تدفق البضائع المصرية عبر رفح وتيسير في حركة الانتقال.. هل تسعى إسرائيل لنقل مسؤولياتها إلى القاهرة؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/07/13 الساعة 14:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/07/13 الساعة 14:56 بتوقيت غرينتش

 منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، بات النقاش يزداد داخل الأوساط السياسية في إسرائيل وغزة، عن سعي إسرائيل لترسيخ استراتيجية جديدة في غزة تقوم على نقل مسؤولية تحمل الأوضاع المعيشية من إسرائيل ونقلها لمصر؛ حيث تقوم القاهرة منذ توقف الحرب بمسؤولية شبه كاملة في توفير مستلزمات غزة من البضائع والسلع، ونسبة البضائع المصرية في غزة تزداد شيئاً فشيئاً مقابل تراجع ما يتم توريده من إسرائيل بسبب إغلاق المعابر.

خلال المرحلة التي تلت العملية العسكرية الإسرائيلية ضد غزة في مايو/أيار، شددت إسرائيل من حجم التضييق الاقتصادي على القطاع، كجزء من استراتيجية عبرت عنها بشكل واضح ومباشر بربط ملف الإعمار والتسهيلات الاقتصادية لغزة بإحداث تقدم في ملف المفاوضات حول الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حماس.

الخبير العسكري الإسرائيلي أليكس فيشمان ذكر في صحيفة يديعوت أحرونوت أن "النتيجة السياسية الفورية الأهم من حرب غزة أن مصر بدأت تأخذ تدريجياً وبشكل متزايد المسؤولية عن اقتصاد غزة، وكلما شددت إسرائيل من عملية نقل البضائع والأموال لإعادة الإعمار، تجد مصر نفسها تلقائياً، وبخلاف رغبتها، تتدخل بشكل فوري لإدارة القطاع، وبالتالي قد يقود الوضع القائم الآن لفك الارتباط الإسرائيلي من المسؤولية عن سكان غزة".

رامي أبوالريش، مدير عام التجارة والمعابر في وزارة الاقتصاد بغزة، قال لـ"عربي بوست" إن "معبر رفح يعمل لأغراض التجارة بين غزة ومصر ثلاثة أيام في الأسبوع، وخلال الفترة التي تلت الحرب، ارتفع متوسط عدد الشاحنات التجارية القادمة من مصر إلى غزة من 200 إلى 500 شاحنة أسبوعياً، وأبرز الأصناف التي يتم توريدها تشمل مواد غذائية وأعلافاً ومنتجات ورقية وملابس ومواد البناء باستثناء الحديد".

وأضاف أن "الحركة التجارية بين غزة ومصر ارتفعت في الفترة التي تلت الحرب، ويعود ذلك لإغلاق إسرائيل لمعبر كرم أبوسالم، لفترات طويلة خلال الأسابيع الأخيرة، ولكن ما يلاحظ أن كمية البضائع الواردة من مصر تقترب مما يتم إدخاله عبر إسرائيل، حيث لا يزيد متوسط عدد الشاحنات القادمة عبر إسرائيل على 600 شاحنة أسبوعياً، مقابل 2500 شاحنة في الفترة ما قبل الحرب".

الخروج من عنق التضييق الإسرائيلي 

وتابع أننا "نتطلع لبناء شراكة اقتصادية مع مصر، ولدينا تقدير أنه في حال سمحت بفتح معبر رفح على مدار الأسبوع للحركة التجارية، فإن العوائد الاقتصادية لمصر ستزيد عن مليار دولار سنوياً، تمثل 40% من حجم الواردات السنوية لقطاع غزة".

قد تكون تطلعات المسؤولين في غزة، لتطوير العلاقة التجارية مع مصر نابعة من رغبتهم في الخروج من عنق التضييق الإسرائيلي على المعابر، فإسرائيل هي المتحكم بشريان العجلة الاقتصادية لغزة، من خلال سيطرتها المطلقة على الصادرات السلعية من غزة المقدرة بـ14 مليون دولار سنوياً، علاوة على تحكمها المباشر في 80% من حجم الواردات السلعية سنوياً.

أسامة كحيل، رئيس اتحاد المقاولين في غزة، قال لـ"عربي بوست" إن "فتح مصر لمعابرها مع غزة، لم ينعكس بشكل كبير ومؤثر على الحالة الاقتصادية في غزة؛ لأنها لا تزال تخضع للقيود الإسرائيلية بتقييد عدد الشاحنات التي تمر يومياً لغزة، كما أن السلع التي لا تسمح إسرائيل بمرورها لغزة، ترفض مصر إدخالها وأهمها الحديد الخاص بمواد البناء بحجة الاستخدام المزدوج".

ليس سراً أن مرور الشاحنات عبر بوابة صلاح الدين التجارية قرب معبر رفح بين غزة ومصر، يساهم في زيادة إيرادات حكومة حماس من الجمارك والضرائب، كونه لا يخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية، ولا تجبي منه إيرادات، كما هو الحال في معبر كرم أبوسالم بين غزة وإسرائيل.

سمير عبدالله، وزير العمل والتخطيط السابق في السلطة الفلسطينية وكبير باحثي معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني-ماس، قال لـ"عربي بوست" إن "الرغبة الإسرائيلية في فك الارتباط بغزة واردة وبقوة، ويمكن ربط ذلك بقرار الانسحاب أحادي الجانب الذي نفذه رئيس الوزراء السابق أريئيل شارون في 2005، ولكن مثل هذا القرار كان من الصعب حدوثه قبل سنوات بسبب استحالة إيجاد إسرائيل لأسواق خارجية لتسويق منتجاتها، ولكن الآن في ظل انفتاح إسرائيل على محيطها العربي في الشرق الأوسط والخليج العربي تستطيع البحث عن أسواق جديدة لتصريف منتجاتها".

عقبات تواجه إسرائيل..

وأضاف أن "هنالك عقبة قد تواجه إسرائيل في قرار استراتيجي كهذا، وهي توصيات المؤسسة الأمنية التي قد ترى أن ممراً تجارياً كبيراً بين غزة ومصر سيعزز من إيرادات حماس المالية، وقد يسمح في المقابل بتهريب أجهزة اتصالات حديثة ومتطورة؛ مما قد يجبر إسرائيل على إعادة النظر في هذه المسألة من جديد، كما أن السلطة الفلسطينية سترفض هذه الخطوة، لما لها من تداعيات سلبية على إيراداتها المالية التي تجبيها من مقاصة غزة المقدرة بـ70 مليون دولار شهرياً".

مرت العلاقة التجارية بين غزة ومصر بمرحلتين رئيسيتين، الأولى، ما تعرف بفترة أنفاق التهريب بين 2007-2008، وشهدت اعتماد غزة بشكل شبه كامل على السوق المصري في توفير السلع والمنتجات، واتسمت العلاقة بالسرية وبدون اتفاقيات رسمية بينهما.

وجاءت الفترة الثانية مع تولي يحيى السنوار رئاسة حماس في غزة في 2017، حيث سعى لتوطيد وتحسين العلاقة السياسية مع المسؤولين المصريين لتنظيم الحركة التجارية بين الطرفين بشكل رسمي من خلال إقامة منطقة تجارية بجانب معبر رفح تعرف بوابة صلاح الدين تخضع لسيطرة مطلقة لحكومة حماس، وتجبي منها إيرادات جمركية وضريبية لكل شاحنة تجارية تمر من مصر لغزة.

ماهر الطباع، مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة التجارة والصناعة في غزة، قال لـ"عربي بوست" إن "مسألة توسيع وتنظيم العلاقة التجارية بين غزة ومصر كانت مطلباً للقطاع الخاص على مدار السنوات الماضية، لكن القبول بهذه العلاقة يجب أن يتم بموافقة السلطة الفلسطينية، لأن قراراً بهذا الحجم سواء اتُّخذ في إسرائيل أو مصر، ستكون له تبعات سياسية خطيرة على الحالة الفلسطينية، لأنه يمثل انفصالاً بين شطري الوطن، عبر إقامة دولة في غزة تديرها حماس، ودولة في الضفة تديرها حركة فتح".

وأضاف أن "مطلبنا هو توسيع الشركاء التجاريين لغزة، وتعزيز استراتيجية الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل؛ لذلك نحن ندعم ونبدي ارتياحنا لما أبدته مصر من بادرة بفتح معبر رفح لمرور الأفراد والسلع، لأنها ساهمت، ولو نسبياً، في التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية في غزة بعد الحرب، بسبب قرار إسرائيل إغلاق المعابر".

تحميل المزيد