قالت صحيفة The Times البريطانية في تقرير نشرته الثلاثاء 22 يونيو/حزيران 2021، إن الجيش الأمريكي قد يُبطئ وتيرة انسحابه من أفغانستان؛ على أثر سلسلة الانتصارات الأخيرة لحركة طالبان.
يأتي ذلك فيما يُشدِّد المسؤولون العسكريون الأمريكيون على أن الموعد النهائي للانسحاب الذي عيَّنه الرئيس الأمريكي جو بايدن، في 11 سبتمبر/أيلول 2021، لا يزال الموعدَ الساري لجميع القوات الأمريكية وقوات الناتو المتبقية، لمغادرة أفغانستان.
مخاوف من هجمات طالبان
مع ذلك، أشارت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إلى أن وتيرة الانسحاب قد تتباطأ، بسبب مخاوف واشنطن من تجدُّد هجمات طالبان.
جاء ذلك بعد أن سيطرت قوات طالبان على أكثر من 30 منطقة إدارية في شهر مايو/أيار 2021، وأجبرت القوات الأفغانية على التراجع في عمليات انسحاب سريعة، واضطرت القوات الحكومية إلى التخلي عن المناطق الريفية والعودة إلى عواصم المقاطعات، مع مقتل وأسر العشرات منها.
غير أن حكومة الرئيس الأفغاني، أشرف غني، نفت أن تكون القوات الأمنية قد استسلمت، وأصرت على أن القوات قامت بـ"انسحاب تكتيكي".
لكن في أحدث ضربة للقوات الحكومية، سيطرت قوات طالبان على المعبر الحدودي الرئيسي لأفغانستان مع دولة طاجيكستان في 21 يونيو/حزيران 2021، وذلك في الوقت الذي فرَّت فيه القوات الحكومية من بلدة شير خان بندر الحدودية بمحافظة قندوز الشمالية.
في حين صرَّح أحد الضباط الأفغان لوكالة AFP، بأنهم "قد اضطروا إلى ترك جميع نقاط التفتيش… وبعض جنودنا عبَروا الحدود إلى طاجيكستان".
من جهتها، تزعم طالبان أن مقاتليها اجتاحوا المنطقة، وأن الحكومة لم تعد لها سيطرة في الإقليم إلا على عاصمته قندوز. وقالت الشرطة المحلية إن المدينة الواقعة شمالي البلاد، والتي سبق أن سقطت بأيدي طالبان في عام 2015، ومرة أخرى في العام التالي، قبل أن تستعيدها القوات الحكومية بدعم من القوات الخاصة الأمريكية والبريطانية، باتت محاصرة بقوات طالبان.
توقيت الانسحاب النهائي
في المقابل، قالت وزارة الدفاع الأمريكية إن الانسحاب النهائي المقرر لإنهاء الحرب التي استمرت 20 عاماً في أفغانستان، اكتملَ نصفه. فقد تم بالفعل تخفيض عدد القوات الأمريكية إلى نحو 2500، وهو أقل عدد من الجنود الأمريكيين بالبلاد منذ احتلالها في عام 2001.
قال المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، الإثنين 21 يونيو/حزيران 2021، إن وتيرة الخروج قيد المراجعة، في ضوء ما سماه بأعمال العنف، وأضاف: "إذا كانت ثمة حاجة إلى إجراء تغييرات على وتيرة الخروج، أو نطاقه وحجمه… فنحن نريد الحفاظ على المرونة التي تتيح لنا ذلك".
كانت طالبان قد رفضت الدعوات إلى وقف إطلاق النار قبل التزام القوات الأمريكية بالانسحاب الكامل بموجب الاتفاق الذي وقَّعته إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في عام 2020. وأثارت حالة الفراغ التي خلَّفها الانسحاب الأمريكي مخاوف من أن تعاني البلاد اندلاعاً آخر للحرب الأهلية التي سبق أن انتهت بسيطرة طالبان على البلاد في تسعينيات القرن الماضي.
قلق بسبب تحالفات سابقة
كما أن القلق بشأن مكاسب طالبان والمخاوف بشأن تحالفات محتملة لها مع تنظيم القاعدة ومجموعات أخرى مناوئة للولايات المتحدة، دفعَ وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية إلى البحث عن قواعد جديدة في الدول المجاورة لتنطلق منها الطائرات المسيرة وعمليات مكافحة الإرهاب.
في هذا السياق، زار مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وليام بيرنز، باكستان هذا الشهر، حيث كانت للوكالة الأمريكية قاعدة سرية هناك استخدمتها لشن ضربات الطائرات بدون طيار لسنوات، حتى أُجبرت على المغادرة في عام 2011، مع تدهور العلاقات بين الحكومتين الباكستانية والأمريكية.
من جانبه، استبعد عمران خان، رئيس وزراء باكستان، استضافةَ طائرات أمريكية بدون طيار مرةً أخرى. وكتب في صحيفة The Washington Post، أن بلاده لو فعلت ذلك، فـ"ستكون مستهدفةً بعمليات انتقامية "، متساءلاً في الوقت نفسه: "إذا كانت [الولايات المتحدة] لم تستطع الانتصار في الحرب من داخل أفغانستان بعد 20 عاماً، فكيف ستفعل أمريكا ذلك من قواعد خارجية في بلادنا؟!".