كشفت قناة 12 الإسرائيلية، الأربعاء 16 يونيو/حزيران 2021، أن السلطة الفلسطينية في رام الله بقيادة الرئيس محمود عباس أقدمت على تشكيل فريق تفاوض لتسيير التعامل مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وذلك بناء على طلب من الرئيس الأمريكي جو بايدن، وهو ما قوبل بالرفض والتحذير من فصائل فلسطينية.
بحسب القناة الإسرائيلية، فإن السلطة ستُطالب إسرائيل بالعودة إلى الوضع الذي كان قائماً في الضفة الغربية قبل الانتفاضة الثانية، وهو ما يشمل امتناع جيش الاحتلال عن الدخول إلى المنطقة "أ" في الضفة الغربية لاعتقال الفلسطينيين، الذين يشتبه الجيش الإسرائيلي في مشاركتهم في عمليات ضده.
كما سيُطالب فريق التفاوض التابع للسلطة الفلسطينية بمنحِه السيطرة على مناطق إضافية في المنطقتين "ب" و"ج".
يُذكر أن اتفاقيات أوسلو التي وقعتها إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية قسَّمت الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق سيطرة: تدير السلطة الفلسطينية المنطقةَ "أ" إدارة حصرية، وتتقاسم السلطة الفلسطينية وإسرائيل إدارة المنطقة "ب"، في حين تدير إسرائيل المنطقة "ج"، وهي منطقة جغرافية واسعة تضم عشرات المستوطنات التي أقيمت على الأراضي الفلسطينية.
رفضت التعليق ولكنها مستعدة
من جانبه، رفض مسؤول كبير في السلطة الفلسطينية في رام الله التعليقَ على ما ورد في تقرير القناة 12 العبرية.
مع ذلك، أشار المسؤول إلى أن السلطة الفلسطينية أبلغت إدارة بايدن وبعض الدول العربية، ومنها مصر والأردن، باستعدادها للعودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل، تحت مظلة الرباعية الدولية التي تتألف من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
قال المسؤول لصحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية: "نحن نعتقد أنه يمكننا العمل مع إدارة بايدن لموقفها الإيجابي حيال حل الدولتين، والكرة الآن في ملعب الحكومة الإسرائيلية الجديدة".
من جهته، شدَّد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، خلال لقائه مع المنسق النرويجي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، جون هانسن باور، على أهمية "إيجاد مسارٍ سياسي جاد يُنهي الاحتلال، ويؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشرقية".
تحذير من الفصائل
فيما أثار الحديث عن إمكانية استئناف مفاوضات سلام انتقادات حادة من فصيلين معارضين، تابعين لمنظمة التحرير الفلسطينية، هما "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" و"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين".
كما تعارض حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في غزة استئناف محادثات السلام مع إسرائيل.
قال أحمد مجدلاني، المسؤول في منظمة التحرير، إنه لا يرى فرقاً بين الحكومة الإسرائيلية الجديدة وحكومة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، فيما يتعلق بالسياسة تجاه الفلسطينيين وعملية السلام، وأضاف أن "مهمة الفلسطينيين الآن يجب أن تكون العمل على فضح الحكومة الإسرائيلية الجديدة وإجراءاتها".
وحذَّر تيسير خالد، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والمسؤول البارز في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، قيادةَ السلطة الفلسطينية من "الوقوع مرة أخرى في فخّ سياسة الإغراء لملء الفراغ والرهان على التوصل إلى تفاهمات مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة".
كذلك أشار خالد إلى أن التقرير الإسرائيلي الخاص باحتمال استئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية ذكَّره بسياسة وزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون، "التي كانت تقوم على خداع الفلسطينيين والعالم من خلال الدعوة إلى استمرار الحوار بين الطرفين، والإبداء للعالم بأن هناك عملية سلام تجري تحت رعاية الولايات المتحدة".
فيما حذَّر مسؤول منظمة التحرير الفلسطينية السلطةَ من قبول "النصيحة السامة" لإدارة بايدن، قائلاً إن إحياء مفاوضات عملية السلام سيُفيد الحكومة الإسرائيلية، و"يُلحق ضرراً جسيماً بمصالح الشعب الفلسطيني".
قالت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إن "تشكيل فريق للتعاون مع إسرائيل، استجابةً للضغط الأمريكي، يعني أن قيادة السلطة الفلسطينية تتعارض مع السياسات الوطنية المتَّفق عليها، وأنها لا تزال تصر على سياسة الانفراد بالسلطة والانضمام إلى مشروع أوسلو، على حساب المشروع الوطني الفلسطيني. والخلاصة أن ذلك سيلحق أضراراً جسيمة بالمصالح الوطنية للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة".
من جانبها، دعت الجبهة الشعبية قيادةَ السلطة الفلسطينية إلى التخلي عما وصفته بوهم العودة إلى المفاوضات، أو تحقيق تسوية تضمن جميع حقوق الشعب الفلسطيني، على حد وصف البيان.
كما حثَّت الجبهة السلطةَ الفلسطينية على الالتزام بقرارات هيئات منظمة التحرير، بشأن وجوب تعليق جميع العلاقات والتخلي عن الاتفاقات مع إسرائيل.
يُشار إلى أن الساحة الفلسطينية تشهد حراكاً سياسياً بمجرد وقف العدوان الإسرائيلي الذي استمر 11 يوماً على قطاع غزة، الشهر الماضي، حيث تقود مصر بدعم من أمريكا وجهات دولية جهوداً حثيثة لاتفاق تهدئة طويلة الأمد في غزة، وهو ما تعزَّز أيضاً بتشكيل حكومة جديدة في إسرائيل، وإزاحة بنيامين نتنياهو عن حكم استمرَّ فيه 12 عاماً.