كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، الجمعة 18 يونيو/حزيران 2021، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قررت تقليص عدد الأنظمة الأمريكية المضادة للصواريخ (باتريوت) في الشرق الأوسط.
إذ قالت إن الإدارة الأمريكية قررت "سحب 8 بطاريات باتريوت من العراق والكويت والأردن والسعودية". وأرجعت الصحيفة القرار إلى رغبة واشنطن في "إعادة تنظيم وجودها العسكري؛ للتركيز على الصين وروسيا".
استمرار دعم حلف الناتو
أما في يوم الإثنين، فقد جدد بايدن تعهده باستمرار دعم بلاده لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، بهدف ما سماه "التعاون الدفاعي ضد العدوان الروسي والتحديات الصينية الاستراتيجية".
تصريحات بايدن جاءت خلال مؤتمر صحفي برفقة الأمين العام لـ"الناتو"، ينس ستولتنبرغ، على هامش قمة زعماء الحلف التي انعقدت في العاصمة البلجيكية، بروكسل، مؤخراً.
الصحيفة الأمريكية قالت نقلاً عن مسؤولين في البنتاغون: "تشمل إعادة الانتشار مئات الجنود في الوحدات التي تشغّل أو تدعم تلك الأنظمة، والخطوة تأتي في الوقت الذي يخطط فيه الجيش الأمريكي للانسحاب الكامل من أفغانستان بحلول الصيف، وبعد أن خفضت الولايات المتحدة في الخريف الماضي قواتها بالعراق بواقع النصف أو 2500 جندي، لأن القوات العراقية يمكنها تأمين البلاد".
كذلك قال المسؤولون، إن "التخفيضات الأخيرة التي لم يتم الإبلاغ عنها من قبل، بدأت في وقت سابق من هذا الشهر، عقب مكالمة هاتفية في الـ2 من يونيو/حزيران، أبلغ فيها وزيرُ الدفاع لويد أوستن، وليَّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالتغييرات"، مشيرين إلى أن "معظم المعدات العسكرية التي تتم إزالتها تأتي من السعودية".
تغييرات تعكس أولويات إدارة بايدن
صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، قالت إن عمليات الانسحاب المتسارعة تعكس العديد من التغيرات الجديدة على الأرض في الشرق الأوسط، وكذلك أولويات واشنطن الاستراتيجية في ظل إدارة بايدن.
كما أضافت أنه بعد انتهاء الحرب في أفغانستان، وانتهاء عقدين من محاربة التمرد الذي كان الدافع الرئيسي وراء نشر القوات والأسلحة الأمريكية، تريد إدارة بايدن حشد قواتها لمواجهة الصين، خصمتها الرئيسية في مشهد أمن قومي تحدده الآن المنافسة بين القوى الكبرى.
بينما حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، مثل السعودية، عززوا بدورهم دفاعاتهم في مواجهة هجمات ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، التي تخوض السعودية معها حرباً طال أمدها في اليمن.
فيما تسعى إدارة بايدن إلى إقامة علاقات مع روسيا على أساس أكثر تنظيماً، يخفف من قلقها إزاء الهجمات الإلكترونية الروسية وتعبئة القوات، وكان هذا هدفاً رئيسياً من اجتماع الرئيس بايدن مطلع هذا الأسبوع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
مستوى دفاعي "أكثر تقليدية"
يقول مسؤول كبير في وزارة الدفاع إن سحب هذه الأسلحة بمثابة عودة إلى مستوى دفاعي أكثر تقليدية في المنطقة. ففي عهد الرئيس السابق دونالد ترامب نشرت الولايات المتحدة منظومات دفاعية، بالإضافة إلى جنود وأسراب مقاتلات نفاثة وسفن حربية، لدعم حملة أقصى قدر من الضغط التي شنّها على إيران.
بينما قال مسؤولون إن هذه الأسلحة لم تردع إيران أو وكلاءها عن الإتيان بأعمال مزعزعة للاستقرار. وقالوا إن السعودية رفعت أيضاً قدراتها الدفاعية، حيث تمكنت من اعتراض معظم الهجمات الصاروخية بنفسها.
فضلاً عن ذلك استُخدمت المنظومات الأمريكية المضادة للصواريخ بدرجة مكثفة في السنوات العديدة الماضية، وكان من الضروري إعادتها إلى الولايات المتحدة لصيانتها وتجديدها، وفقاً لمسؤولين.
قال مسؤول بارز في وزارة الدفاع الأمريكية: "ما ترونه عبارة عن إعادة ترتيب للموارد لتتناسب مع الأولويات الاستراتيجية"، وشدد على أن الأسلحة التي سحبتها الولايات المتحدة من المنطقة ليست سوى جزء ضئيل مما تنشره هناك.
أضاف: "ما زلنا نحتفظ بعشرات الآلاف من القوات في المنطقة، ولا تزال لدينا قوات في العراق وسوريا، وهذه القوات لن تغادر، ولا تزال لدينا قواعد في دول شركائنا الخليجيين، ولم تتوقف عن العمل، ولا يزال حضورنا كبير في المنطقة".
ثاني عملية إزالة لبطاريات باتريوت
هذه الخطوة هي المرة الثانية هذا العام التي تزيل فيها الولايات المتحدة بطاريات باتريوت المضادة للصواريخ من الشرق الأوسط. ففي ربيع هذا العام أزال الجيش الأمريكي ما لا يقل عن ثلاثة صواريخ باتريوت من السعودية، وكان يدرس إزالة منظومة ثاد.
فقد قال مسؤولون إن روسيا والصين، اللتين توسعان نفوذهما العسكري والاقتصادي في الشرق الأوسط، قد تنظران إلى هذا الانسحاب على أنه فرصة لزيادة أهدافهما.
لكن مسؤولين في الجيش أشاروا إلى التركيبة المعقدة للتدخل الأمريكي في المنطقة، مثل صفقات الأسلحة الخارجية والتعاون الأمني والمناورات العسكرية المشتركة، وإرسال القوات البرية الأمريكية، التي لا يمكن استبدالها.
كما قال مسؤول في الجيش: "نعم، ستحاول روسيا والصين الاستفادة من هذه التعديلات لإرسال رسالة، مفادها أنه لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة. والحقيقة هي أنه لن ينجح أي منهما في أن يحل محل الولايات المتحدة وما تُقدمه".