تتجه الأنظار صوب محكمة أمن الدولة الأردنية، التي من المقرر أن تصدر حكمها، الإثنين المقبل 10 يوليو/تموز 2021 بقضية الأمير حمزة، أو التي يطلق عليها الأردن "قضية الفتنة"، التي شغلت الرأي العام؛ وذلك لارتباطها بالأمير حمزة، الأخ غير الشقيق لعاهل البلاد الملك عبدالله الثاني.
تُعد هذه القضية دخيلة في مضمونها على الدولة الأردنية؛ إذ لم يسبق أن مرت المملكة بتفاصيل مشابهة منذ تأسيسها قبل 100 عام، فضلاً عن أطرافها وحساسية أماكنهم ومناصبهم، وأدوارهم المهمة قبل دخولهم قفص الاتهام.
أثارت القضية جدلية واسعة سادت أوساط المتابعين، دفعت بها تساؤلات طبيعية تجاه مضمون القضية، ومصالح المتهمين الرئيسيين في زعزعة أمن بلادهم بالاشتراك مع "جهات خارجية" لم تحدد طبيعتها، في ما إذا كانت دولاً أم أطرافاً أم تنظيمات.
صالح العرموطي، القانوني المخضرم وعضو مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان)، قال في تصريح لوكالة الأناضول: "لا أعتقد أن هناك قضية ترتب المساءلة القضائية الجزائية، ولا يوجد أي دليل يربط المتهمين بالتهم المسندة إليهم".
أضاف العرموطي الذي شغل سابقاً منصب نقيب المحامين الأردنيين أن "المحكمة لم تمكن المتهمين من تقديم بينة للدفاع عن أنفسهم وسماع شهادة الشهود الذين طلبتهم هيئة الدفاع وهي منتجة في الدعوة، وستكون سبباً للطعن في القرارات الصادرة إذا ما أدين المتهمون".
كذلك اعتبر أن الطعن "حق مشروع ومحصن دستورياً، ومن الضمانات الأساسية للدفاع، وأساس للفصل في هذه الدعوة، خاصة أن المتهمين أكدوا أنهم غير مذنبين بالتهم المسندة إليهم".
محاكمة سريعة
كانت المحكمة قد رفضت طلب دفاع المتهمين باستدعاء عدد من الأمراء للشهادة، ومن بينهم الأمير حمزة، وأوضح العرموطي أن القضية هي "أسرع قضية يبت فيها منذ أكثر من 20 عاماً".
وبدأت محكمة أمن الدولة جلسات النظر بقضية الأمير حمزة في 21 يونيو/حزيران 2021، وحددت يوم الإثنين المقبل موعداً للنطق بالحكم، بالتزامن مع إنهاء الجلسة السادسة، الثلاثاء الماضي.
وعن القرارات القضائية المتوقعة، قال العرموطي: "بصفتي رجل قانون، أؤكد أنه لا قضية والأصل إعلان البراءة من المحكمة"، وأضاف: "إذا صدر أي قرار، سيكون خاضعاً للطعن أمام محكمة التمييز".
أضاف العرموطي: "كنت أتمنى أن ينظر بالقضية أمام القضاء النظامي صاحب الولاية العامة بحكم الدستور وليس الاستثنائي"، واصفاً إياها بأنها "قضية سياسية وليس لها أي بعد قانوني، وآثارها السلبية ستكون أكثر من نتيجة المحاكمة"، من دون أن يوضح طبيعة ذلك.
كذلك أوضح أن "ما ورد على لسان وزير الخارجية (أيمن الصفدي) في المؤتمر الصحفي إبان الإعلان عن تفاصيل القضية (4 أبريل/نيسان الماضي)، وما أعلنه رئيس الوزراء أمام مجلس النواب بأن القضية ليست انقلاباً وإنما زعزعة".
ورأى أن "التهم لم تثبت حتى من خلال أدلة النيابة، والنيابة أخفقت في ذلك، وأقول ذلك بكل تجرد كرجل قانون وأول مترافع أمام محكمة أمن الدولة عام 1991، بعد إلغاء الاحكام العرفية، وقد قاطعتها منذ أعوام".
تُعد محكمة أمن الدولة هي ذات ولاية قضائية خاصة على الجرائم التي تضر بالأمن الداخلي والخارجي للمملكة، أنشئت عام 1959، وتتشكل هيئاتها من مدنيين وعسكريين، وأحكامها قابلة للطعن لدى محكمة التمييز (أعلى هيئة قضائية بالبلاد).
جلسة علنية أم سرية؟
من جانبه، قال ليث نصراوين، أستاذ القانون الدستوري في الجامعة الأردنية (حكومية)، إن "جلسة النطق بالحكم في القضية يجب أن تكون علنية، وذلك استناداً إلى أحكام الفقرة الثالثة من المادة 101 من الدستور، التي تعتبر أن الأصل في جلسات المحاكم علنية، وأنه يجوز للمحكمة أن تعقد جلسات سرية مراعاة للنظام العام أو محافظة على الآداب العامة، إلا أن سرية الجلسات لا تشمل جلسة النطق بالحكم".
كانت المحكمة قد عقدت جلساتها بشكل سري ومغلق عن الإعلام، لما تتعلق به وقائع الدعوى بأمن وأسرار الدولة، فيما لم تعلن المحكمة طبيعة جلسة النطق بالحكم إذا ما ستكون علنية أم سرية.
أما حول القرارات المتوقعة، فأشار نصراوين إلى أنها "لن تخرج عن الحكم بالإدانة وإما إعلان البراءة أو عدم المسؤولية، وفي جميع الأحوال يكون الحكم قابلاً للطعن لدى محكمة التمييز مباشرة".
يحاكم في قضية الأمير حمزة، الرئيس السابق للديوان الملكي الأردني، وباسم عوض الله، والشريف عبدالرحمن حسن بن زيد، أحد أفراد العائلة الحاكمة، ويواجهان تهمتين بـ"جناية التحريض على مناهضة نظام الحكم السياسي القائم بالمملكة"، و"جناية القيام بأعمال من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر وإحداث الفتنة".
كما أسندت تهمة أخرى إلى الشريف حسن بن زيد، بحيازة "مادة مخدرة" (بقصد التعاطي).
بحسب المادة 149 من قانون العقوبات الأردني، فإن عقوبة تقويض نظام الحكم أو التحريض على مناهضته هي الأشغال الموقتة، إذ تتراوح بين 3 و20 عاماً.
قضية الأمير حمزة
وفي 3 أبريل/نيسان الماضي، أعلنت السلطات الأردنية اعتقال رئيس الديوان الملكي الأسبق، باسم عوض الله، والشريف عبدالرحمن، و16 متهماً آخر؛ لـ"أسباب أمنية" لم توضح تفاصيلها.
في الـ22 من الشهر ذاته، قررت النيابة العامة الإفراج عن 16 موقوفاً، بعد توجيه من عاهل البلاد، إلا أن القرار استثنى عوض الله وبن زيد؛ "لاختلاف أدوارهما وتباينها والوقائع المنسوبة إليهما ودرجة التحريض التي تختلف عن بقية المتهمين الذين تم الإفراج عنهم"، من دون مزيد من التفاصيل.
كانت عمَّان قد أعلنت في 4 أبريل/نيسان الماضي، أن "تحقيقات أولية" أظهرت تورط الأمير حمزة (41 عاماً)، الأخ غير الشقيق للملك عبدالله الثاني، مع "جهات خارجية" في "محاولات لزعزعة أمن البلاد" و"تجييش المواطنين ضد الدولة"، وهو ما نفى صحته الأمير حمزة، ولي العهد السابق.
ثم تدخل الأمير الحسن، عم الملك، لاحتواء الخلاف داخل الأسرة الهاشمية، ما يعني عدم محاكمة الأمير حمزة. وبالفعل أسفر هذا المسعى عن توقيع الأخير رسالة أعلن فيها الولاء للملك.