أعلن مئات المتظاهرين في محافظة ذي قار جنوبي العراق، مساء الثلاثاء 13 يوليو/تموز 2021، دخولهم في اعتصام مفتوح؛ احتجاجاً على ما وصفوه بفساد وسوء إدارة مؤسسات الدولة؛ وذلك على خلفية كارثة حريق مستشفى الحسين التعليمي، التي أدت إلى وفاة 92 شخصاً وإصابة العشرات.
حيث نصب المتظاهرون خيام اعتصام وسط ساحة الحبوبي، المقر الرئيس لاحتجاجات محافظة ذي قار. وأظهرت مقاطع فيديو جرى تداولها على مواقع التواصل جانباً من الاحتجاجات الجديدة.
في وقت سابق من يوم الثلاثاء، قام محتجون بإغلاق بعض المستشفيات الأهلية وسط مدينة الناصرية مركز المحافظة، متهمين تلك المستشفيات بأنها من "أذرع الفساد، خاصة لعدم تقديمها خدمة صحية مناسبة للمرضى".
من جهته، قال منصور العلي، أحد أعضاء الحراك الشعبي في ذي قار، إن "المئات من أهالي المحافظة نصبوا خيام الاعتصام في ساحة الحبوبي وسط الناصرية، احتجاجاً على سوء الإدارة والفساد التي تشهدها مؤسسات الدولة في المحافظة".
العلي أوضح أنه "بسبب سوء الإدارة والفساد وغياب العقاب والرقابة، قُتل المرضى مساء الإثنين في مستشفى الحسين التعليمي"، منوهاً إلى أن "الحراك الشعبي أعاد نصب الخيام كرسالة جديدة على أن الوضع السائد سابقاً في المحافظة يجب أن يتغير جذرياً".
احتجاجات متجددة
كان الحراك الشعبي في ذي قار رفع خيام الاحتجاج من ساحة الحبوبي في أبريل/نيسان الماضي، بعد حصول بعض الإصلاحات في المحافظة منها تعيين محافظ جديد وتعهد بتحسين الوضع الخدمي والكشف عن قتلة المتظاهرين ومكافحة الفساد وسوء الإدارة.
تعد محافظة ذي قار إحدى البؤر النشطة للاحتجاجات الشعبية؛ حيث يقطنها أكثر من مليوني شخص، ويحتج قطاع واسع من سكانها على سوء الإدارة وتردي الخدمات وندرة فرص العمل.
في حين تبلغ نسبة البطالة في العراق، الغني بالنفط، 27% فيما تبلغ نسبة الفقر 31.7%، وفق أحدث إحصاء لوزارة التخطيط العراقية.
ويشهد العراق احتجاجات مستمرة على نحو متقطع منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019؛ بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، واستمرار الفساد المالي والسياسي.
اعتقال 13 مسؤولاً
في السياق ذاته، أصدرت محكمة استئناف محافظة ذي قار، الثلاثاء 13 يوليو/تموز 2021، أوامر قبض بحق 13 مسؤولاً في مديرية صحة المحافظة، بينهم مدير عام الدائرة، صدام الطويل، تزامناً مع تصاعد الغضب بين المواطنين، جراء الفاجعة الجديدة التي تمر بها البلاد.
فيما لم يذكر البيان تفاصيل إضافية حول أسماء ومناصب المسؤولين الذين صدرت بحقهم أوامر قبض.
كان محققون حكوميون قد وصلوا إلى الناصرية صباح الثلاثاء. وقال بيان من مكتب رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، إن النتائج التي سيتوصلون إليها ستُعلن خلال أسبوع.
ارتفاع أعداد الضحايا
إلى ذلك، ارتفعت حصيلة قتلى حريق في المستشفى، الذي يقع بمدينة الناصرية، إلى 92 شخصاً وفق دائرة صحة ذي قار، بعد أن وصلت الحصيلة السابقة إلى 72 قتيلاً.
كما أكد مسؤولون في قطاع الصحة أن أكثر من 100 شخص، من المرضى والزائرين، أصيبوا في الحريق.
كان رئيس الوزراء العراقي، قد أمر، مساء الإثنين، بعد اجتماع طارئ مع عدد من مسؤولي حكومته بتوقيف عدد من المسؤولين المحليين لحين الانتهاء من التحقيق في حريق مستشفى الحسين.
كما شمل أمر الكاظمي كلاً من، مدير صحة ذي قار، ومدير المستشفى، ومدير الدفاع المدني في المحافظة، فضلاً عن قرار بإعلان الحداد الرسمي على أرواح الضحايا، دون تحديد أيام معينة.
في غضون ذلك، لفتت الشرطة وسلطات الدفاع المدني إلى أن تحقيقاً كشف أن الحريق بدأ عندما تسبب شرر متطاير من أسلاك تالفة في انفجار خزان أوكسجين في المستشفى.
في حين تواجه السلطات العراقية اتهامات بالإهمال من جانب أقارب الضحايا المكلومين ومن بعض الأطباء الذين يعملون بمستشفى الحسين التعليمي.
ثاني مأساة من نوعها
كان محافظ ذي قار، أحمد غني الخفاجي، أمر، مساء الإثنين، بتشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات الحريق، على أن تُقدم تقريرها النهائي خلال 48 ساعة، كما أعلن الحداد في المحافظة، وتعطيل الدوام الرسمي لمدة 3 أيام بدءاً من الثلاثاء.
يشار إلى أن هذه الحادثة هي ثاني مأساة من نوعها في العراق خلال ثلاثة أشهر، حيث أودى انفجار مماثل في مستشفى ببغداد لعلاج مصابي كوفيد-19 بحياة 82 على الأقل وأصاب 110 آخرين خلال شهر أبريل/نيسان المنصرم.
جدير بالذكر أن لدى العراق بنى تحتية محدودة ومتهالكة في مختلف القطاعات بينها قطاع الصحة جراء عقود من الحروب المتتالية وعدم استقرار الأوضاع الأمنية والفساد المستشري في البلاد.