قالت صحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة 9 يوليو/تموز 2021، إن كلاً من إيران وتركيا وباكستان وروسيا بدأت تحركاتها لملء الفراغ العسكري والدبلوماسي الناشئ في أفغانستان، بعد رحيل القوات الأمريكية والتقدم العسكري الأخير لحركة طالبان.
الصحيفة البريطانية أشارت إلى أن التقديرات تذهب إلى أن نحو مليون أفغاني سيتدفقون عبر الحدود، هرباً من الصراع الدائر أو حكم طالبان. وتنتشر أخبار، عبر وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانية، أن القوات الأفغانية الحكومية تخلت بالفعل عن معبرين من أصل ثلاثة معابر حدودية بين البلدين، في "إسلام قلعة" و"فراه".
يُذكر أن التقديرات تشير إلى أن إيران تستضيف بالفعل 780 ألف لاجئ أفغاني مسجل، وما بين 2.1 إلى 2.5 مليون أفغاني من غير حاملي الوثائق يعيشون في إيران.
دور إيران في أفغانستان
ففي طهران، التقى وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، مفاوضي حركة طالبان لمناقشة خططهم المزمعة في البلاد، ونتج عن الاجتماع بيان مشترك تقول فيه طالبان إنها لا تدعم الهجمات على المدنيين والمدارس والمستشفيات، وتريد تسوية تفاوضية بشأن مستقبل أفغانستان.
قاد وفد طالبان في الاجتماع عباس ستانكزي، كبير مفاوضي طالبان ورئيس المكتب السياسي للحركة في قطر، فيما كان وفد الحكومة الأفغانية بقيادة نائب رئيس البلاد السابق، يونس قانوني.
في الوقت نفسه، كانت ثلاثة وفود أفغانية أخرى في طهران، وقد يُنازع في قيمة البيان المشترك الذي يعد بمزيد من المحادثات، إلا أن النشاط الدبلوماسي لحكومة طهران يؤكد المخاوف الإيرانية من توسعٍ لنطاق الاضطرابات التي قد تنجم عن حرب أهلية طويلة الأجل على امتداد حدودها الطويلة مع أفغانستان.
مخاوف روسية على الحدود
على النحو نفسه، سعت روسيا للحصول على تأكيدات أن طالبان لن تسمح باستخدام الحدود الشمالية لأفغانستان قاعدةً لشن هجمات على جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق.
في خطوة ترمي جزئياً إلى التقرب من الولايات المتحدة، لكن أيضاً لتعزيز مصالح أنقرة الذاتية، عرضت تركيا بشروط مشاركةَ القوات التركية في مشروع يشرف عليه الناتو لحماية مطار كابول الدولي.
سبق أن شاركت تركيا في حراسة المطار الدولي، لكن يزيد على ذلك هذه المرة قلقها بشأن موجة أخرى من الهجرات، ويُحتمل أنها ترى في دورها العسكري وسيلةً للعودة إلى حظوتها في واشنطن.
قرارات صعبة تنتظر حركة طالبان
بالعودة إلى إيران، فإن ظريف أبلغ وفد حركة طالبان، الذي زار البلاد يومي الثلاثاء 6 يوليو/تموز، والأربعاء 7 يوليو/تموز، بدعوة من طهران، إلى جانب ثلاثة وفود أفغانية أخرى، أنه قد يتعين عليهم اتخاذ قرارات صعبة.
قال إن الشجاعة في زمن السلام أهم من الشجاعة في زمن الحرب، مشيراً إلى أن الشجاعة التي يقصدها تكمن في التضحية بالمطالب الأشد تطرفاً والاستماع إلى الجانب الآخر.
كما قال ظريف إن استمرار النزاعات بين الحكومة وطالبان ستكون له عواقب "سلبية" على أفغانستان، وإن العودة إلى المفاوضات بين الأطراف الأفغانية هي "الحل الأفضل". ويجدر بالذكر هنا أن إيران لم تشارك في مفاوضات الدوحة المتوقفة منذ أكثر من عامين.
كيف ستتعامل طهران مع الحركة؟
من جهة أخرى، يدور نقاش كثيف داخل إيران حول كيفية التعامل مع حركة طالبان؛ إذ يجادل بعض المراقبين بأن الهجرات الأفغانية الناجمة عن سيطرة طالبان على البلاد قد تساعد الاقتصاد الإيراني، وأنه لا ينبغي لإيران أن تعارض استيلاء طالبان على السلطة.
يقول سعيد ليلاز، وهو اقتصادي إصلاحي إيراني بارز ومستشار لحكومات سابقة: "تواجه إيران أزمة ديموغرافية، وأعتقد أن أفضل الحلول وأيسرها وأقلها تكلفة للتغلب على هذه الأزمة الديموغرافية هو قبول الهجرات القادمة من أفغانستان. الاستقرار في أفغانستان مهم للأمن القومي الإيراني، فهو يساهم في حل أزمة الشيخوخة وتراجع الاقتصاد الإيراني".
أضاف ليلاز: "لم يكن بإمكان حركة طالبان البقاء على قيد الحياة لهذه الفترة الطويلة دون دعم سياسي جوهري، وقد يخدمون الآن المصالح الدبلوماسية الإقليمية لإيران. لم تعد طالبان هي طالبان الماضي، فقد أدركوا هم أيضاً أن عليهم التفاعل مع العالم، والتعاون مع دول المنطقة".
بدا المدير العام لمكتب شؤون غرب آسيا في وزارة الخارجية الإيرانية، رسول موسوي، جانحاً أيضاً إلى الرأي نفسه، لكن بمزيدٍ من التحفظ. قال موسوي: "طالبان تنتمي إلى الشعب الأفغاني. لم تنفصل يوماً عن المجتمع الأفغاني التقليدي، ولطالما كانت جزءاً منه. علاوة على ذلك، لديهم القوة العسكرية. لقد خسرت الولايات المتحدة الحرب، ولم يعد بإمكانها تنفيذ عملية عسكرية للقضاء على طالبان".