أُصيب أكثر من 20 من الدبلوماسيين والمسؤولين وأفراد الاستخبارات الأمريكية في العاصمة النمساوية، فيينا، بأمراض غير مُفسَّرة تشبة متلازمة هافانا، وهي مرض عصبي غامض ظهر لأول مرة في طاقم السفارة الأمريكية في كوبا عام 2016، فيما وجهت أصابع الاتهامات إلى روسيا.
مجلة The New Yorker الأمريكية، قالت إنه يُعتَقَد بأنَّ التفشي في النمسا هو الأكبر خارج كوبا، مشيرةً إلى أن وليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، يقود تحقيقاً في الأمر.
تضيف المجلة: "تفيد نظرية رائدة بين السلطات الأمنية الأمريكية بأنَّ المرض ناجم عن هجمات روسية، ربما باستخدام حزم مُركَّزة من إشعاع الموجات الميكروية (مايكروويف)".
كانت الولايات المتحدة قد حققت خلال السنوات الخمس الماضية، في 150 حالة مُسجَّلة على الأقل لموظفين يعملون بالخارج، يشعرون بالمرض ولديهم أعراض مثل فقدان الذاكرة ومشكلات بالسمع وغثيان.
جرى إيعاز هذه الظاهرة إلى أسلحة تعمل بالموجات الميكروية (مايكروويف)، والتدخل الروسي، بل وحتى نقيق الصراصير، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Times البريطانية، الإثنين 19 يوليو/تموز 2021.
لفتت الصحيفة إلى أن فيينا لعبت دوراً في مشهد التجسس الأوروبي منذ الحرب الباردة، بسبب تساهل النمسا مع تجسس الأجانب على بعضهم البعض؛ إذ تملك وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وجهاز الأمن الفيدرالي الروسي، الذي يُعَد الوكالة الأمنية الروسية الرئيسية، مكاتب كبيرة في فيينا.
يُعتَقَد كذلك بأنَّها مركز استخباراتي لإيران وسوريا وكوريا الشمالية، وهناك ما يُقدَّر بـ7 آلاف جاسوس في فيينا، التي تستضيف مباحثات إحياء اتفاق 2015 النووي الدولي مع إيران.
متلازمة هافانا
استحوذ هذا المرض الغامض على اهتمام الرأي العام لأول مرة في عام 2017 عندما أفاد عدد من المسؤولين الأمريكيين بسفارة الولايات المتحدة في كوبا أنَّهم يعانون من ضعف السمع والدوخة والصداع والإرهاق وصعوبة في النوم ومشاكل في الإدراك.
في العام التالي، ظهرت على الدبلوماسيين الأمريكيين المقيمين في الصين أعراض قال عنها وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو للمشرعين إنَّها "متشابهة للغاية ومتسقة تماماً مع الأعراض التي أبلغ عنها الأمريكيون في كوبا".
شملت الأعراض أيضاً طنيناً حاداً وضغطاً في الأذنين، ويعاني بعض الضحايا من تلف طويل الأمد في الدماغ، ووصل الأمر حتى إعلان بعض الموظفين تقاعدهم المبكر بسبب إصابتهم بالمرض، بحسب ما ذكرته صحيفة The Independent البريطانية.
تفيد تقارير أيضاً بأن الأفراد المتضررين يبدو أنهم قد عانوا من إصابة شبكات دماغية واسعة النطاق "دون وجود تاريخ مرتبط بصدمات الرأس".
استمرت حالات الإصابات بمتلازمة هافانا في الظهور، ففي عام 2018، أُجلي ما يقرب من 12 موظفاً من السفارة الأمريكية في مدينة غوانزو الصينية، بعد الإبلاغ عن "حالة طوارئ طبية" شبيهة بتلك التي وقعت في هافانا.
في خريف 2020 أيضاً ظهرت على عدد من القوات الأمريكية في سوريا أعراض غامضة شبيهة بأعراض الإنفلونزا، التي تتقاطع مع أعراض متلازمة هافانا.
دارت الشكوك حول الكرملين، بالنظر إلى تاريخ روسيا في استخدام أسلحة الموجات الدقيقة ضد المسؤولين الأمريكيين، لكن وزارة الخارجية الروسية نفت أي صلة لها بحادث الدبلوماسيين الأمريكيين في كوبا.
مع ذلك، ثمة مؤشرات تزيد احتمالات تورط روسيا في هذا الأمر، فوفقاً لمجلة GQ، كشف تحقيق أجرته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية باستخدام بيانات تعقب مواقع الهواتف النقَّالة عن وجود أفراد يُعتقد أنَّهم يعملون لحساب جهاز الأمن الروسي في نفس الوقت الذي بدأ فيه المسؤولون الأمريكيون في تلك الدول يعانون لأول مرة من الأعراض المرضية.