أقدم مسلحون، صباح الجمعة 18 يونيو/حزيران 2021، على اغتيال نقيب في الأجهزة الأمنية العراقية، مكلف بتنفيذ أوامر توقيف المتهمين بـ"الفساد"، في حادثة قتل تكررت كثيراً في الآونة الأخيرة بحق ناشطين وسياسيين بالعراق.
فيما صرح النقيب ماجد حميد في شرطة محافظة ميسان لوكالة فرانس برس بأن "مسلحين مجهولين يستقلون سيارة أجرة اغتالوا النقيب محمد الشموسي قرب منزله"، في مدينة العمارة عاصمة محافظة ميسان الجنوبية.
وأشار حميد إلى أن "النقيب الشموسي كان يشرف على أوامر الاعتقالات التي تصدرها هيئة النزاهة في المحافظة"، لملاحقة متهمين بالفساد.
وفي مايو/أيار الماضي، قتل ضابط آخر برتبة نقيب في هجوم مماثل بعد يوم واحد من مشاركته في اعتقال مطلوبين بتهم فساد في المحافظة نفسها، وفق مصدر في الشرطة.
وكان من بين المعتقلين حينها مسؤولون كبار بينهم مدير دائرة الضرائب في ميسان، حسب المصدر نفسه.
وشهدت ميسان النائية التي يغلب عليها الطابع العشائري خلال الفترة الأخيرة سلسلة هجمات مسلحة بينها ما تمّ بعبوات ناسفة، ضدّ مسؤولين محليين بينهم قاضٍ، يتابعون قضايا الفساد في المحافظة، وفقاً للمصدر ذاته.
الفساد في العراق
وبين الحين والآخر، تصدر السلطات أوامر قبض واستدعاء بحق مسؤولين حاليين وسابقين بتهم تتعلق بالفساد، كان آخرها، الخميس، حيث أعلنت هيئة النزاهة، توقيف 15 موظفاً حكومياً، بينهم مدير شركة في محافظة كركوك (شمال).
وفي أغسطس/آب 2020، شكل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لجنة خاصة للتحقيق بملفات الفساد الكبرى، وأوكل لها مهمة التنسيق مع المحافظات لاعتقال المتهمين.
كان الرئيس العراقي برهم صالح قد كشف في مايو/أيار أن 150 مليار دولار إجمالي قيمة الأموال التي هُرّبت للخارج منذ عام 2003، مؤكداً على إعداد مشروع قانون لاسترداد تلك الأموال.
تصريحات الرئيس العراقي جاءت خلال كلمة متلفزة، حول مكافحة الفساد المالي والإداري، ونشرها مكتبه الإعلامي، وقال صالح إن "إحصائيات وبيانات حكومية ودولية تقدر بأن مجموع إيرادات العراق المالية المتأتية من النفط منذ عام 2003 يقارب ألف مليار دولار".
صالح تحدث أيضاً عن أن هنالك مؤشرات ومعطيات تتوقع بأن "ما لا يقل عن 150 مليار دولار من صفقات الفساد تم تهريبها إلى الخارج منذ 2003 (…)"، مضيفاً أن العراق خسر أموالاً طائلة بسبب الفساد، الذي وصفه بأنه ظاهرة عابرة للحدود.
أما عن مشروع القانون لاسترداد "عائدات الفساد"، فقال صالح إن "القانون يتضمن أيضاً دعم المؤسسات المالية والرقابية وتفعيل أدواتها"، مبيناً أن "الفساد عطّل إرادة الشعب بالتقدم والبناء، وتسبب في خروج الشباب المتظاهرين للمطالبة بوطن يخلو من الفساد".
كذلك اعتبر الرئيس العراقي أن "الأموال المستباحة كانت كفيلة بأن تضع البلد في حال أفضل. ولا يمكن التعامل معها في الإطار المحلي فقط، وفي هذا الصدد يسعى مشروع القانون لاسترداد هذه الأموال، عبر إبرام اتفاقات مع البلدان، وتعزيز التعاون مع المنظمات والجهات الدولية المتخصصة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة لكبح هذه الظاهرة".
احتجاجات العراق
وبشكل مستمر تعلن السلطات الرقابية العراقية صدور أوامر قبض ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لمسؤولين بارزين، بينهم وزراء ومحافظون ومديرون عامون بتهم تتعلق بالفساد المالي والإداري.
يُعد العراق من بين أكثر دول العالم فساداً بموجب مؤشر منظمة الشفافية الدولية على مدى السنوات الماضية، وترد تقارير دولية على الدوام بـ"هدر واختلاس".
سوء الأوضاع الاقتصادية في البلاد كان قد تسبب في أن يشهد العراق أكبر احتجاجات شعبية، في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2019، وحينها انتقض عراقيون على الفساد وسوء الخدمات العامة وقلة فرص العمل، وطالبوا بتنحية الطبقة السياسية "الفاسدة"، التي فشلت في تدبير شؤون البلاد، وعجزت عن محاربة الفساد المستشري في مختلف القطاعات الاقتصادية.
هذه التظاهرات لم تنتهِ بعدُ، وبين الحين والآخر تتجدد مع بلوغ البطالة مستويات متفاقمة، ووصلت بحسب تقديرات الحكومة إلى 40%.
بحسب وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية، فإن الموارد النفطية للعراق تشكل 89% من ميزانيته، وتمثل 99% من صادراته، لكنها تؤمّن 1% فقط من الوظائف في العمالة الوطنية.