قالت صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير نشرته الخميس 15 يوليو/تموز 2021، إن برنامج "جوازات سفر ذهبية" مثيراً للجدل في دولة تسمى "فانواتو"، شهد بشكل غريبٍ شراء أكثر من ألفي شخص للجنسية في عام 2020، بينهم مجموعةٌ من رجال الأعمال والأفراد سيئي السمعة المطلوبين للشرطة حول العالم.
هؤلاء الأشخاص سيئو السمعة بعد حصولهم على الجنسية سيكونون قادرين على دخول الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بدون تأشيرة، وفقاً لما كشفته صحيفة The Guardian البريطانية.
برنامج جوازات السفر
إذ يسمح برنامج جوازات السفر للمواطنين الأجانب بشراء الجنسية مقابل 130 ألف دولارٍ أمريكي، في عمليةٍ لا تستغرق عادةً أكثر من شهرٍ واحد، ودون الحاجة حتى إلى دخول البلاد.
كذلك تُروِّج الوكالات لبرنامج "جوازات السفر الذهبية" على أنه الأسرع والأرخص والأكثر سهولة حول العالم، حيث يمنح هذا البرنامج المخصص لدعم التنمية دخولاً بدون تأشيرة إلى 130 دولة. كما تُدير حكومة فانواتو ملاذاً ضريبياً لا يفرض ضريبةً على الدخل أو الثروة أو الشركات.
لكن برنامج جوازات السفر هذا قد أثار كثيراً من الجدل منذ إعادة إطلاقه عام 2017، حيث جمع لحكومة فانواتو أكثر من 116 مليون دولار، العام الماضي.
في حين أصدرت فانواتو قرابة 2200 جواز سفر في عام 2020 من خلال هذا البرنامج، وأكثر من نصفها كان للمواطنين الصينيين. وبعد الصين، كانت أكثر الجنسيات حصولاً على الجنسية من مواطني: نيجيريا، وروسيا، ولبنان، وإيران، وليبيا، وسوريا، وأفغانستان، إلى جانب 20 شخصاً من الولايات المتحدة، وستة أستراليين، وبعض مواطني أوروبا.
متورطون في أعمال غير قانونية
كذلك وجدت الصحيفة البريطانية أن عدداً من المتقدمين في فانواتو كانوا متورطين بشبكةٍ معقدة من الأعمال خارج بلادهم، مع امتلاك بعضهم شركات وهمية ليس لها نشاطٌ تجاري واضح.
إذ قال خوسيه سوزا-سانتوس، زميل سياسات منطقة المحيط الهادئ في مؤسسة Australian Pacific Security College البحثية، إن الخطر الآخر لهذا البرنامج هو حصول الأشخاص على جنسية فانواتو ثم تغيير أسمائهم بشكلٍ قانوني داخل البلاد، مما يمنحهم هويةً جديدة فعلياً.
من ناحية أخرى واصل الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الإعراب عن مخاوفهما إزاء إجراءات العناية الواجبة، وأجبرا فانواتو على تقديم وعود بتحسين عمليات التحقق، العام الماضي؛ في محاولةٍ لتحسين صورة البرنامج.
رغم ذلك، أظهرت وثائق من يناير/كانون الثاني عام 2021، أن فانواتو باعت جوازات سفرها لأفرادٍ مرتبطين بعمليات احتيال أو غيرها من العقوبات، إلى جانب آخرين مطلوبين من الشرطة في موطنهم الأصلي.
تضم القائمة تشكيلةً متنوعة من الشخصيات تشمل: أحد رؤساء الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وأميرة إماراتية، ومبشراً تلفزيونياً نيجيرياً، ولا تزعم الصحيفة البريطانية أن أياً من هؤلاء كان متورطاً في أي أعمال مشبوهة أو أنشطة إجرامية.
مسؤولون رسميون سابقون
كما تعرَّفت The Guardian في القائمة أيضاً على رئيس الوزراء السابق للحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في ليبيا، فايز السراج. والسراج مجرد واحد من عدة شخصيات سياسية بارزة اشترت جنسية فانواتو.
إذ حصل السراج على جوازات السفر له ولعائلته بمجرد انهيار اتفاقيات وقف إطلاق النار الليبية في يناير/كانون الثاني عام 2020، وتقدَّم بالطلب تحت اسم زوجته. وتُشير التقارير إلى أنه غادر ليبيا بعد استقالته في مارس/آذار من عام 2021.
لم تُشر الصحيفة البريطانية إلى أن السراج أو زوجته كانا متورطَين في أي أعمال مشبوهة أو أنشطة إجرامية، أو حتى ارتكبا أي فعلٍ مشين في أثناء شراء جوازات سفر فانواتو.
كذلك تضمنت الشخصيات السياسية الأخرى محافظ ريف دمشق السوري السابق علاء إبراهيم، والسياسي الهندي السابق فيناي ميشرا. ويعيش ميشرا حالياً في فانواتو بينما يُواجه اتهامات بالفساد في الهند، لكن المحامين يقولون إنه سيتصدى لها بالقانون.
في المقابل شملت قائمة الأشخاص الحاصلين على جوازات سفر فانواتو الأسماء التالية:
- رئيس وأمير كاجي، ومؤسسي منصة استثمار العملات المشفرة Africrypt، الذين اتُّهموا من جانب مستثمريهم السابقين بـ"الاحتيال في العملات المشفرة". ليختفوا حسب المزاعم ومعهم رصيد عملات بيتكوين يصل إلى نحو 3.6 مليار دولار. لكنهم ينكرون تلك المزاعم.
- جانلويجي تورزي، رجل الأعمال الإيطالي المتهم بابتزاز مسؤولين في الفاتيكان من أجل الحصول على 17.7 مليون دولار في أثناء شراء عقارٍ بلندن. لكن تورزي ينكر ارتكاب أي مخالفة.
- هيام غريب أوغلو، القطب المصرفي التركي الذي سُجِن في فضيحة اختلاس عدة ملايين من الدولارات، والمحكوم عليه أيضاً بالسجن؛ لإيوائه ابن أخيه المتهم بقتل فتاة في الـ17 من عمرها.
- غالي بلقصير، الرئيس السابق لقوات الدرك الجزائرية المثيرة للجدل، وهي القوة العسكرية المسؤولة عن إنفاذ القانون في البلاد، وصدرت بحقه أربع مذكرات اعتقال.
- خالد الأحمد، رجل الأعمال السوري والمستشار المقرب من نظام بشار الأسد، وقد حصل على الجنسية في يونيو/حزيران عام 2019، بحسب الوثائق التي حصلت عليها الصحيفة البريطانية بشكلٍ منفصل.
منع مواطنين عرب
لكن على الورق، تمنع فانواتو مواطني سوريا والعراق وإيران واليمن وكوريا الشمالية من الحصول على الجنسية، إلا إذا كان لديهم إثبات بأنهم يقيمون خارج تلك الدول منذ أكثر من خمسة أعوام. لكن الصحيفة البريطانية تعرفت على عدد من المتقدمين للجنسية ممن كانوا يقيمون داخل دول القائمة السوداء في وقت طلب الجنسية.
كما ظهر في الوثائق قطب إنشاءات وعقارات سوري فُرِضَت العقوبات على عددٍ من شركاته، حيث اشترى عبدالرحمن خيتي جنسية فانواتو قبل أسابيع من فرض العقوبات الأمريكية على مجموعة من شركاته.