قال موقع Middle East Eye البريطاني، الثلاثاء 29 يونيو/حزيران 2021، إن المسؤولين الأتراك والأمريكيين يقتربون من الوصول إلى اتفاق فني حول مسألة تشغيل وتأمين مطار كابول في أعقاب مغادرة قوات الناتو وانسحاب القوات الأمريكية من البلاد.
إلا أن الموقع البريطاني ذكر أن هناك خلافاً صغيراً حول دور تركيا المحتمل فيما يتعلق بتوفير الأمن خارج المطار، وذلك حسبما أفاد شخصان مطلعان على الموضوع.
حيث أخبر الشخصان المطلعان (رفضا الإفصاح عن هويتهما) موقع Middle East Eye بأن الوفدين الأمريكي والتركي توصلا إلى تفاهم مشترك بشأن قيام الولايات المتحدة بتقديم الدعم العسكري والاستخباراتي إلى القوات التركية، وأن تتحمل أمريكا وحلف الناتو الأعباء المالية للعملية.
حسب هذا التفاهم، ستكون تركيا قادرة على طلب دعم عسكري إضافي إذا كانت هناك حاجة لذلك، في حين لن تضطلع تركيا بأي مهام قتالية خارج المطار، وسوف تكون تركيا قادرة على الوصول إلى أي شريك أجنبي إذا احتاجت، وسوف يُسمح لأنقرة بنشر مستشارين أمنيين محليين بين الحكومة الأفغانية.
مشاورات إيجابية
المصدران المطلعان وصفا المشاورات بين الجاب التركي والأمريكي بأنها كانت إيجابية في العموم، وأنهما سوف يواصلان عقد المناقشات حول الموضوع.
كان بيان لحلف الناتو نُشر في وقت سابق من هذا الشهر قد تعهد بالإبقاء على تمويل المطار، وهو ما يلبي أحد الشروط التركية، لكن أنقرة كانت تريد كذلك نشر طائرات مسيرة ومعدات وقوات دفاعية من بلاد أخرى حليفة.
كما أوضح المصدران أن واشنطن وافقت على أن تترك نظاماً مضاداً للصواريخ والمدفعية والهاون، وذلك من أجل التصدي للهجمات الصاروخية وهجمات قذائف الهاون من جانب حركة طالبان، وهي قدرات عسكرية يفتقر إليها الجيش التركي. وسوف تترك وزارة الدفاع الأمريكية كذلك عدداً قليلاً من القوات الأمريكية في المطار، من أجل تشغيل المنظومة الدفاعية وكذلك طاقم جوي للدعم بالمروحيات.
"حراسة الوفود الدبلوماسية"
لكن المسألة الخلافية بين تركيا والولايات المتحدة كانت تتعلق بحراسة الوفود الدبلوماسية التي تتنقل بين مقار البعثات الدبلوماسية وبين المطار. أشارت مصادر إلى أن تركيا رفضت تقديم الدعم الأمني إلى الوفود وحدها، لكنها كانت ترجح قبول المهمة إذا شاركت في تحمل هذا العبء بلاد أخرى، مثل الولايات المتحدة.
وقد أفادت وكالة The Associated Press بأن الولايات المتحدة كان يُتوقع منها الإبقاء على حوالي 650 فرداً من القوات الأمريكية في كابول، لتقديم الدعم الأمني إلى الدبلوماسيين الأمريكيين وكذلك تقديم الدعم الأمني إلى المطار.
يشار إلى أن وفداً فنياً أمريكياً كان قد زار العاصمة التركية أنقرة خلال الأسبوع الماضي، وعقدوا مشاورات مع مسؤولين من وزارة الخارجية ووزارة الدفاع والاستخبارات في تركيا، من أجل صياغة إطار عمل للوجود التركي في مطار كابول، الذي يعد الوصول إليه ضرورياً للبعثات الأجنبية ومجموعات المساعدة والحكومة الأفغانية.
حينها صرّح وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، يوم الخميس 24 يونيو/حزيران 2021، بأن أنقرة وواشنطن لم تتفقا بعد بخصوص تشغيل مطار "حامد كرزاي" الدولي في كابل، منوهاً إلى أن "المناقشات في هذه المسألة ما زالت مستمرة، وفي هذا الإطار، جاء الوفد الفني الأمريكي إلى وزارتنا، وبدأت مباحثاتنا في هذا الشأن، ولم نتخذ أي قرار بعد حول ذلك".
اتفاق شفهي
فيما توصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأمريكي جو بايدن إلى اتفاق شفهي في وقت سابق من هذا الشهر، وهو اتفاق يمكن أن نشهد فيه تولي تركيا مسؤولية تأمين المطار بعد انسحاب غالبية قوات الناتو من أفغانستان، وهو ما يتوقع إتمامه في منتصف يوليو/تموز.
كان أردوغان قد طلب المساعدة المالية واللوجستية، بجانب الحصول على المساعدات من الدول الشريكة.
سبق أن أكد أردوغان، في مؤتمر صحفي بمقر الناتو، أنه نقل إلى نظرائه عزم تركيا بخصوص إمكانية البقاء في المطار.
تجدر الإشارة إلى أن تركيا تتولى تشغيل مطار "حامد كرزاي" في كابول منذ 6 سنوات، في إطار بعثة حلف شمال الأطلسي "ناتو".
في هذا الإطار، يحرس الجيش التركي المطار منذ العام 2013، بجانب القوات الأمريكية والمجرية والفرنسية وقوات أخرى من حلفاء الناتو.
شريان حياة للحكومة الأفغانية
تجدر الإشارة إلى أن هذا المطار يعد شريان حياة للحكومة الأفغانية، التي عانت من انتكاسات كبيرة ضد طالبان في مناطق رئيسية، مما دفع أحد التقارير الاستخباراتية الأمريكية إلى أن يقول إن الحكومة الأفغانية يمكن أن تنهار تماماً في غضون ستة أشهر من انسحاب الناتو.
وفق ما نشره موقع Middle East Eye البريطاني، تُقدّر أعداد القوات التركية الباقية في أفغانستان بحوالي 500 فرد، إضافة إلى 200 موظف فني، وهو ما قد يكون كافياً لأنقرة من أجل الاضطلاع بمهمة حماية الوفود الدبلوماسية.
في هذا الإطار، قال وزير الدفاع التركي، في تصريحات تلفزيونية بُثت الأسبوع الماضي، إن أنقرة لا تحتاج "في الوقت الراهن" إلى إرسال قوات إضافية إلى أفغانستان.
جدير بالذكر أن البرلمان التركي وافق، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، على مذكرة لتمديد مهام قوات بلاده في أفغانستان، 18 شهراً، اعتباراً من 6 يناير/كانون الثاني 2021.
المذكرة أشارت إلى تشكيل قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن "إيساف" بأفغانستان في 2001، ضمن إطار قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
كانت تركيا قد تسلمت، في يناير/كانون الثاني الماضي، رئاسة قوة المهام المشتركة عالية الجاهزية، التابعة لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، لمدة عام كامل.
وتعتبر قوة المهام المشتركة عالية الجاهزية، أحد فروع قوة الرد لـ"الناتو"، حيث تضم قيادة لواء المشاة الـ66 التابع لها نحو 4200 جندي. فيما تعاني أفغانستان حرباً منذ عام 2001، حين أطاح تحالف عسكري دولي تقوده واشنطن بحكم "طالبان"، لارتباطها آنذاك بتنظيم "القاعدة" الذي تبنى هجمات 11 سبتمبر/أيلول من العام نفسه في الولايات المتحدة.