الكهرباء تعود لمناطق في شمال غرب سوريا عبر تركيا.. توافر التيار يتسبب بانتعاش الأعمال

عربي بوست
تم النشر: 2021/07/11 الساعة 10:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/07/11 الساعة 10:47 بتوقيت غرينتش
مدينة إدلب في شمال غرب سوريا - رويترز

عادت الكهرباء مجدداً إلى مناطق شمال غرب سوريا، بعدما بدأت شركة في استجرار التيار من تركيا المجاورة، فاتحة المجال أمام زيادة النشاط التجاري في المنطقة الخارجة عن سيطرة نظام بشار الأسد

داخل محله الصغير في مدينة إدلب شمال غرب البلاد، يعرض أبو عماد أصنافاً جديدة من الحلويات والمثلجات أمام زبائنه، من دون أن يخشى من انقطاع الكهرباء، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية. 

كانت حكومة الأسد قد توقفت عن إمداد المناطق الخارجة عن نفوذها بالكهرباء وخدمات أخرى، ومن بينها إدلب التي سيطرت عليها الفصائل المقاتلة، والمعارضة في صيف عام 2015، كما أن النظام يشهد حالياً عجزاً في تأمين الكهرباء بشكل كبير للمناطق التي يسيطر عليها. 

لذلك اعتمد السكان خلال السنوات الأخيرة على مولدات خاصة، أو على الاشتراك في مولدات يملكها متمولون أو قوى محلية، فضلاً عن ازدهار ألواح الطاقة الشمسية.

ترتسم ابتسامة عريضة على وجه أبو عماد (31 عاماً) الذي يعمل من دون توقف في محل المثلجات والحلويات، وقال: "سيساعدنا توافر الكهرباء كثيراً ونعد حالياً أصنافاً كنا قد استغنينا عنها" في السنوات الأخيرة.

يضيف الشاب الذي كان يعتمد على الاشتراك بمولدات خاصة لتوفير الكهرباء لساعات محددة مقابل كلفة مادية مرتفعة: "كنا نحضر صنفاً أو اثنين من قوالب الحلوى، لكننا بدأنا الآن ننوعها أكثر ونملأ براداتنا لأننا قادرون على تشغيلها".

يعود ذلك لبدء شركة "غرين إنيرجي" الخاصة منذ مطلع أيار/مايو باستجرار الكهرباء من تركيا لتغذية المدن والبلدات الكبرى، بعد حصولها -وفق القيمين عليها- على موافقة السلطات التركية وحكومة الإنقاذ، السلطة المحلية العاملة في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى في إدلب ومحيطها.

على غرار أبو عماد، باتت المؤسسات التجارية والمرافق الخدمية في مدينة إدلب ومناطق في ريفها قرب الحدود التركية تحظى منذ مطلع الشهر الحالي بتغطية تتجاوز 15 ساعة يومياً، بينما تنعم المنازل بالتيار لعشر ساعات على الأقل.

تغذية المناطق المكتظة

وفي شوارع عدة بمدينة إدلب، تنتشر ورش وعمال صيانة يرتدون سترات صفراء تحمل اسم الشركة، يعاين بعضهم خطوط الكهرباء ويمدون خطوطاً أخرى، بينما ينهمك آخرون في تزويد المنازل والمؤسسات والمرافق الخدمية بالعدادات.

يقول المدير التنفيذي للشركة أسامة أبو زيد في تصريح للوكالة الفرنسية، إن العمل بدأ في مرحلة أولى بإنشاء محطة تحويل في الجانب التركي، تولّت الحكومة التركية تجهيزها. وفي مرحلة ثانية، أنشئت محطة استقبال في مدينة حارم، تكفّلت الشركة بتجهيزها.

تعمل الشركة على تزويد "المرافق الخدمية كمحطات مياه والمنشآت الصحية والمشافي بالكهرباء، كذلك الأمر تم تغذية عدد من الأفران والمراكز الخاصة بمؤسسات الحبوب كالصوامع والمطاحن".

لكن تقتصر التغذية حالياً على المدن "ذات الكثافة السكانية الأعلى"، كإدلب وحارم وسرمدا والدانا وسواها وفق أبو زيد، على أن يتم تأمين الكهرباء لبقية المناطق بعد تجهيز الشبكات وخطوط الإمداد اللازمة.

تُسعر الشركة الأمبير الواحد بخمسين ليرة تركية، العملة المتداولة في شمال وشمال غرب سوريا، ويمكن للمواطنين شراء بطاقات مسبقة الدفع.

كانت "حكومة الإنقاذ" قد أقرت التعامل بالليرة التركية بها قبل عام على وقع تدهور سعر صرف الليرة السورية.

تعود كل العائدات المالية وفق أبو زيد للشركة "كونها في مرحلة تأسيسية وتأخذ على عاتقها إعادة تأهيل كافة خطوط المتوسط والمراكز التحويلية وشبكات المنخفض".

ونفى أن يكون للسلطات المحلية أو الفصائل النافذة أي حصّة من العائدات. ويقول: "نحن شركة مزودة ولا يوجد أي تبعية لحكومة الإنقاذ" التي يقتصر عملها على ملاحقة ما قد "تتعرض له الشبكات والمراكز التحويلية والكابلات الأرضية من أضرار وتعديات.. ومحاسبة" المتورطين.

كذلك أشار أبو زيد إلى أن "تأمين مصدر للطاقة يعني انتعاشاً اقتصادياً خدمياً لمناطق الشمال السوري المحرر".

وجود تركي في شمال سوريا

تحظى تركيا بنفوذ في مناطق بإدلب، وفي مناطق في محافظة حلب (شمال سوريا)، وإلى جانب رعايتها لمجالس محلية أنشاتها لإدارة تلك المناطق وتواجد عسكري لقواتها، ضاعفت تركيا استثماراتها في قطاعات عدة. وتتواجد فيها مكاتب بريد واتصالات وتحويل أموال تركية ومدارس تعلّم باللغة التركية.

أما في إدلب ومحيطها، حيث تخضع المنطقة الخارجة عن سيطرة الأسد لاتفاق تهدئة مع روسيا، أبرز داعمي النظام، فيبدو النفوذ التركي أقل رغم محاذاتها للحدود. 

رغم ذلك، تقدّم منظمات تركية غير حكومية الدعم وتنفّذ العديد من المشاريع، من بينها بناء وحدات سكنية تحلّ مكان المخيمات العشوائية.

في هذا السياق، نقلت وكالة الأناضول عن مدير هيئة الإغاثة التركية بولنت يلدريم في أيار/مايو أنّ منظمته شيّدت نحو 15 ألف وحدة بمساحة 24 متراً مربعاً، بينما تخطط كل المنظمات العاملة في هذا الإطار لتشييد 50 ألف وحدة جديدة.

تقول الباحثة لدى مجموعة الأزمات الدولية دارين خليفة، للوكالة الفرنسية، إن "استثمار تركيا في إدلب على المستوى العسكري أو المالي، يهدف بالدرجة الأولى إلى منع تدفق موجات جديدة من اللاجئين السوريين إلى أراضيها، حيث تستقبل نحو 3,6 مليون لاجئ".

أضافت أنه ليس لدى أنقرة إمكانيات "اقتصادياً أو سياسياً لاستيعاب موجة جديدة من اللاجئين"، وبالتالي فإن ما ترغب في تحقيقه على المستوى الاستراتيجي هو "الحفاظ على الوضع الراهن وإبقاء السوريين في إدلب على الجانب الآخر من الحدود".

تحميل المزيد