالاغر ونقلاً عن موكلتها في الجلسة قالت: "لقد قالت لنا إنها إذا لم يُفرج عنها، فسوف تموت في السجن جزعاً على وضع طفليها" اللذين حُرمت منهما وهما في حاجة إليها.
فترة احتجاز الموكلة
كما أضافت المحامية أنه على مدار فترة احتجاز موكلتها، التزمت كل من السفارة البريطانية في دبي ووزارة الخارجية البريطانية "نهجاً شديد التمسك بعدم التدخل" في أي شيء يتعلق بقضيتها.
في حين قالت المحامية منتقدةً: "يبدو أن السفارة ووزارة الخارجية لديهما سياسة تقتضي منهما عدم القيام بأي شيء على الإطلاق".
كذلك أوضحت المحامية أن موكلتها احتُجزت تعسفياً، وحُرمت الحق في محاكمة عادلة، وعُقدت معظم جلسات الاستماع لها باللغة العربية، كما مُنعت حقها في التواصل المباشر مع ممثلها القانوني، وتعرضت لانتهاكات جسيمة أخرى لحقوقها الإنسانية.
بالإضافة إلى ما سبق، فقد أعربت المحامية عن "صدمتها" من أن موقف المملكة المتحدة من احتجاز موكلتها البريطانية جاء "ملتزماً القوانين والإجراءات المحلية لدولة الإمارات"، وهو موقف يتناقض تناقضاً صارخاً مع مواقف وزارة الخارجية البريطانية تجاه الدول الأخرى المتورطة في انتهاكات لحقوق الإنسان، بحسب المحامية.
مرافقة الأطفال في الاحتجاز
فيما أشارت المحامية إلى أن وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، جيمس كليفرلي، أرسل في سبتمبر/أيلول 2020 خطاباً إلى موكلتها يقول فيه إن "لديها دائماً الخيار بأن تطلب مرافقة طفليها في الاحتجاز" إذا كانت قلقة بشأن نموهم بعيداً عنها، وذلك على الرغم مما هو معروف عن سجون الإمارات من سوء أوضاعها.
كما جادلت المحامية بأن "حكومة المملكة المتحدة كان يجدر بها أن تكون الطرف المنتقد لتلك الأوضاع لأن "السيدة أ" مواطنة بريطانية، ومع ذلك فإنه من المحزن أن تحظى القضية باهتمام أكبر بكثير من مجموعات حقوقية في الأمم المتحدة ودول أخرى أكثر من المملكة المتحدة نفسها".
من ناحية أخرى نقلت المحامية عن والد "السيدة أ" قوله إن موقف حكومة الولايات المتحدة من ابنته تجاوز مجرد "المراعاة" للطرف الإماراتي ليصبح أقرب إلى "التواطؤ" في الوضع الذي تعانيه، مضيفاً: "ليس لديّ أي أمل في الحصول على العدالة".
في سياق متصل فقد تصدرت الإمارات عناوين الصحف عدة مرات في السنوات الأخيرة بعد اعتقال وإساءة معاملة مواطنين بريطانيين.
حيث دعا البعض حكومةَ المملكة المتحدة إلى تعديل التوصيات الخاصة بالسفر إلى الإمارات على موقع وزارة الخارجية البريطانية الإلكتروني للتحذير من الخطر المحتمل للاحتجاز التعسفي.
مصادرة جواز السفر والحبس
كما تحدثت في جلسة تقصي الحقائق نفسها آسا هاتشينسون، التي صودر منها جواز سفرها وحُكم عليها بالسجن ثلاثة أشهر غيابياً، وكيتلين ماكنمارا، التي قالت إن مسؤول إماراتي بارز اعتدى عليها جنسياً خلال عملها في أبوظبي.
إذ أعربت السيدتان عن انتقادهن الشديد لطريقة تعامل حكومة المملكة المتحدة مع قضاياهن وعدم رغبتها في المخاطرة بالعلاقات مع الإمارات على حسابيهما.
حيث قالت كيتلين ماكنمارا: "لا أعتقد أنه يُجدر بالنساء الذهاب إلى الإمارات للعمل حتى توضح لهن الحكومة قدر المخاطر".
كما أكدت ماكنمارا أنه "ما دامت القضايا لا تخضع لاختصاص القانون الدولي، فليس لدي أي أمل في الحصول على العدالة… فأصحاب السلطة والمال لديهم حصانة من أي عقاب".
ردود سياسية
في المقابل فقد أشارت ماكنمارا إلى أن مسؤولي السفارة البريطانية ردوا على مزاعمها ضد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان -وزير التسامح الإماراتي- بـ"ردود سياسية". وقالت إن وزارة الخارجية البريطانية لم تتواصل معها بعد وصولها إلى المملكة المتحدة إلا عندما حاولت رفع قضية عبر القضاء البريطاني.
حيث شرحت ذلك بقولها: "لقد وثقت بما تبثه حكومة المملكة المتحدة وحكومة الإمارات من رسائل بأن العمل هناك آمن للنساء، لكنني نادمة الآن على هذا".
كما أضافت أنها ستمضي قدماً في المطالبة بمعاقبة المعتدي عليها، الذي رُفضت دعوى قضائية ضده في أبريل/نيسان 2021، حتى بعد أن قال الادعاء العام البريطاني إنه لن يستأنف متابعته للقضية.