هو رجل الظل بامتياز الذي يسير بصمتٍ حكيمٍ في صف القيادات، الخبير بكواليس واحدٍ من أكبر الأحزاب السياسية في المغرب بعد مراكمته تجربة مهمة في العمل السياسي امتدت لعقود، حافظ خلالها على مقعده في البرلمان منذ سنة 2002 حتى اليوم.
سليمان العمراني، الرجل الذي تحول من أستاذ للرياضيات إلى نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي، الذي يقود الائتلاف الحكومي منذ 2011، أصبح واحداً من أهم الأسماء السياسية في البلاد، وهو الرجل الذي يشتغل في الكواليس دون ضوضاء أكثر من خروجه للإعلام.
"عربي بوست" التقى في هذا اللقاء الخاص مع النائب البرلماني والقيادي في حزب العدالة والتنمية سليمان العمراني، الذي تحدث عن الانتخابات المقبلة، واستئناف العلاقات مع إسرائيل، وعلاقة "الإسلاميين" بالقصر.
تفصلنا أشهر قليلة على الانتخابات التشريعية والجماعية في المغرب، ما استعدادات حزب العدالة والتنمية لها؟
حزب العدالة والتنمية استعد للانتخابات المقبلة منذ الانتخابات السابقة، فعملنا لا يحكمه الظرف والموسم الذي يحكم للأسف بعض الأحزاب السياسية التي ما إن تضع الانتخابات أوزارها إلا وتلجأ إلى إغلاق مقراتها، وتنسحب من الحياة العامة فتُصبح وجودياً في خبر كان.
أما على مستوى الاستعداد الخاص، فانطلقنا من تقييم بُنيت عليه قناعة. فالانتخابات المقبلة لها رهانات كبيرة جداً، فلأول مرة تجتمع الانتخابات في يوم واحد، البرلمانية والجهوية والجماعية، وتشخيصنا أكد أن هناك إشكالاً في منسوب الثقة للمواطنين في الشأن العام والسياسة والأحزاب السياسية، وهذا الذي أكده جلالة الملك في خطاب العرش لسنة 2019، لذلك نحن نشتغل على تقوية الثقة، فلا نتصور نجاح الانتخابات دون ثقة المواطنين.
سنترافع مع المواطنين بالمنجز التدبيري، يعني سنقول للمواطنين أنتم صوّتم لنا قبل 5 سنوات وانتظاراتكم من الحزب كانت كالتالي، ها نحن نُقدم لكم حصيلة ما قمنا به، وذلك بمعية شركائنا في الحكومة والبرلمان، وبالتالي المواطن سيرى أن "العدالة والتنمية" قد وفّى بوعهده.
الأمر الثاني سنذهب ببرنامج انتخابي سيُقدم رؤيتنا لما بعد الانتخابات، ونقدم صورة لحزب سياسي ذي مقومات حقيقية، لأنه للأسف اليوم صورة الأحزاب لدى الرأي العام ليست جيدة. أيضاً "العدالة والتنمية" يشتغل في ورش اختيار مرشحيه في كل الانتخابات بشروط ديمقراطية شفافة، اعتمدها المجلس الوطني للحزب، وانطلقت هذه الورش اليوم لاختيار مَن سنتقدم بهم للانتخابات المقبلة بمنطق الاستحقاق والكفاءة والنزاهة دون العلاقات العائلية والشخصية، والنفوذ المالي على حساب القواعد التي سطرها الدستور، واليوم في "العدالة والتنمية" لا أحد يعرف ما إذا كان سيكون مرشحاً أم لا.
تغيير القوانين الانتخابية هل سيؤثر على نتائج الانتخابات المقبلة لحزب العدالة والتنمية؟
بالتأكيد سيؤثر على مقاعدنا، فسابقاً كنا نحوز في الدائرة الانتخابية 3 مقاعد من أصل 4، اليوم لا حزب سيستطيع الحصول على أكثر من مقعدٍ واحدٍ، فالبرلمان أجاز تعديلاً يرمي إلى احتساب توزيع المقاعد على اللوائح المرشحة على أساس عدد المسجلين، وليس عدد الأصوات المعبر عنها كما كان في السابق، هذا التحول وأثره المباشر سيعطي الكلمة في النهاية حسماً للمسجل في اللوائح، سواء ذهبوا إلى مركز الاقتراع أم لم يذهبوا، ونعلم أن الكتلة المسجلة في اللوائح أغلبها لا يصوّت.
نحن قلناها ونقولها، تعديل القاسم الانتخابي هو ضد المبدأ الديمقراطي، وضد مبدأ التمثيل الذي أقره الدستور، لكننا في الحزب سنذهب بكل قوانا إلى الانتخابات المقبلة بتعبئة كبيرة.
مسألة القاسم الانتخابي، الضرر الكبير فيها هو الضرر الديمقراطي، فاعتماد عدد الأصوات على أساس المسجلين يُنافي المبدأ الديمقراطي، وينافي الفصل 7 من الدستور المغربي، الذي يؤكد على إرادة الناخبين وليس المسجلين، وهذه الممارسة غير موجودة في العالم.
على المستوى الثاني، فإن اعتماد القاسم الانتخابي يستوي فيه المجتهد والكسول، ولماذا الناخب سينتقل للتصويت؟ سيقول المواطن إن المسجلين سيحسمون الأصوات في النهاية، والأمر سيُكرس العزوف الانتخابي.
ما موقفكم من استعمال المال والأعيان في حملات انتخابية سابقة لأوانها؟
هذه الممارسة موجودة في كل الانتخابات ولا تُسجل لأول مرة. هناك فاعلون سياسيون يلتمسون الفوز في الانتخابات بتعبئة وسائل غير ديمقراطية، والجديد اليوم هو الإغراء المالي السخي جداً بالانتقال من حزبٍ إلى آخر، بالإضافة إلى الإحسان السياسي، واستغلال الحاجة بتوزيع مواد غذائية ومساعدات من أجل استمالة المواطنين، وهذا مرفوض، لأن الدستور يحث على التنافس الشريف.
هل تعتقد أنه تم إغراء بعض قيادات حزب العدالة والتنمية، مثل اعتماد الزاهيدي التي انتقلت إلى حزب التجمع الوطني للأحرار؟
مغادرة حزب العدالة والتنمية ليس أمراً جديداً لكنه يزيد حدة مع كل انتخابات، فهناك العديد من المناضلين ذهبوا إلى أحزاب أخرى ومن حقهم، فالانتماء للحزب حق، والمغادرة حق مكفول والود يبقى قائماً. هناك أيضاً أسماء غادرت "العدالة والتنمية" ومعروفة ولهم اعتباراتهم، ولكن في العموم لا ننفي أن هناك بعض الأشخاص غادروا تحت ضغوطٍ وإغراءات، لكن السؤال الأهم: أين الذين غادروا اليوم؟ أغلبهم في خبر كان، وبقي حزب العدالة والتنمية قائماً قوياً لا شيء فيه تغير.
ما أهم الإصلاحات التي قدمتها حكومة العدالة والتنمية؟
لا يُمكننا إحصاء الإصلاحات التي قام بها حزب العدالة والتنمية في المغرب منذ أن أمسك الحكومة قبل 10 سنوات، وهي متعددة على المستوى الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي.
فمثلاً على المستوى الاجتماعي، الأرامل أصبح هناك صندوق دعمٍ لهُن ولأبنائهن، إذ إن 111 أرملةً تستفيد من الصندوق، و190 ألف يتيم، وبالنسبة للمطلقات وصلنا إلى 60 ألف مطلقة تستفيد من الدعم، و385 ألف طالب له المنحة، ولأول مرة هناك منحة لطلبة التكوين المهني.
أيضاً، قيمة المعاشات لم تكن تتجاوز 150 درهماً، اليوم الحد الأدنى هو 1500 درهم، وتم تخصيص 600 وظيفة لذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى حقهم في المشاركة في الترشح للوظيفة العمومية.
وخلال مرحلة كوفيد، الحكومة نجحت في استهداف الفئات الهشة، ووصلت المساعدات إلى كل المناطق، خصوصاً في البادية، إذ إن 22 مليار درهم هو حجم الذي استفادت منه الأسر، 45% منه وُجهت للعالم القروي، بالإضافة إلى مليون أجير استفاد من منحة صندوق كوفيد.
اليوم نحن نعتز ونفتخر بأننا نسير في مسار قلّ نظيره، نحن أمام ثورة اجتماعية أطلقها جلالة الملك، وعلى مدى 5 سنوات مقبلة، سيتم تعميم التغطية الاجتماعية على الجميع، وسيكلف الأمر سنوياً 53 مليار درهم يؤدي منه القطاع العام 23 مليار درهم.
أما على المستوى الاقتصادي، فالمغرب تموقع في مناخ ممارسة الأعمال وأصبح من أقوى 50 اقتصاداً في العالم، في حين أننا قبل سنوات كنا في المرتبة 123 بالإضافة إلى حجم الاستثمارات العمومية، وإعطاء الأفضلية للمقاولة الوطنية.
أما على المستوى السياسي، فتم إصدار ميثاق للاتمركز الإداري، هذه المشاريع التي تُكمل مشاريع الجهوية التي تأخرت منذ العقود الماضية، لكنها اليوم أصبحت حقيقة في هذه الحكومة، بالإضافة إلى إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار.
أما على مستوى الجماعات الترابية، اليوم يرى المواطن بأم عينيه كيف تحول مشهد المدن التي تُديرها "العدالة والتنمية"، فأكثر المدن الكبرى تغير مشهدها، بدءاً من العاصمة الرباط، ثم الدار البيضاء ومراكش، ولسنا وحدنا، لكن مع كل الشركاء والمتعاونين.
في حالة فوز العدالة والتنمية، ما التحالفات الحزبية المتوقعة؟ هل يُمكن وضع يدكم في يد حزب الأصالة والمعاصرة، أكبر حزب معارض في البلاد؟
لكل حزب مرجعيته وبرامجه ومنطلقاته، أما بالنسبة لبناء الأغلبية سواء في الجماعات الترابية أو في الحكومة يبقى رهيناً بإرادة الفاعلين الحزبيين، والمقصد هو التنمية، خدمة الوطن والمواطنين من كل المستويات المختلفة، هذا المنطق العام، ونحن حيثما يُمكن أن يسهم أي تحالف في إنتاج التنمية، وفي التقدم بالبلاد.
ففي الحكومة الأولى مثلاً التي قادها عبد الإله بنكيران، لم يمنعنا الاصطفاف والأيديولوجية من تشكيل الأغلبية، وتحالفنا مع حزب التقدم والاشتراكية، وهو حزب يساري.
حزب الأصالة والمعاصرة لدينا معه تحالفات على مستوى الجهات؛ لأنه في التحالفات المحلية ليس فيها تحالف سياسي وإنما تدبيري، أما على المستوى الحكومي فكانت قصة بيننا وبين هذا الحزب، هذا الأخير الذي جاء بسبب وجودي وهو مناهضة العدالة والتنمية، وتكريساً لمنطق التحكم بمنطق الحزب الواحد في البلاد، وكان يستلهم تجربة مصر وتونس. أما اليوم، فالقيادة الحالية تنتقد الأمر، وعبداللطيف وهبي، الأمين العام الحالي لحزب الأصالة والمعاصرة، يقول إن حزبه لم يأتِ لمخاصمة حزب معين، ولكن من أجل المساهمة مع أحزاب أخرى في بناء الوطن.
دعيني أقُل إنه لم يكن يستقيم قطعاً، إلى حدود سنة 2018 الالتقاء مع حزب الأصالة والمعاصرة، اليوم الأمور تغيرت، لكن الأمر سابق لأوانه، لأن التحالفات تبنى بعد الانتخابات، وتظهر الخريطة السياسية، ولكل حادث حديث والتقدير المبدئي موكول لمؤسسات الحزب.
استقبلتم قبل أيام قادة حركة حماس الفلسطينية، ما وقع هذه الزيارة على الحزب وعلى البلاد؟
علاقتنا بحركة حماس ليست وليدة اليوم ومستمرة دائماً وكثيراً ما استقبلنا قادتهم في أنشطة الحزب المختلفة، وزيارة قادتها للمغرب كانت لها دلالات كبيرة على المستويين، الحزبي والوطني.
حين حدث توقيع الاتفاق الثلاثي، نحن في العدالة والتنمية عبرنا عن تقديراتنا بوضوح، وحركة حماس كان لها تقدير وموقف عبرت عنه علانية، وكان التواصل بيننا وبينهم لإجلاء الصورة والتوضيح. فالتواصل انطلق منذ 6 أشهر لترتيب زيارتهم للمغرب، ووجهنا لهم دعوة رسمية من العدالة والتنمية واستجابوا مشكورين، ونحن نُقدر هذه الاستجابة.
الزيارة كانت من أعلى مستوى، والوفد كان يترأسه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، و7 قياديين آخرين، وكانت هناك أنشطة سواء مع الحزب، أو مع رئيسي غرفتي البرلمان، ولقاءات مع زعماء أغلب الأحزاب السياسية في البرلمان.
أما من جهة حركة حماس فهي تُقدر التجربة الخاصة في المغرب، ولا تضعه مع نفس الدول التي ذهبت في منطق العلاقات مع إسرائيل، وجلالة الملك عبر عن ذلك في مكالمة هاتفية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أبومازن، عندما قال له إن القضية الفلسطينية وقضية الصحراء شيء واحد، والكل يعرف معنى قضية الصحراء بالنسبة للمغرب.
هذا ليس ادعاءً ولكنه عمل ميداني، والحرب الأخيرة في غزة كانت خير دليل، إذ أعطى الملك محمد السادس أوامره بإرسال مساعدات إلى القطاع، وحزب العدالة والتنمية أسهم من موقعه في جمع التبرعات لبيت مال القدس، بالإضافة إلى العديد من المبادرات. والزيارة هي تعبيرٌ راقٍ من المغرب لدعمه الدائم للقضية الفلسطينية واستقباله قيادة حماس.
هل حسّنت الزيارة صورة المغرب التي تضررت بعد التوقيع على استئناف العلاقات مع إسرائيل؟
بالتأكيد، فالزيارة ساهمت في توضيح الصورة ورفع الالتباس، بالنسبة للذين وضعوا المغرب في خانة الدول التي وقعت على اتفاق أبراهام. المغرب له اعتبارات وحيثيات أخرى في هذا الموضوع.
هل انتظرتم الضوء الأخضر من القصر لاستقبال قيادات حماس؟
هناك مثال يقول: "يُشم ولا يُفرك"، فحزب العدالة والتنمية لا يعيش في جزيرة منعزلة حتى يتصرف بشكل منعزل. وهل يتصور أحدٌ أن الحزب سيدعو جهة معينة مثل حركة حماس أن تأتي إلى المغرب دون أن يقوم بما بما ينبغي من الإجراءات. هذا ليس عملاً حزبياً داخل جزيرة منعزلة، وموضوع بهذا الحجم السياسي لا يعنينا نحن فقط، أي نعم يعنينا بصفتنا الجهة الداعية، ولكن يعني المغرب بمؤسساته، وله تداعيات إيجابية، وبالتالي لن يكون ذلك دون الترتيبات الضرورية، هي ليست أوامر ولكنها تنسيق.
في هذه القضية بالذات، التي كان لها أبعاد كبيرة، كان هناك تشاور بالطبع.
يُستخدم الإسلاميون لتمرير القرارات اللاشعبية. ما تعليقك؟
ليس كل ما يُقال يستحق أن يُرد عليه، فالخلط بين أن "العدالة والتنمية" خان ثقة المواطنين بالتوقيع على الاتفاق الثلاثي بين المغرب وإسرائيل لا يستقيم. أولاً هذا شأن الدولة، فالاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ربط بين الاعتراف واستئناف العلاقات، والأمر بهذا الالتباس خلق المشكلة.
سعد الدين العثماني وقَّع على الاتفاق الثلاثي بصفته رئيساً لحكومة، هذا لا نملك فيه أي اختيار. أعترف، كان الأمر صعباً وخلق وضعية داخل الحزب غير مسبوقة، ونقاشاً حاداً عبَّر عن نفسه على المستوى الخارجي، ونظمنا دورة استثنائية، لأن التوقيع لم يكن عادياً، لكن محصلة النقاش، أن سعد الدين العثماني كان من واجبه التوقيع، وإلا كانت أمامنا خيارات أخرى، وبالتالي يمكن أن نسمي الأمر خذلاناً للدولة المغربية من قِبل الحزب الأول الذي يرأس الحكومة.
كان هناك تقدير سياسي، أما تقديرنا المبدئي فهو ثابت لن يتغير تجاه القضية الفلسطينية.
هل ستدفعون ثمن بعض الخطوات؟
في أغلب الديمقراطيات، الحزب الذي يحل أولاً يتعرض لانتقاد كبير من المواطنين يتجلى في صناديق الاقتراع بسبب انتظارات المواطنين، لكن ما حصل مع العدالة والتنمية هو العكس تماماً. ففي 2016، أي الانتخابات التي أسفرت عن فوز العدالة والتنمية، تضاعفت النتائج، الأمر الذي أكد ثقة المواطنين بنا، اليوم لماذا ستنقص الثقة؟ والترجمة أن نحصل على المرتبة الأولى إن شاء الله.
شبيبة العدالة والتنمية التي يترأسها قيادي في الحزب ووزير بالحكومة، أطلقت مبادرة إطلاق سراح الصحفيين، ووزير حقوق الإنسان هو قيادي من حزبكم. هل تعملون على مبادرات لانفراجة حقوقية في المغرب المغرب؟
نعم، هناك مبادرات يقوم بها حزب العدالة والتنمية لإحداث انفراجة حقوقية في البلاد، منها ما هو معلن والآخر غير معلن. إضافة للإنجازات التي تقوم بها وزارة حقوق الإنسان في المجال الحقوقي والدستوري، فلا يُمكننا تغافل أن هناك بعض الملاحظات الحقوقية، لكن لن نكون استثناءً مقارنة بباقي الدول، ونتطلع لكل ما هو خير.
لا بد من انفراجة حقوقية وسياسية ونحن نذهب للانتخابات المقبلة، حتى يعم جو من الهدوء والسكينة والتعبئة وبناء الثقة، وجلالة الملك في أكثر من مرة أطلق سراح عدد من المساجين بالعفو الملكي، منهم معتقلو الحسيمة المعتقلون على خلفية حراك الريف، ونحن نرجو المزيد.
أيضاً بالنسبة للمتابعات في حالة اعتقال، يمكن أن تكون الأمور بطريقة أخرى.
لكن هنا يمكنني الإشارة إلى أن تدبير الشأن الحقوقي غير مرتبط بالحكومة فقط، فالنيابة العامة كمؤسسة وطنية من موقعها تُدبر الشأن الحقوقي من خلال القانون، والمنظمات الحقوقية، لهذا يُمكننا القول إن المسؤولية مشتركة، وهناك مبادرات نقوم بها ولا تُعلَن ويكون لها زخم حقوقي.
ما تعليقك على النموذج التنموي؟
النموذج التنموي هو مشروع مهم أطلقه جلالة الملك محمد السادس، لأن هناك قناعة بأن النموذج التنموي الحالي محدود ولم يصل إلى مداه. فعلاً عُيِّنت اللجنة واشتغلت وقدمت التقرير العام. والأمر الذي يشغلنا جميعاً اليوم هو تطبيق الميثاق على أرض الواقع.
نحن الأحزاب اجتمعنا، وقلنا: كيف يُمكن أن نُسهم من موقعنا في بلورة هذا الميثاق، واتفقنا على تشكيل لجنة لتجهيز أرضية، ولنا لقاء قريب لدراسة هذه الأرضية.
ما علاقتكم بالأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية بالمغرب العربي؟
بكل صدق وموضوعية، الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية لها الحق ككل المكونات أن تُقدم نموذجاً جيداً في تدبير الشأن العام ورئاسة الحكومات، والدليل هو العدالة والتنمية في المغرب، وحركة النهضة في تونس التي تترأس البرلمان، هذه الأحزاب لها برنامج يُمكن أن يكون منافساً للأحزاب الأخرى.
ولكن مع ذلك هناك اختلافات بيننا (العدالة والتنمية، حركة النهضة، حركة مجتمع السلم)، والاختلاف يكمن في السياقات الوطنية، ولكل حزبٍ مرجعيته وهويته، وليس لأننا لنا مرجعية إسلامية فنجتمع في كل شيء.