على وقع تفاقم أزمة سد النهضة، أعلنت إثيوبيا، الإثنين 12 يوليو/تموز 2021، عن توقيع اتفاقية تعاون عسكري مع روسيا من أجل تعزيز قدرات الجيش ورفع كفاءته، وذلك في ختام منتدى التعاون العسكري التقني الإثيوبي الروسي الحادي عشر، والذي امتد لثلاثة أيام.
فيما ستركز الاتفاقية على تحويل قدرات قوات الدفاع الوطني في مجالات المعرفة والمهارة والتكنولوجيا، طبقاً لما أوردته وسائل إعلام إثيوبية.
من جهتها، أكدت وزيرة الدولة للشؤون المالية في قوة الدفاع الوطني الإثيوبية، مارثا لويجي، أن الاتفاقية الموقعة مع روسيا لها "أهمية قصوى في تحويل العلاقات طويلة الأمد بين البلدين إلى مستوى أعلى".
كانت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية قد كشفت، السبت 10 يوليو/تموز، أن اللجنة الفنية العسكرية الإثيوبية الروسية، بدأت عقد اجتماعاتها الـ11 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين، وزيادة المعرفة والتقنيات العسكرية المستخدمة.
في هذا الإطار، أكدت وزيرة الدفاع الإثيوبية، مارتا لويجي، أن التعاون المشترك بين روسيا تعزز بعد المناقشات التي أجراها رئيس الوزراء آبي أحمد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيرة إلى أن الموقف الروسي كان مؤيداً لبلادها في مختلف القضايا والساحات الدولية، ومن بينها الانتخابات العامة الإثيوبية، وسد النهضة، وفق قولها.
وزيرة خارجية السودان في موسكو
في وقت سابق من يوم الإثنين، بحثت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، القضايا الإقليمية وسبل تطوير التعاون المشترك.
جاء ذلك خلال لقائهما بالعاصمة الروسية موسكو، بحسب بيان للخارجية السودانية أكد على عمق العلاقات الثنائية بين البلدين.
البيان السوداني أوضح أن الوزيرين ناقشا سبل تطوير العلاقات في مختلف المجالات، وتفعيل آليات العمل الثنائية، مشدّداً على ضرورة تطوير التعاون في المجال الثقافي والتدريب ورفع القدرات.
كما تبادل الجانبان وجهات النظر حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى التنسيق المشترك في إطار المنظمات الدولية.
في حين عبّرت المهدي عن ثقتها في أن روسيا تستطيع إقناع إثيوبيا "بتحكيم صوت العقل" في أزمة سد النهضة، لأن موسكو بما لديها من علاقات طيبة مع أديس أبابا يمكنها أن تسعى إلى إقناع الأخيرة بضرورة الوصول إلى اتفاق يضمن مصالح الدول الثلاث، وعدم الإضرار بالسودان، وفقاً لما نقلته عنها وكالة "سبوتنيك" الروسية.
كانت المهدي قد وصلت، الأحد، إلى روسيا الاتحادية في زيارة رسمية تمتد 3 أيام، وفق بيان الخارجية السودانية.
مصر كانت تعول على تدخل روسي
يذكر أن تقارير صحفية تحدثت، خلال شهر أبريل/نيسان 2021، عن أن مصر تعول على تدخل روسي في أزمة سد النهضة، وذلك عقب استقبال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لوزير خارجية روسيا سيرغي لافروف.
حيث قال وزير الخارجية المصري، في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع وزير الخارجية الروسي، إن بلاده تعول على قدرة روسيا في الدفع نحو وقف الإجراءات الأحادية من جانب إثيوبيا في ملف سد النهضة، مشدّداً على أن القاهرة أبدت مرونة في مفاوضات السد، ومعرباً عن أسفه لتعثر المفاوضات بسبب ما وصفه بالتعنت الإثيوبي.
حل يحقق مصالح الأطراف كافة
حينها أكد وزير الخارجية الروسي موقف بلاده الثابت بـ"رفض المساس بالحقوق المائية التاريخية لمصر في مياه النيل، ورفض الإجراءات الأحادية في هذا الصدد"، معرباً عن التقدير لما وصفه بـ"الجهود الحثيثة والمخلصة التي تبذلها مصر في هذا الإطار"، وعن تطلع موسكو إلى "التوصل إلى حل يحقق مصالح الأطراف كافة، من خلال المفاوضات في أقرب وقت ممكن".
لافروف أشار إلى أن بلاده تولي "تطورات ملف سد النهضة اهتماماً كبيراً، كما تتطلع إلى استمرار الحوار بين الدول الثلاث، بشأن الوصول إلى اتفاق مُرضٍ لجميع الأطراف"، مضيفاً: "نحن مقتنعون بأن هناك حلاً لأزمة سد النهضة يضمن المصالح الشرعية للدول الثلاث".
لكن وزير الخارجية الروسي استدرك: "نعول على دور الاتحاد الإفريقي في استئناف المفاوضات"، مشيراً أن روسيا لم تتم دعوتها من قبلُ إلى الوساطة في ملف السد.
مجلس الأمن الدولي
يشار إلى أن مجلس الأمن الدولي كان قد عقد، الخميس، جلسة بشأن نزاع "سد النهضة"، هي الثانية من نوعها بعد أولى جرت العام الماضي؛ لتحريك جمود المفاوضات بين إثيوبيا ومصر والسودان.
لكن المجلس لم يصدر أي قرار بشأن مسودة القرار العربي التي تطالب بمواصلة المفاوضات بين الدول الثلاث لمدة 6 أشهر بغية التوصل إلى اتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد.
فيما أعاد مجلس الأمن قضية سد "النهضة" إلى الاتحاد الإفريقي، داعياً الدول الثلاث إلى المضي في مسار التفاوض، ودون تحديد سقف زمني، كما طالبت مصر والسودان.
كانت إثيوبيا قد أخطرت، الإثنين 5 يوليو/تموز، دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، ببدء عملية ملء ثانٍ للسد بالمياه، من دون التوصل إلى اتفاق ثلاثي، وهو ما رفضته القاهرة والخرطوم، باعتباره إجراءً أحادي الجانب.
فشل متواصل لجولات المفاوضات
يأتي ذلك بعدما فشلت الجولة الأخيرة من مفاوضات السد، إثر إعلان الخارجية السودانية، الأحد 10 يناير/كانون الثاني 2021، فشل التوصل إلى صيغة مقبولة لمواصلة التفاوض حول "سد النهضة"، مؤكدةً أن الخرطوم لن تواصل المفاوضات، في الوقت الذي عبَّرت فيه وزيرة خارجية جنوب إفريقيا عن أسفها لوصول مفاوضات سد النهضة إلى "طريق مسدود".
حينها أعلن وزير الخارجية السوداني المكلف، عمر قمر الدين، آنذاك، عن تقديم بلاده اشتراطات إلى الاتحاد الإفريقي للعودة إلى مفاوضات "ذات جدوى" في ملف سد النهضة، ملوِّحاً بأن الخرطوم لديها "خيارات" أخرى.
كانت الإدارة الأمريكية أعلنت، في فبراير/شباط 2019، التوصل إلى اتفاق حول آلية عمل سد النهضة، وقَّعت عليه القاهرة بالأحرف الأولى، وامتنعت إثيوبيا بدعوى انحياز واشنطن إلى مصر، إثر جولات من المفاوضات جرت بواشنطن.
لكن المفاوضات تعثرت مجدداً بين الدول الثلاث، وهو الأمر المستمر منذ نحو 9 سنوات، وسط اتهامات متبادلة بين القاهرة وأديس أبابا بالتعنت والرغبة في فرض حلول غير واقعية.
إذ تُصر أديس أبابا على تنفيذ ملء ثانٍ للسد بالمياه، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق بشأنه، وتقول إنها لا تستهدف الإضرار بالخرطوم والقاهرة، وإن الهدف من السد هو توليد الكهرباء لأغراض التنمية.
بينما تتمسك الخرطوم والقاهرة بالتوصل أولاً إلى اتفاق ثلاثي حول ملء وتشغيل السد؛ للحفاظ على سلامة منشآتهما المائية، ولضمان استمرار تدفق حصتيهما السنويتين من مياه نهر النيل.
وفي أقوى تهديد لأديس أبابا، قال الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، في 30 مارس/آذار الماضي، إن "مياه النيل خط أحمر، وأي مساس بمياه مصر سيكون له رد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل".