رغم أن مقاطعة بريتش كولومبيا الكندية تشهد طقساً معتدلاً مقارنة بسائر المقاطعات الكندية وعلى مدار السنة، فإن صيف 2021 جعلها تتصدر النشرات الإخبارية بموجة الحرارة التي ضربتها، مسجلةً رقماً تاريخياً وصل إلى 46.6 درجة مئوية، ليودي بحياة المئات ويشعل حرائق برية.
وصيف العام 2021 ليس الأول من نوعه وإن كان الأشد حرارةً حتى الآن، إذ شهدت المقاطعة خلال ثلاثة من فصول الصيف الخمسة الماضية، ظواهر جوية قاسية، وأُعيد كتابة "موسم معروف منذ فترة طويلة" بتنبؤاته المعتدلة والمشمسة.
الموجة الحارة التي تتحرك عبر المقاطعات الكندية من الغرب إلى الشرق، شكلت خير دليل على الاحترار المناخي الذي يحذّر منه العلماء وتسعى حكومة كندا جاهدة لسنّ قوانين واتفاقيات دولية للحد منه.
الاحترار المناخي في كندا يصدم علماء المناخ
بدوره قال سايمون دونر أستاذ علم المناخ في جامعة كولومبيا البريطانية، لموقع CBC الكندي:" أنا في حالة صدمة!".
وأضاف: "بصفتي عالِم مناخ، نتوقع أن نرى مزيداً من موجات الحرارة الشديدة مستقبلاً، لأننا نضيف الغازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي. ولكن ما حصل مؤخراً يتجاوز حتى توقعاتي؛ أن تدوم موجة الحر هذه فترة طويلة وتكون ساخنة إلى هذا الحد، هذه سابقة تاريخية في كندا".
حرارة قياسية
بدورها حطمت قرية ليتون في قلب مقاطعة بريتش كولومبيا الرقم القياسي للطقس بكندا على مدار ثلاثة أيام متتالية، متجاوزةً بذلك 49 درجة مئوية يوم الثلاثاء 29 يونيو/حزيران، حسب موقع CBC.
في هذا السياق، أكدت منظمة الأرصاد الجوية العالمية Ipcc ارتفاع درجة الحرارة العالمية بمقدار 1.2 درجة مئوية منذ الثورة الصناعية.
ووجد تقرير صدر عام 2019، أُعدَّ بتكليف من وزارة البيئة الكندية، أن الاحترار المناخي بكندا يزداد مرتين أسرع، مع وجود أعلى المعدلات في الشمال والبراري وشمال بريتش كولومبيا، في المقابل تتزايد درجات الحرارة في القطب الشمالي ثلاثة أضعاف المعدل العالمي.
وتوفي إثر موجة الحرارة هذه، أكثر من 233 شخصاً في المقاطعة منذ بدايتها، معظمهم من المسنين والرُّضع والأطفال الصغار الذين يعانون أمراضاً مزمنة.
أما سبب عدد الوفيات الكبير فيعود بشكل كبير إلى قلة استخدام التبريد في المنازل، إذ يعد ثلث المنازل فقط مزوَّداً بأجهزة التبريد، وفقاً لإحصائية من شركة كهرباء B.C. Hydro؛ نظراً إلى طقس المقاطعة المعتدل إلى حد ما.
وشهدت موجة الحر، التي جاءت بعد أيام فقط من تحذير السلطات، بيع المتاجر كل مخزونها من مكيفات الهواء، كما تم حجز الفنادق كاملة في فانكوفر يوم الإثنين، مما جذب السكان المحليين اليائسين؛ للهروب من الحر داخل جدران الفنادق.
وأعلن قائد الشرطة كورونر ليزا، عن تلقي 100 اتصال في يوم واحد؛ للتبليغ عن موت مفاجئ، حسب صحيفة Global News الكندية.
مستقبل أكثر سخونة
وفقاً للهيئة الدولية المعنيَّة بتغير المناخ، يجب الحفاظ على درجات الحرارة العالمية عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وهو الهدف الصارم لاتفاقية باريس؛ لتجنُّب أسوأ آثار تغير المناخ.
وبالفعل ارتفعت درجات الحرارة بمقدار 1 درجة مئوية، وفقاً للهيئة الحكومية الدولية المعنيَّة بتغير المناخ، ومن المتوقع أن تصل إلى 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030.
ووفقاً لنمذجة مبادرة منظمة التغير المناخي NRCC، إذا لم يتحقق هذا الهدف، فسنرى تأثيرات واضحة نتيجة الاحترار المناخي في كندا وسائر أنحاء العالم.