قالت صحيفة The Times البريطانية، الجمعة 2 يوليو/تموز 2021، إن الولايات المتحدة دخلت في سباقٍ مع الزمن لشحن المعدات المتراكمة على مدار عقدين من أفغانستان، مع مئات الرحلات الجوية التي تقوم بإجلاء المركبات والذخائر والقوات، إلى جانب محتويات القواعد التي استضافتهم وأكشاك الوجبات السريعة التي كانت تغذيهم.
أما ما سيتبقى من تلك المعدات، فسوف يجري تحويله إلى خردة؛ للحيلولة دون سقوطه في أيدي حركة طالبان.
في وقت سابق من الجمعة، قال مسؤول دفاعي أمريكي كبير إن القوات الأمريكية أخلت واحدة من كبرى القواعد العسكرية بأفغانستان في إطار اتفاق السلام مع طالبان، موضحاً أن "جميع الجنود الأمريكيين وأفراد قوات حلف شمال الأطلسي غادروا قاعدة باغرام الجوية".
وكالة رويترز أشارت إلى أن إغلاق قاعدة باغرام الجوية، التي تبعد 40 ميلاً إلى الشمال من كابول، يُنهي الوجود العسكري الأمريكي في أهم قاعدة جوية بأفغانستان.
إذ كانت قاعدة باغرام تُستخدم بشكل متكرر لشن ضربات جوية على حركة طالبان وغيرها من الجماعات الإسلامية المتشددة، في الحرب الأفغانية المستمرة منذ 20 عاماً. وسيتم تسليم القاعدة إلى وزارة الدفاع الأفغانية.
كانت القوات الأمريكية تنسّق حربها الجوية ضد طالبان عبر المحافظة على تغذية وإمداد جنودها بطول البلاد عبر قاعدة باغرام لمدة 20 عاماً.
فيما جرى نقل ما يكفي من المواد لملء 900 طائرة شحن من طراز C-17 خارج البلاد، بالتزامن مع إتمام البنتاغون برنامج "التراجع التكتيكي"، من أجل الوفاء بالموعد النهائي الذي حدده الرئيس جو بايدن في الـ11 من سبتمبر/أيلول.
ثلاث فئات
كما قسّم أخصائيو اللوجيستيات أطنان المواد التي جرى نشرها من أجل الصراع إلى ثلاث فئات: "الأولى: يجب إرسالها إلى أرض الوطن. والثانية: يمكن تركها لاستخدام الدولة المضيفة. والثالثة: عفى عليها الزمن أو لم تعد هناك حاجةٌ لها، ولكنها شديدة الحساسية ولا يمكن التخلي عنها أو أنه من المخالف للقانون تركها، لذا يجري التخلص منها وتحويلها إلى خردةٍ معدنية".
العناصر التي يجري إتلافها أو تخريدها تشمل الشاحنات، والمركبات الرياضية متعددة الأغراض، ومعدات الراديو الحساسة التي انتهت الحاجة إليها.
في هذا الإطار، كان بعض الأفغان ينتظرون جني ثروةٍ صغيرة من هذه الخردة الأمريكية، لكنهم راقبوا باستياءٍ الأمريكيين وهم يدمرون المركبات التي كان بإمكانهم بيعها؛ نظراً إلى حالتها الجيدة.
تراجع تكتيكي
من جهتها، قالت الرائد كارين روكسبيري من القيادة المركزية الأمريكية: "يتطلب التراجع التكتيكي جرداً كاملاً للمعدات، وهي عمليةٌ معقدة؛ نظراً إلى كمِّ وتنوع وحالة وحساسية تلك المعدات. ويجري تقييم مصير المعدات بعد جردها".
فضلاً عن ذلك، ستذهب مع الريح أيضاً الأجزاء الصغيرة من أمريكا، والتي انتشرت في الصحراء الأفغانية. وخير مثالٍ كلاسيكي على ذلك كان في قندهار، التي ضمّت قاعدةً جوية ضخمة بالجنوب.
في حين يجري الآن تسليم القواعد العسكرية التي استضافت آلاف الجنود الأمريكان، إلى الحكومة الأفغانية في صورة هياكل فارغة تملؤها المعدات المدمرة في كل مكان، كتذكار بالمشروع الأمريكي لبناء دولة، بحسب صحيفة The Times البريطانية.
"سراب الوجبات السريعة"
بدوره، قال سيث جونز، المستشار القديم للقوات الأمريكية الخاصة في أفغانستان، لصحيفة The Times البريطانية: "لقد بنوا ممشى خشبياً مليئاً بالمقاهي، ومطاعم ماكدونالدز، وبرغر كنغ، وتي جي آي فرايديز. وحين وصلت القوات الكندية إلى قندهار، قاموا ببناء حلبة هوكي ولعبنا العديد من المباريات ضدهم. والآن، لم يعد هناك ماكدونالدز أو برغر كنغ أو فرايديز. لقد كانوا أشبه بسرابٍ للوجبات السريعة في قلب الصحراء، لكنه تبخر بالكامل الآن".
جونز استدرك: "لكن البصمة الأمريكية في البلاد ستكون مختلفةً الآن، إذ سيجري تنفيذ العمليات من قواعد الخليج أو حاملات الطائرات، كأننا عدنا إلى عام 2001 حين كانت وكالة الاستخبارات المركزية والقوات الخاصة تنفذان عمليات الإنزال في أفغانستان. لقد تعلمت الولايات المتحدة الدرس. لا يمكنك نشر أعداد ضخمة من القوات التقليدية في الأراضي المعادية".
يُذكر أن بايدن حدد يوم 11 سبتمبر/أيلول 2021، موعداً نهائياً لسحب جميع القوات من أفغانستان، إذ تصر "طالبان" على انسحاب القوات الأجنبية لإنهاء حرب استمرت 20 عاماً، كلفت واشنطن نحو 2.2 تريليون دولار، وأسفرت عن مقتل 2400 عسكري، وفقاً لمشروع تكاليف الحرب في جامعة براون الأمريكية.
وقال بايدن، الجمعة، إن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان يمضي قدماً، لكنه لن يتم خلال الأيام القليلة القادمة، مؤكداً أنه واثق بقدرة الزعماء الأفغان على مواصلة عمل الحكومة، لكن القلق يساوره تجاه القضايا الداخلية.
يشار إلى أن القيادة العسكرية المركزية الأمريكية كانت قد أفادت، في آخر بيان لها، بأن نسبة الانسحاب من أفغانستان تجاوزت 50 بالمئة، وتم تسليم 6 قواعد عسكرية للقوات الأفغانية، فيما لم تعلن رسمياً بعد عن عدد القوات المنسحبة.