“حرب النقانق” تُوتر مناقشات بريطانيا والاتحاد الأوروبي.. ماكرون وجونسون دخلا بنقاش حاد بسببها

عربي بوست
تم النشر: 2021/06/13 الساعة 09:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/06/13 الساعة 09:47 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون - رويترز

تصاعدت التوترات بين بريطانيا وقادة دول الاتحاد الأوروبي حول "حرب النقانق"، وهو تعبير يطلق على الخلاف بين لندن ودول أوروبية، حول بند في اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يتعلق بتوريد البضائع ومن بينها لحوم النقانق من المملكة المتحدة إلى أيرلندا الشمالية التي تُعد جزءاً من المملكة. 

صحيفة The Washington Post الأمريكية قالت إن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون واجه نظراءه الأوروبيين بنبرة حادة، السبت 12 يونيو/حزيران 2021، بعد مناقشات مع قادة الاتحاد الأوروبي، فيما يخص التعامل مع أيرلندا الشمالية، وجارتها جمهورية أيرلندا التي لا تزال عضواً في الاتحاد الأوروبي.

كانت التوترات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، قد اشتعلت في أوائل مايو/أيار الماضي، عندما قررت الحكومة البريطانية من جانب واحد تمديدَ فترات السماح لسلعٍ مثل اللحم المفروم والدواجن والبيض للنقل إلى أيرلندا الشمالية من بقية أنحاء المملكة المتحدة دون أي فحوصات صحية.

كان المفترض، بحسب الترتيبات السابقة بين بروكسل ولندن، أن السلع من هذا النوع ستخضع لفحوصات صحية اعتباراً من 1 يوليو/تموز المقبل للحفاظ على ضربٍ من "الحدود الناعمة" فيما يتعلق بالتعامل بين أيرلندا الشمالية، وجمهورية أيرلندا التابعة للاتحاد الأوروبي، لكن الحكومة البريطانية أرادت تأجيل هذا البند "على الأقل حتى عام 2023".

كذلك يخشى الاتحاد الأوروبي من أن تقوم لندن بإيصال البضائع دون رسوم جمركية لأيرلندا الشمالية التي تُعد إحدى مكونات المملكة، وهو ما قد يؤثر على جارتها جمهورية أيرلندا التي ترتبط معها بحدود برية. 

شبكة Sky News نقلت عن جونسون الذي تستضيف بلاده القمة، قوله: "لقد تحدثت إلى بعض أصدقائنا هنا اليوم، وعلى ما يبدو فهم يسيئون فهم حقيقة أن المملكة المتحدة بلد واحد، وإقليم واحد. أنا فقط بحاجة إلى إيصال ذلك لهم".

أشار جونسون إلى أن دول الاتحاد الأوروبي كان يتعين عليها "أن تستوعب أننا سنفعل أياً ما يلزم" لحماية مصالح بريطانيا في النزاع التجاري المستمر بين الطرفين، والذي أُطلق عليه اسم "حرب النقانق". 

كذلك هدَّد جونسون بتفعيل المادة 16 من "بروتوكول أيرلندا الشمالية"، وهي خطوة تعني مخالفة بريطانيا من جانب واحد لاتفاق بريكست (مع الاتحاد الأوروبي).

جاء موقف جونسون في قمة مجموعة السبع مغايراً لتوقعات المراقبين، إذ كان يتوقع أن يحاول استغلال القمة لتخفيف حدة التوترات العالمية، والامتناع عن الدخول في حروب كلامية مع القادة الآخرين.

توتر بين جونسون وماكرون 

تفاصيل الواقعة التي ربما دفعت جونسون إلى الإدلاء بتصريحاته الحادة أوردتها صحيفة The Daily Mail البريطانية، التي قالت إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثار غضب بوريس جونسون في غمار المواجهة المتوترة بشأن "حرب النقانق" في الاتحاد الأوروبي، أمس السبت، من خلال الإشارة إلى أن أيرلندا الشمالية ليست جزءاً من المملكة المتحدة.

أضافت الصحيفة البريطانية أن الخلاف المتصاعد حول إصرار الاتحاد الأوروبي على منع اللحوم المبردة من عبور البحر الأيرلندي من المملكة المتحدة، هو الذي دفعَ جونسون إلى التلويح بتجميد بروتوكول أيرلندا الشمالية، لوقف الحظر المقرر بعد انتهاء فترة "السماح" في غضون أسبوعين (1 يوليو/تموز).

تقول الصحيفة أيضاً إن جونسون سأل ماكرون خلال لقائهما أمس: "ما رأيك إذا منعتك المحاكم الفرنسية من نقل نقانق تولوز إلى باريس؟"، ليرد ماكرون بأنه لا يعتقد أن المقارنة وجيهة لأن باريس وتولوز كلاهما جزء من نفس البلد، وهو الرد الذي أثار حفيظة جونسون ودفعه إلى القول غاضباً: "أيرلندا الشمالية وبريطانيا جزءان من نفس البلد أيضاً".

كذلك نقلت الصحيفة عن مصدر في حكومة المملكة المتحدة قوله إن "رد ماكرون كان صادماً بشدة، ونعتقد أنه يكشف إلى حد كبير عن موقف الاتحاد الأوروبي".

بعد الصدام، أعلن جونسون أن الاتحاد الأوروبي يجب أن "يدرك" أن مقاطعة أيرلندا الشمالية جزء من المملكة المتحدة، وأنه لا يعتقد أن إصرار الاتحاد الأوروبي على الفحوصات كان "معقولاً أو عملياً".

أضاف جونسون في هذا الصدد: "أعتقد أن بروتوكول أيرلندا الشمالية قابل للعمل إذا طُبِّق بطريقة معقولة. فالمسألة ليست مجرد مسألة لحوم مبردة أو نقانق، فهناك أنواع عديدة من العوائق التي تُبنى، ونحن بحاجة إلى حِّلها. والأمر متروك للأصدقاء والشركاء في الاتحاد الأوروبي لاستيعاب أننا سنفعل أياً ما يتطلبه الأمر".

يقصد جونسون بذلك احتمالَ اللجوء إلى البند 16 من بروتوكول أيرلندا الشمالية من اتفاق البريكست، وهو البند الذي يسمح للاتحاد الأوروبي أو المملكة المتحدة بتعليق العمل بالبروتوكول من جانب واحد، إذا اعتبر أي من الجانبين أن تطبيق البروتوكول يتسبب في "صعوبات اقتصادية أو اجتماعية أو بيئية".

في المقابل، قال دبلوماسيون فرنسيون إن ماكرون سيستخدم حق النقض ضد أي إعادة تفاوض تمسّ مسائل جوهرية من البروتوكول باعتبار أن الأمر "يفتقر إلى الجدية"، وقال مصدر من الاتحاد الأوروبي: "لقد تجاوزنا الأمر في الاتحاد الأوروبي. مسألة النقانق ليست شيئاً يهتم به سكان أوروبا".

رداً على ذلك قال مصدر في الحكومة البريطانية لصحيفة The Daily Mail: "لا يهمنا ما إذا كان الناس في أوروبا يهتمون بهذه القضية أم لا؛ نحن نهتم، ونريد حلاً تفاوضياً لكن الوقت يكاد ينفد".

ومن جانبها، ترفض حكومة المتحدة الاحتكام إلى "حل وسط" من الاتحاد الأوروبي لبريطانيا بقبول التوافق المستمر مع قواعد بروكسل على أساس أن ذلك سيجعل من المستحيل إبرام صفقات تجارية طموحة.

كما حذَّر القادة البريطانيون من أن اتخاذ أي إجراء أحادي الجانب لتعليق البروتوكول سيؤدي إلى إجراءات عقابية، وقد يشمل ذلك فرض مزيدٍ من الرسوم الجمركية على السلع البريطانية.

تحميل المزيد