خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب، ببرنامج "الحكاية" المذاع عبر فضائية "MBC مصر"، مساء الجمعة، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إنه لا يوجد أي موعد محدد حالياً لاستئناف الجلسات الاستكشافية للنظر في العلاقات المصرية التركية.
وإن هناك تمثيلاً دبلوماسياً بين البلدين يجري من خلاله الحوار السياسي الطبيعي في نقل الرسائل وإدارة العلاقة، وتوصيل ما يراه الطرفان من وجهة نظر تجاه تطبيع العلاقات بين البلدين.
كان الحديث عن مصالحة مصرية تركية قد أخذ منحى تصاعدياً خلال الفترة الأخيرة، وكانت قد اتخذت إجراءات عدة في سياق تقاربها مع مصر، من بينها تحجيم القنوات المعارضة للحكومة المصرية، التي تبث من أراضيها وإقرار البرلمان التركي مذكرة حول تشكيل لجنة صداقة برلمانية مع البرلمان المصري.
إلا أن الحماس الذي كان ملحوظاً من الطرفين لم يدم طويلاً، إذ تابع الجميع مؤخراً فتوراً في تلك المحاولة، بل وتراشقاً إعلامياً كان أكثر حدة من الجانب المصري ضد تركيا، تجلى بوضوح في هجوم وانتقاد الإعلام المصري لتركيا، مشككين في إمكانية نجاح التقارب مع أنقرة، نظراً لعدم استجابتها للمطالب المصرية.
جهات تسعى لإفشال المصالحة
يشير مصدر دبلوماسي تركي إلى أن الجهات التي تسعى حالياً لإجهاض المصالحة بين أنقرة والقاهرة، هي: الإمارات، وإسرائيل، واليونان، فضلاً عن أن هناك جهات ما داخل مصر (لم تحددها) لا ترغب أيضاً في نجاح تلك الجهود.
وأن "الزيارات الأخيرة التي قام بها عدد من المسؤولين في هذه الدول إلى مصر كان أحد أهم أهدافها هو إجهاض التطبيع بين القاهرة وأنقرة"، موضحاً أن "توقيت وتزامن تلك الزيارات أمر له أهمية كبيرة، خاصة أنه كانت هناك نية لإحداث تسارع في هذا الملف من أجل العمل على الوصول لتطبيع كامل -لا يصل لمستوى الرئاسة- قبل نهاية العام الجاري".
وكان ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، قد سافر إلى القاهرة والتقى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في 24 أبريل/نيسان 2021. وكذلك سافر إلى مصر كل من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في 1 يونيو/حزيران 2021، ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس، في 21 يونيو/حزيران، بالإضافة إلى زيارات بعض الوفود الإسرائيلية للقاهرة خلال الفترة الأخيرة.
هذه الجهات تُمارس ضغوطها على النظام المصري، كي لا يمضي قدماً في التطبيع مع تركيا عبر القنوات الدبلوماسية والسياسية والمخابراتية والإعلامية وأن القاهرة قد أبلغت أنقرة مؤخراً ببعض هذه الضغوط، وأنه يجري بحث سبل احتواء تلك الضغوط وتجاوزها.
ملفات محل تفاوض
مصادر بالخارجية المصرية قالت لـ"عربي بوست" إن مصر وضعت حزمة من الطلبات لإتمام سير المصالحة من بينها:
- تسليم بعض المعارضين المصريين الذين صدر في حقهم إدانات بأحكام عسكرية (الأمر الذي كانت قد صرحت تركيا أنه خط أحمر ولا يتوافق مع سياساتها الداعمة لحقوق الإنسان).
- تحجيم قنوات المعارضة، فضلاً عن الكشف عن مصادر تمويل جماعة الإخوان المسلمين وقياداتها الموجودين في إسطنبول.
إلا أن مصادر تركية متطابقة أوضحت لـ"عربي بوست" أن المباحثات بين البلدين تتركز بشكل رئيسي في الملف الليبي، والنفط والغاز في منطقة شرق البحر المتوسط، والمعارضة المصرية، والأزمة السورية، مؤكدة أن "التفاهم بشأن هذه الملفات وغيرها ستنعكس إيجاباً على القوى الداخلية والخارجية لمصر وتركيا، حيث سيكون لهما دور وتأثير بشكل أكبر وأوسع في المنطقة، خاصة في ظل المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة بيننا".
ولفتت المصادر التركية إلى أن "أنقرة تعمل على تحويل كل القضايا الخلافية في العلاقات مع مصر إلى قضايا توافقية ومصالح مشتركة بين الدولتين؛ فالسلام في ليبيا وتعاوننا معاً هناك سيكون له أثر إيجابي على مصر، وكذلك الوضع في منطقة شرق المتوسط، خاصة أن تركيا تمتلك ثلاث سفن عملاقة للتنقيب عن الغاز يمكن للقاهرة أن تستفيد منهم.
وأضافت أنه ومن الناحية الاقتصادية والتجارية ستستفيد مصر أيضاً في ظل أزمتها الاقتصادية، حيث إنها ستكون دولة لوجستية مهمة للشركات والاستثمارات التركية بعد نجاح جهود التطبيع في العلاقات.
زيارة مؤجلة
وعلم "عربي بوست" أن "الزيارة المرتقبة للوفد المصري إلى العاصمة التركية أنقرة قد تأجلت إلى شهر يوليو/تموز المقبل، وذلك في ظل المحاولات التي تُبذل من قِبل جهات مختلفة لإفشال أو عرقلة جهود تطبيع العلاقات بين البلدين".
كان من المقرر أن يصل وفد رفيع المستوى من وزارة الخارجية المصرية إلى أنقرة هذه الأيام، ضمن ما يُعرف بـ"الجولات الاستكشافية" للمشاورات الثنائية بين تركيا ومصر، والتي عُقدت الجولة الأولى منها في القاهرة يومي الأربعاء والخميس 5 و6 مايو/أيار 2021.
تقول مصادر في الخارجية المصرية إن المفاوضات لم تفشل أو تتوقف حتى الآن، كما يزعم البعض، بل إنها مستمرة على مستوى كل الجهات المصرية والتركية المعنية، لافتة إلى أن إيقاف بعض البرامج الإعلامية في قنوات المعارضة المصرية قبل أيام دليل على استمرار تلك المفاوضات.
وكانت السلطات التركية قد طلبت، يوم الأربعاء 23 يونيو/حزيران الجاري، من إعلاميين مصريين معارضين التوقف عن نشاطهم الإعلامي من داخل تركيا في ظل المباحثات المتواصلة بين البلدين.
وشهد العام 2013 بداية توتر العلاقات المصرية التركية، إذ استدعت أنقرة سفيرها في القاهرة، وهو ما ردت عليه مصر بالمثل، اعتراضاً على انقلاب يوليو/تموز، وفض اعتصام جماعة الإخوان المسلمين في ميدان رابعة بالقاهرة بالقوة، غير أن سفارتي البلدين لم تغلقا أبوابهما، واستمرتا بالعمل بمستوى تمثيل منخفض طوال الأعوام الثمانية الماضية.