مصممة على إخراجها من البلاد.. الفصائل العراقية تبدأ المرحلة الثانية من هجماتها ضد القوات الأمريكية

عربي بوست
تم النشر: 2021/07/14 الساعة 11:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/07/14 الساعة 11:08 بتوقيت غرينتش

بعد أيام قليلة من قيام الولايات المتحدة بمهاجمة مقرات للفصائل المسلحة العراقية المقربة من إيران، على الحدود العراقية- السورية، في 28 يونيو/حزيران 2021،  قررت الفصائل التى تشير لنفسها باسم "فصائل المقاومة"، باعتبارها جزءاً أساسياً من محور المقاومة الذي تقوده إيران، استمرار تكثيف الهجمات على القوات والأصول الأمريكية المتواجدة داخل الأراضي العراقية.

في أول رد فعل للفصائل المسلحة الشيعية العراقية، قامت باستهداف السفارة الأمريكية الواقعة فى المنطقة الخضراء شديدة التحصين بالعاصمة العراقية بغداد، باستخدام طائرة بدون طيار، في وقت متأخر من يوم 6 يوليو/تموز 2021، وتمكن نظام الدفاع الخاص بالسفارة من صد الطائرة المسيَّرة.

قبل ساعات من استهداف الفصائل المسلحة العراقية للسفارة الأمريكية، تم أيضاً استهداف قاعدة عين الأسد التي تستضيف قوات أمريكية، والواقعة في الأجزاء الجنوبية من العراق.

حرب مفتوحة

على ما يبدو أن الفصائل المسلحة العراقية المقربة من إيران، عازمة على تصعيد الصراع مع الولايات المتحدة، حتى تقوم الأخيرة بسحب كامل قواتها من البلاد. في حديثه لـ"عربي بوست"، يقول أحد القادة العسكريين في الفصيل المسلح عصائب أهل الحق: "قمنا بإنذار الأمريكان أكثر من مرة بضرورة خروجهم من العراق، وانتظرنا أن يتخذ الكاظمي أي خطوة فى طريق إخراج قوات العدو، ولكن لم يهتم أحد، وجاء وقت التنفيذ. فصائل المقاومة لن تتراجع عن طرد الأمريكان من العراق، ولتكن حرباً مفتوحة بيننا وبينهم".

كان رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، قد طلب من الولايات المتحدة سابقاً، تحديد جدول زمني لانسحاب القوات الأمريكية من العراق، وقد شكل فريقاً مفاوضاً، للتحدث مع الجانب الأمريكي بشأن ضرورة اتخاذ هذه الخطوة، لكن على ما يبدو أن الأمر لم ينجح.

يقول مصدر حكومي من مكتب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، لـ"عربي بوست": "في السابق، كان الكاظمي لا يريد خروج القوات الأمريكية من العراق؛ نظراً لاستمرار خطر داعش، لكن منذ أشهر وهو يحاول مع واشنطن تنفيذ هذا الانسحاب، لضمان استقرار الأمن والأوضاع داخل العراق قبيل الانتخابات البرلمانية".

وبحسب المصدر ذاته، فإن واشنطن وضعت شرطاً اعتبرته الحكومة العراقية تعجيزياً، مقابل خروج قواتها والتحالف الذي تقوده من العراق، فيقول المصدر: "طلبت واشنطن من الكاظمي ضمانات عراقية لمنع تعرض السفارة الأمريكية للاستهداف من قبل الفصائل، فى حالة خروج القوات الأمريكية من البلاد، كما طالبت بوضع حد لتصرفات الفصائل، حينها سيكون الجدول الزمني للخروج من العراق قيد التفاوض".

وبحسب المصدر السابق، فإن الكاظمي اعتبر الشروط الأمريكية تعنتاً لعدم سحب القوات الأمريكية من العراق، وتؤدي إلى وضعه في مأزق مع الفصائل المسلحة التى تعلن عداءها له منذ اليوم الأول لتنصيبه في مايو/أيار 2021، بسبب مزاعم الفصائل المسلحة لتورط الكاظمي في اغتيال القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، ورفيقه نائب وحدات الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، في يناير/كانون الثاني 2020 بطائرة بدون طيار بالقرب من مطار بغداد الدولي.

استكمال خطة استهداف القوات الأمريكية

في وقت سابق من هذا الشهر، وضعت الفصائل المسلحة العراقية القريبة من إيران، والتي هي أيضاً جزء من وحدات الحشد الشعبي العراقي، القوة التي تأسست في عام 2014 لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، خطة من جزءين لاستهداف القوات والأصول الأمريكية في العراق وخارجه، بهدف إخراج الولايات المتحدة من البلاد. بحسب قادة شبه عسكريين تحدثوا لـ"عربي بوست".

في يوم 11 يوليو/تموز الجاري، بدأت الفصائل المسلحة العراقية، الجزء الثاني من خطتها لإخراج القوات الأمريكية. جدير بالذكر أن الجزء الأول من الخطة كان يشمل تكثيف استهداف القوات الأمريكية المتمركزة في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، والأصول الأمريكية على الحدود العراقية- السورية، بالإضافة إلى السفارة الأمريكية الواقعة فى المنطقة الخضراء بالعاصمة العراقية بغداد.

يقول قائد عسكري، ينتمي إلى فصيل سيد الشهداء، لـ"عربي بوست": "من الممكن أن تمتد خطة فصائل المقاومة لطرد قوات الأمريكان إلى أكثر من ثلاثة أجزاء، كل جزء يهدف إلى استهداف القوات الأمريكية فى مناطق تمركزهم المختلفة فى مختلف أنحاء العراق، وخارج العراق أيضاً".

وبحسب القائد العسكري، فإن في الأيام المقبلة سيكون التركيز على قاعدتي عين الأسد وفكتوريا، ضمن ما جاء فى الاجتماع الموسع لقادة الفصائل المسلحة في نهاية الشهر الماضي، والذي كان يحضره عدد من قادة الحرس الثوري الإيراني، بحسب قادة شبه عسكريين تحدثوا لـ"عربي بوست"، في وقت سابق.

يقول مصدر مقرب من الفصائل المسلحة الشيعية العراقية، المقربة من إيران: "الفصائل عازمة على توجيه ضربات موجعة لأرتال الدعم اللوجيستي الخاصة بقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، مع إيقاف مؤقت لاستهداف القوات الأمريكية في أربيل".

كانت الفصائل المسلحة العراقية قد زادت من هجماتها على مطار أربيل الدولي، وقاعدة بلد التي تستضيف قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بمدينة أربيل.

وبحسب مصدر أمني عراقي رفيع المستوى، مقرب من الفصائل المسلحة، "استهدفت الفصائل حقل العمر، الذي يستضيف القوات الأمريكية، على الحدود العراقية- السورية، بواسطة قذائف هاون 120".

ماذا عن الرد الأمريكي؟

في نهاية الشهر الماضي، قامت الولايات المتحدة باستهداف مقرات ومخازن أسلحة تابعة للفصائل المسلحة الشيعية على الحدود العراقية- السورية، رداً على الاستهداف المتكرر لهذه الفصائل للقوات الأمريكية والبعثات الدبلوماسية، راح ضحية هذه الهجمات الأمريكية حوالي 27 من مقاتلي الفصائل المسلحة، بالإضافة إلى عشرات الجرحى.

فى المقابل، قللت الفصائل المسلحة من قيمة الخسائر المادية التي خلفتها الهجمات الأمريكية، وبحسب قائد شبه عسكري فى فصيل كتائب حزب الله العراقية، قال لـ"عربي بوست": "إن المستودعات التي استهدفها الأمريكان كانت فارغة من الأسلحة".

وخشية من الرد الأمريكي واستهداف آخر للفصائل المسلحة العراقية، بعد تصعيد الصراع في الأيام القليلة الماضية، قامت الفصائل بنقل مقراتها ومخازن الأسلحة إلى أماكن سرية جديدة عبر عشرات الأنفاق على الحدود العراقية- الإيرانية.

يقول مصدر عسكري، في فصيل سيد الشهداء، وهو من ضمن الفصائل المسلحة الشيعية المقربة من إيران، والمناهضة لتواجد القوات الأمريكية فى العراق، لـ"عربي بوست": "هذه المرة، لن يقدر الأمريكان على استهدافنا وضرب مقاتلينا وتفجير مخازن أسلحتنا، لن نسمح بتكرار هذا الأمر، ولن تستطيع استخباراتهم تتبع مقراتنا الجديدة، سيجدون أنفسهم مضطرين لمغادرة بلادنا".

استخدام الطائرات بدون طيار

بدأت الفصائل المسلحة العراقية في استخدام الطائرات بدون طيار، في استهداف القوات الأمريكية بكثافة في الأسابيع القليلة الماضية، وكانت أول مرة يتم استخدام الفصائل لهذا النوع من الأسلحة فى مايو، فى هجوم على قاعدة عين الأسد الجوية العراقية، والتي تستضيف القوات الأمريكية في الجزء الغربي من العراق.

في الآونة الأخيرة، وخاصة في عمليات الاستهداف في الأيام الماضية، زادت الفصائل المسلحة من اعتمادها على الطائرات المسيرة فى الهجوم على القوات الأمريكية. هذه الآلية الجديدة، تزيد من استمرار الصراع بين الفصائل والولايات المتحدة، التي تدرس الآن إمكانية جلب التكنولوجيا الخاصة بصد هذه الطائرات بدون طيار إلى العراق، لضمان عدم وقوع خسائر بشرية ومادية كبيرة".

علاوة على أن الطائرات بدون طيار، التي تستخدمها الفصائل المسلحة ضد القوات الأمريكية، تمثل تهديداً كبيراً لهذه القوات، كما تمثل تهديداً للقوات الأمنية العراقية في ظل غياب منظومة دفاع جوي لصد هذه الطائرات في الأجواء العراقية.

لا مجال للتهدئة

بالعودة إلى خطة الفصائل المسلحة العراقية، لاستهداف القوات الأمريكية فى العراق، وإمكانية التوصل إلى تهدئة في المستقبل القريب، لضمان إجراء الانتخابات البرلمانية المقررة في أكتوبر المقبل.

مصادر شيعية تؤكد أنه لا مجال للتهدئة، فالفصائل عازمة على طرد القوات الأمريكية، والكاظمي لم يقدم لهم أي ضمانات بخروج القوات الأمريكية من العراق. الفصائل المسلحة تريد كسب ثقة أنصارهم، وتحقيق ما وعدت به منذ سنوات بإخراج الأمريكان من العراق".

تحميل المزيد