كشف رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، عن أسباب تعطل إقرار الميزانية، للمرة الخامسة على التوالي، مشيراً إلى أن عدم تخصيص ميزانية "مقدرة ومحترمة" لقوات حفتر أحد أهم هذه الأسباب.
جاء ذلك خلال لقاء جمع عقيلة واللواء المتقاعد خليفة حفتر ومجموعة من النواب، الجمعة 16 يوليو/تموز 2201، مشيراً إلى ما يدَّعيه "البعض" من أن "مجلس النواب ورئيسه يعطلان الميزانية".
أجاب عقيلة على ذلك بالقول: "بالطبع لا توجد دولة من دون ميزانية، لكن ليس كل ما يُطلب يُعطى، النواب لديهم مطلب واضح، وهو أن تكون للمؤسسة العسكرية ميزانية مقدرة ومحترمة تستطيع أن تنفذ من خلالها مهامها"، ويقصد بالمؤسسة العسكرية ميليشيات حفتر، حسبما أفادت مواقع إخبارية ليبية.
وحسب كلمته خلال لقاء حفتر، قال عقيلة إنَّ رفض الميزانية يعود أيضاً إلى باب التنمية الذي وصفه بـ"المبهم"، مضيفاً أن الحكومة لم تحدد فيه أين تنفذ مشروعاتها.
وكان مجلس النواب الليبي قد عقد أكثر من خمس جلسات؛ لمناقشة بند الميزانية العامة للدولة إلا أنه لم يقم باعتمادها.
الدبيبة: توحيد الجيش "صعب للغاية"
يأتي ذلك في الوقت الذي أقر فيه رئيس الحكومة الليبية، عبدالحميد الدبيبة، بصعوبة توحيد جيش بلاده، رغم التواصل مع خليفة حفتر.
ونقلت وسائل إعلام محلية مقابلةً أجراها الدبيبة مع وكالة "رويترز" مساء الجمعة، قال خلالها، إنه "سيكون من الصعب للغاية توحيد الجيش الليبي".
فيما تعهد الدبيبة بإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية بموعدها المقرر في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، لكنه حذَّر من "تمسُّك بعض القائمين على المجلس التشريعي بالسلطة (دون تسميتهم)".
تأزم سياسي
ومنذ أشهر، شهدت ليبيا انفراجاً سياسياً، ففي 16 مارس/آذار الماضي، تسلمت سلطة انتقالية منتخبة، تضم حكومة وحدة ومجلساً رئاسياً، مهامها لقيادة البلاد إلى الانتخابات.
لكن حفتر ما يزال يتصرف بمعزل عن الحكومة الشرعية، ويسيطر على مناطق ليبية، ويقود ميليشيا مسلحة، ويطلق على نفسه لقب "القائد الأعلى للقوات المسلحة"، منازعاً المجلس الرئاسي في صلاحياته.
حيث شهد مسار إعادة بناء الدولة الليبية نكسة جديدة، بعد فشل مجلس النواب في الإفراج عن الميزانية للمرة الخامسة على التوالي، في الوقت الذي تجتاح فيه البلاد أزمة انقطاع الكهرباء، ما يضع حكومة الوحدة الوطنية أمام خيارات صعبة.
فعقب 4 أيام من إخفاق ملتقى الحوار السياسي المنعقد بجنيف، في اعتماد قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات، وقبلها إعاقة فتح الطريق الساحلي بين الشرق والغرب، فشل مجلس النواب هو الآخر في اعتماد ميزانية الحكومة.
ومرور نحو 4 أشهر من اعتماد مجلس النواب لحكومة الوحدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، لم يكن كافياً لتمرير الميزانية، رغم ضرورته، بالنظر إلى ارتباطه بتسيير شؤون الدولة، وتلبية احتياجات الناس وبالأخص مسألة الأجور، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، والأهم من ذلك تسييل الميزانية المخصصة لمفوضية الانتخابات للشروع في التحضير لإجراء هذا الاقتراع المصيري في تاريخ البلاد.
أسباب خفية
وبالنظر إلى الأسباب التي يسوقها بعض النواب، وأغلبهم موالٍ للواء المتقاعد خليفة حفتر، فمعظمها ملاحظات شكلية تتعلق "بالقانون الذي استندت إليه الحكومة في تخصيص الميزانية، والمبالغ المالية المرصودة لبعض القطاعات، وعدم وضع الأهداف على شكل برامج ومشاريع واضحة، وغياب مصادر إضافية بديلة لتمويل الميزانية".
لكن السبب الحقيقي لتعطيل مشروع الميزانية سياسي، يتعلق برفض الدبيبة الخضوع لسلطة حفتر، الذي لم يقابله لحد الآن، ولم يخصص لميليشياته أي أموال، حسبما تشير وكالة الأناضول.
إضافة إلى رفض أعضاء ملتقى الحوار من المنطقة الغربية إلغاء الشروط التي تحول دون ترشح حفتر للرئاسة، خاصةً الجنسية المزدوجة، والانتماء العسكري، وانتهاكات حقوق الإنسان.
فضلاً عن المطالبة باستكمال مسار توزيع المناصب السيادية، وعلى رأسها تعيين محافظ بنك مركزي من المنطقة الشرقية، يكون موالياً لحفتر على الأرجح.
ورئيس حكومة الوحدة كان واضحاً في رفضه الخضوع لحفتر، عندما قال في بث مباشر رداً على أسئلة المواطنين: "لا يمكن أن نكون تحت سيطرة أي جهة داخلية مدعومة من الخارج، ويأخذون أموالاً خارجية، ويحاربوننا ويفتحون حروباً هنا في ليبيا".