كشف تحقيق جنائي أنَّ برمجية التجسس "بيغاسوس" التابعة لمجموعة NSO الإسرائيلية قد استُخدِمت سراً لاستهداف هواتف العديد من الأشخاص المقربين من الصحفي السعودي المغتال، جمال خاشقجي، من بينهم أفراد من عائلته وإعلاميون بارزون مقربون منه، إضافة إلى سياسيين، أبرزهم مستشار للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
حسب تقرير لصحيفة Washington Post الأمريكية، الأحد 18 يوليو/تموز 2021، فقد استهدف أحد مستخدمي برمجية بيغاسوس هاتف زوجة خاشقجي، حنان العتر، الذي يعمل بنظام "أندرويد" قبل مقتل خاشقجي، كما استُخدِمت برمجية التجسس كذلك لاختراق هاتف الآيفون لخطيبته، خديجة جنكيز، بعد قتله بأيام.
أسرته الصغيرة
فقد ظهر رقما هاتفيهما المحمولين على قائمة لأكثر من 50 ألف رقم متركزة في بلدان معروفة بأنَّها تتجسس على مواطنيها ومعروفة كذلك بأنَّها عميلة لدى مجموعة NSO.
وفق التقرير نفسه، فقد نجح اختراق هاتف أحد المقربين الآخرين من خاشقجي بعد مقتل الصحفي. وظهرت أرقام شخصين مقربين آخرين ومسؤولين تركيين بارزين على صلة بالتحقيق في مقتله على القائمة أيضاً.
أحد مستخدمي بيغاسوس أرسل رسائل نصية لحنان العتر، وهي مضيفة جوية مصرية وقع خاشقجي في حبها وتزوجها في نهاية المطاف، تحتوي على روابط من الممكن أن تكون زرعت برمجية التجسس على الهاتف، وتظاهر هذا المستخدم مرتين بأنَّه أختها.
ووفقاً لفحص جنائي رقمي أجراه مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية، أُرسِلَت الرسائل في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 ثم مجدداً في أبريل/نيسان 2018، أي قبل ستة أشهر من مقتل خاشقجي في 2 أكتوبر/تشرين الأول.
وبعد قتل خاشقجي، استهدف أحد مستخدمي برمجية بيغاسوس هاتف الآيفون الخاص بخطيبة خاشقجي، خديجة جنكيز.
كانت خديجة قد صحبت خاشقجي إلى بوابات القنصلية السعودية في إسطنبول حين ذهب للحصول على وثائق في أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وفقاً لتحليل منظمة العفو، اختُرِقَ هاتفها المحمول بعد 4 أيام فقط من قتل خاشقجي، ثُمَّ اختُرِقَ خمس مرات في الأيام التالية. ولم يتمكن التحليل من تحديد المعلومات التي سُرِقَت من هاتفها بالضبط أو ما إذا كانت حدثت أي مراقبة صوتية.
ولم تكن المرأتان تعلمان بشأن بعضهما آنذاك.
أصدقاء صحفيون ومسؤول تركي
المقرب الثاني من خاشقجي الذي اختُرِقَ هاتفه بواسطة بيغاسوس، وفقاً للفحص، كان وضَّاح خنفر، الصحفي السابق بشبكة الجزيرة، والمدير العام السابق للشبكة.
يقول خنفر بهذا الخصوص: "شعرت بأن هاتفي أو هاتف جنكيز ربما تعرَّضَ للاختراق، لأن بعض المحادثات التي أجريناها حول اختفاء جمال خرجت إلى العلن خلال الأيام الأولى".
أما شركاء خاشقجي الذين تظهر أرقام هواتفهم في القائمة، ولكن هواتفهم الذكية لم تُفحَص، فهم الصحفي التركي توران كشلاكجي، ومدافعٌ عن حقوق الإنسان منفي في لندن تحدَّثَ شريطة عدم الكشف عن هويته؛ خشيةً على سلامته.
يظهر في القائمة أيضاً مسؤولان تركيان مشاركان في التحقيق في جريمة قتل خاشقجي، ويتعلق الأمر بعرفان فيدان، المدَّعي العام آنذاك، وياسين أقطاي، العضو في الحزب الإسلامي الحاكم والمستشار للرئيس رجب طيب أردوغان، وقد رفضا تقديم هاتفيهما للفحص.
مستشار أردوغان: أخبروني بأن هاتفي قد اخترق
قال أقطاي إنه بعد وقتٍ قصير من مقتل خاشقجي، أبلغه مسؤولو الاستخبارات التركية أنهم اكتشفوا أن هاتف الآيفون الجديد الخاص به قد اختُرِق وأنه كان تحت المراقبة.
المتحدث نفسه أضاف أيضاً: "حذَّرَني شخصٌ ما من السلطات الأمنية التركية من أنهم اكتشفوا شخصاً يحاول اختراق هاتفي في ذلك الوقت". وأضاف: "لم يذكروا من حاول فعل ذلك، لكنهم قالوا إن هناك العديد من هذه المحاولات. وقالوا أيضاً إن أبسط احتياط يجب أن أتَّخذه هو تغيير هاتفي. فعلت ذلك، لكنني رأيت دائماً احتمالاً لحدوث هذا الاختراق".
تابع أقطاي أنه لم يُخبَر بمن قام بمحاولة الاختراق، فيما رفض مسؤولو الاستخبارات التعليق على هذا المقال.
كما أوضح أن السلطات منحته بعد ذلك تدابير أمنية خاصة، من ضمنها حارسٌ شخصي وسيارة مُزوَّدة بأضواءٍ للشرطة وصفارة إنذار محمولة باليد. وأضاف أنهم منحوا جنكيز حارساً شخصياً وسيارة لحمايتها بعد أن بدأت تتلقَّى تهديداتٍ بالقتل على وسائل التواصل الاجتماعي.