قال وزير الخارجية الإثيوبي، ديميكي ميكونين، الثلاثاء 20 يوليو/تموز 2021، إن التعبئة الثانية لسد النهضة تتم وفقاً لإعلان المبادئ الذي تم توقيعه عام 2015، وإن تلك العملية حدثت خلال موسم الأمطار الحالي دون الإضرار بدول المصب، في إشارة إلى مصر والسودان.
فيما دعا وزير الخارجية الإثيوبي، خلال لقائه بالممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي، أنيتا ويبر، في العاصمة أديس أبابا، دول الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ موقف محايد كمراقب للعملية التفاوضية بشأن سد النهضة، مؤكداً أن الوقت لم ينفد بعد للتوصل إلى اتفاق.
كانت السلطات الإثيوبية قد أعلنت، الإثنين 19 يوليو/تموز، اكتمال الملء الثاني للسد، وقال وزير الري الإثيوبي، سيليشي بيكلي، في تغريدة على حسابه في تويتر: "تم الانتهاء من التعبئة الثانية لسد النهضة وتجاوز الماء قمة السد"، مضيفاً أن "التعبئة الثانية تعني الحصول على كمية المياه اللازمة لتشغيل توربينين (لتوليد الكهرباء)".
وزير الري الإثيوبي أضاف: "لقد قمنا بالكثير من العمل هذا العام للوصول إلى هذه النقطة، نعمل بجد لإنتاج التوربينات القادمة، وسنكون قادرين على إكمال ذلك في الأشهر القادمة"، دون تفاصيل أكثر.
"إنجاز تاريخي"
على إثر ذلك، هنأ وزير الخارجية الإثيوبي أبناء شعبه بمناسبة اكتمال الملء الثاني للسد، قائلاً: "تهانينا لشعبنا على الانتهاء بنجاح من الملء الثاني لمشروع سد النهضة الإثيوبي الكبير"، مشيراً إلى أن "رحلة التغيير التي بدأناها هي استجابة للاحتياجات الإنمائية لبلدنا، وسيتم تعزيزها بالمشاركة الفعالة ودعم شعبنا".
كما أشار ميكونين إلى أنهم سعداء لأنهم نجحوا في تحقيق ما وصفه بـ"الإنجاز التاريخي"، متابعاً: "مع هذا الإنجاز، يجب أن نعمل معاً لهزيمة القوى التي تجعل بلدنا عرضة للقوى الأجنبية وإحباط مؤامراتهم".
في حين لفت المتحدث ذاته إلى أن "المشروع التاريخي لسد النهضة، والذي وصل إلى هذا المستوى من النجاح، وإجراء انتخابات سلمية دون أي ضغوط، يعتبران مؤشرين كبيرين على أننا سننجح إذا حافظنا على وحدتنا".
أضاف ميكونين: "يجب أن يعمل الشعب معاً لضمان التخلص من القوى التي تتجرأ على استهداف إثيوبيا وتنفذ الأجندات الخارجية"، مؤكداً أنهم خلال الفترة الماضية تغلبوا "بحكمة على ضغوطات عديدة من القوى الداخلية والخارجية، ويجب على الشعب تعزيز الوحدة والدفاع ضد التحديات التي تنتظرنا".
كان رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، قد هنأ شعبه، الإثنين، بإتمام التعبئة الثانية لـ"سد النهضة" بنجاح، مشدّداً على أن بلاده "في وضع أفضل للحفاظ على المرونة في جميع الاتفاقات"، بحسب ما نقلت هيئة الإذاعة الحكومية "فانا" التي أكدت أن خزان السد وصل إلى منسوب مياه غامر (زائد عن المعدل الطبيعي) بعد استكمال عملية الملء الثانية.
مجلس الأمن الدولي
يشار إلى أن مجلس الأمن الدولي كان قد عقد، الخميس 9 يوليو/تموز 2021، جلسة بشأن نزاع "سد النهضة"، هي الثانية من نوعها بعد أولى جرت العام الماضي؛ لتحريك جمود المفاوضات بين إثيوبيا ومصر والسودان.
لكن المجلس لم يصدر أي قرار بشأن مسودة القرار العربي التي تطالب بمواصلة المفاوضات بين الدول الثلاث لمدة 6 أشهر بغية التوصل إلى اتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد.
فيما أعاد مجلس الأمن قضية "سد النهضة" إلى الاتحاد الإفريقي، داعياً الدول الثلاث إلى المضيّ في مسار التفاوض، ودون تحديد سقف زمني، كما طالبت مصر والسودان.
كانت إثيوبيا قد أخطرت، الإثنين 5 يوليو/تموز، دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، ببدء عملية ملء ثانٍ للسد بالمياه، من دون التوصل إلى اتفاق ثلاثي؛ وهو ما رفضته القاهرة والخرطوم، باعتباره إجراءً أحادي الجانب.
فشل متواصل لجولات المفاوضات
يأتي ذلك بعدما فشلت الجولة الأخيرة من مفاوضات السد، إثر إعلان الخارجية السودانية، الأحد 10 يناير/كانون الثاني 2021، فشل التوصل إلى صيغة مقبولة لمواصلة التفاوض حول "سد النهضة"، مؤكدةً أن الخرطوم لن تواصل المفاوضات، في الوقت الذي عبَّرت فيه وزيرة خارجية جنوب إفريقيا عن أسفها لوصول مفاوضات سد النهضة إلى "طريق مسدود".
حينها أعلن وزير الخارجية السوداني المكلف، عمر قمر الدين، آنذاك، عن تقديم بلاده اشتراطات إلى الاتحاد الإفريقي للعودة إلى مفاوضات "ذات جدوى" في ملف سد النهضة، ملوِّحاً بأن الخرطوم لديها "خيارات" أخرى.
كانت الإدارة الأمريكية أعلنت، في فبراير/شباط 2019، التوصل إلى اتفاق حول آلية عمل سد النهضة، وقَّعت عليه القاهرة بالأحرف الأولى، وامتنعت إثيوبيا بدعوى انحياز واشنطن إلى مصر، إثر جولات من المفاوضات جرت بواشنطن.
لكن المفاوضات تعثرت مجدداً بين الدول الثلاث، وهو الأمر المستمر منذ نحو 9 سنوات، وسط اتهامات متبادلة بين القاهرة وأديس أبابا بالتعنت والرغبة في فرض حلول غير واقعية.
في حين قالت الولايات المتحدة إن ملء إثيوبيا للسد دون اتفاق مع دولتي المصب يمكن أن يثير التوترات، وحثت جميع الأطراف على الإحجام عن التصرفات الأحادية.