نفت إسرائيل، مساء الأحد 18 يوليو/تموز 2021، ضلوعها في أزمة "سد النهضة" الإثيوبي المتصاعدة، مؤكدةً أنها "تقف على مسافة واحدة" من أطراف الأزمة، معربةً عن أملها بأن "تمر المفاوضات بما يحقق الاستقرار والرخاء لشعوب الدول الثلاث".
يأتي ذلك رداً على أصوات مصرية تتهم إسرائيل بأن لها يداً في أزمة "سد النهضة" من خلال تشجيع ومساعدة إثيوبيا على إتمام هذا المشروع، لتحقيق حلم تل أبيب القديم بالحصول على حصة من مياه النيل.
حيث قالت سفارة تل أبيب في القاهرة، التي تجمع بلادها علاقات مع مصر وإثيوبيا، في بيان، إنها "تؤكد بصورة واضحة وغير قابلة لأي تأويل، أن ما تردد مؤخراً في بعض القنوات والمقالات الصحفية، عن ضلوع إسرائيل في موضوع سد النهضة عارٍ عن الصحة ولا أساس له".
السفارة أضافت: "إسرائيل حكومةً وشعباً، معنيَّة باستقرار مصر وسلامة مواطنيها (..) وهذا الأمر أكده وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، خلال لقائه مع نظيره المصري سامح شكري، على هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي مؤخراً".
"مسافة واحدة"
كما أكدت سفارة إسرائيل لدى مصر أن بلادها "تقف على مسافة واحدة فيما يتعلق بموضوع سد النهضة"، منوهة إلى أنها تعرب عن "فائق الاحترام للشعب المصري وقيادته الرشيدة بزعامة الرئيس عبدالفتاح السيسي".
في حين شددت السفارة على أن بلادها "لديها من المياه ما يكفيها ويسد احتياجاتها، وهي دائماً على استعداد لوضع خبراتها وتوسيع التعاون المشترك في مجال تكنولوجيا المياه مع مصر"، موضحةً أن "إسرائيل تعتمد على طرق المعالجة الزراعية وتحلية مياه البحر للشرب، ولديها التكنولوجيا التي توفر لها المياه".
كان الإعلامي والبرلماني المصري مصطفى بكري قد قال في تصريحات خلال يوليو/تموز الجاري، على "تويتر"، إن "أزمة سد النهضة سياسية، تهدف إلى إيصال مياه نهر النيل للدولة العبرية".
كما اتهم البرلماني المصري ضياء الدين داود، في بيان، قبل أيام، إسرائيل باستخدام إثيوبيا للضغط على مصر وصولاً إلى "إسرائيل الكبرى من النيل للفرات".
فيما صرح مصطفى الفقي، الدبلوماسي المصري السابق ورئيس مكتبة الإسكندرية، في برنامج متلفز، الشهر الجاري، بأن إسرائيل لها تأثير على ملف "سد النهضة"؛ لأنها تحلم بأن تكون إحدى دول مصب نهر النيل منذ عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، مضيفاً أن على مصر اللجوء إليها في ملف السد؛ للضغط على إثيوبيا.
مصر تتواصل مع الصين
في وقت سابق من الأحد، أكد السيسي لوزير الخارجية الصيني وانج يي، موقف القاهرة الثابت والمتمثل بالحفاظ على أمنها المائي، وضرورة التوصل لاتفاق ملزم حول "سد النهضة".
يُذكر أن الصين، أحد الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن الدولي، الذي عقد جلسة حول السد مطلع يوليو/تموز الجاري، فيما تشير تقارير إعلامية إلى استثمارات صينية تُضَخ في أديس أبابا وسدها المثير للخلافات مع القاهرة على مدار عقد.
وفق بيان للرئاسة المصرية، نقل وزير الخارجية الصيني الذي يزور القاهرة حالياً، إلى السيسي رسالة شفهية من نظيره الصيني شي جين بينغ.
الرسالة تضمنت: "تأكيد حرص الصين على استمرار تطوير علاقاتها الاستراتيجية مع مصر، وثبات دعم بكين للقاهرة في جهود التنمية الشاملة ومكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة".
فيما أعرب الوزير الصيني عن "تفهُّم بكين التام للأهمية القصوى لنهر النيل لمصر، ومن ثم مواصلة الصين اهتمامها بالتوصل إلى حل لتلك القضية على نحو يلبي مصلحة جميع الأطراف".
مجلس الأمن الدولي
يشار إلى أن مجلس الأمن الدولي كان قد عقد، الخميس 9 يوليو/تموز 2021، جلسة بشأن نزاع "سد النهضة"، هي الثانية من نوعها بعد أولى جرت العام الماضي؛ لتحريك جمود المفاوضات بين إثيوبيا ومصر والسودان.
لكن المجلس لم يصدر أي قرار بشأن مسودة القرار العربي التي تطالب بمواصلة المفاوضات بين الدول الثلاث لمدة 6 أشهر بغية التوصل إلى اتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد.
فيما أعاد مجلس الأمن قضية "سد النهضة" إلى الاتحاد الإفريقي، داعياً الدول الثلاث إلى المضي في مسار التفاوض، ودون تحديد سقف زمني، كما طالبت مصر والسودان.
كانت إثيوبيا قد أخطرت، الإثنين 5 يوليو/تموز، دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، ببدء عملية ملء ثانٍ للسد بالمياه، من دون التوصل إلى اتفاق ثلاثي؛ وهو ما رفضته القاهرة والخرطوم، باعتباره إجراءً أحادي الجانب.
فشل متواصل لجولات المفاوضات
يأتي ذلك بعدما فشلت الجولة الأخيرة من مفاوضات السد، إثر إعلان الخارجية السودانية، الأحد 10 يناير/كانون الثاني 2021، فشل التوصل إلى صيغة مقبولة لمواصلة التفاوض حول "سد النهضة"، مؤكدةً أن الخرطوم لن تواصل المفاوضات، في الوقت الذي عبَّرت فيه وزيرة خارجية جنوب إفريقيا عن أسفها لوصول مفاوضات سد النهضة إلى "طريق مسدود".
حينها أعلن وزير الخارجية السوداني المكلف، عمر قمر الدين، آنذاك، عن تقديم بلاده اشتراطات إلى الاتحاد الإفريقي للعودة إلى مفاوضات "ذات جدوى" في ملف سد النهضة، ملوِّحاً بأن الخرطوم لديها "خيارات" أخرى.
كانت الإدارة الأمريكية أعلنت، في فبراير/شباط 2019، التوصل إلى اتفاق حول آلية عمل سد النهضة، وقَّعت عليه القاهرة بالأحرف الأولى، وامتنعت إثيوبيا بدعوى انحياز واشنطن إلى مصر، إثر جولات من المفاوضات جرت بواشنطن.
لكن المفاوضات تعثرت مجدداً بين الدول الثلاث، وهو الأمر المستمر منذ نحو 9 سنوات، وسط اتهامات متبادلة بين القاهرة وأديس أبابا بالتعنت والرغبة في فرض حلول غير واقعية.