الكشف عن تفاصيل تخص أزمة الأمير حمزة.. “واشنطن بوست”: ملف صفقة القرن كان السبب في محاولة الانقلاب

عربي بوست
تم النشر: 2021/06/13 الساعة 17:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/06/13 الساعة 17:42 بتوقيت غرينتش
الأمير حمزة في أول ظهور علي له منذ بدء الأزمة الملكية، يسير خلف الملك عبدالله الثاني وعمهما الأمير حسن بن طلال/ الديوان الملكي الأردني

في مقالة للكاتب الأمريكي ديفيد إغناتيوس في صحيفة Washington Post الأمريكية نشرت يوم الجمعة 11 يونيو/حزيران 2021 قال فيها إن صفقة القرن التي روج لها دونالد ترامب  وقف وراءها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووليّ العهد السعودي محمد بن سلمان. 

لكن الصفقة واجهتها عثرات كبيرة بسبب أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لم يخضغ للضغوط الأمريكية التي كانت تستهدف إرغامه على تقديم تنازلات بشأن وضع القدس والقضايا الأخرى التي تمسُّ الفلسطينيين، ما دفع السعودية وبنيامين نتنياهو إلى الترتيب لإحداث قلقلة و"انقلاب" في المملكة الأردنية.

ضغوط على الأردن 

تسبب رفض المملكة الأردنية في الانصياع لضغوط ترامب في ممارسة ضغوط إسرائيلية وسعودية أخرى على الأردن؛ سعياً لإرغام المملكة على القبول بصفقة القرن مرة أخرى ومعاقبتها على رفضها خطة ترامب وفقاً لمقالة ديفيد إغناتيوس.

إذ اندلعت المشكلات في وجه الملك عبدالله عندما اعتقلت قوات الأمن ثلاثة أردنيين بارزين اشتُبِه في تآمرهم لزعزعة استقرار نظامه، وهم الأمير حمزة، وليّ العهد السابق الذي رعته والدته أمريكية الأصل لتولي العرش، والشريف حسن بن زيد، أحد أقارب الملك والزعيم القوي، وباسم عوض الله، الوزير الأردني السابق الذي أصبح من المُقرَّبين من وليّ العهد السعودي. 

فيما قال تقرير أردني إن مساعي الأمير حمزة ورفاقه: "لا ترقى إلى حدِّ الانقلاب بالمعنى القانوني والسياسي، لكنها كانت محاولةً لتهديد استقرار الأردن وتحرِّض على الفتنة". 

أزمة الأردن والمراقبين 

فاجأ الاضطراب الأردني المراقبين، الذين اشتبه بعضهم في أن الملك عبدالله كان يبالغ في ردِّ فعله على سياسة العائلة. لكن إعادة صياغة القصة بعناية، بعد أن جُمِعَت من مصادر أمريكية وبريطانية وسعودية وإسرائيلية وأردنية، تُظهِر أن الضغط على الملك كان حقيقياً.

كان الضغط الأمريكى، وفق ما قالت صحيفة Washington Post الأمريكية، يتصاعد منذ أن بدأ ترامب في الضغط من أجل خطته الضخمة للسلام، مع نتنياهو وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان باعتبارهما حليفين رئيسيَّين.

احتضن جاريد كوشنر، صهر ترامب وكبير مستشاريه بشأن المفاوضات، نتنياهو ومحمد بن سلمان، لكن العداء المتزايد تجاه الملك الأردني تصاعَدَ أكثر. يقول مسؤولٌ كبيرٌ سابق في وكالة الاستخبارات المركزية وفق ما نقلت صحيفة Washington Post الأمريكية: "لقد أصبح إيماناً لدى ترامب بأن الملك كان عائقاً أمام عملية السلام". وبينما لا يبدو أن ترامب ونتنياهو ومحمد بن سلمان كانوا يعملون من أجل الإطاحة بالملك، فإن أفعالهم أضعفته بشكلٍ واضح وشجَّعَت أعداءه. 

وفق ما نقلت صحيفة Washington Post الأمريكية فإن هذه السردية لمؤامرة القصر مُستمَدَّةٌ من مناقشاتٍ مع 10 مسؤولين حاليين أو سابقين لديهم معرفة مُفصَّلة بالأحداث على هذا الصعيد.

قضية القدس وأزمة الأردن 

إذ قالوا إن القدس، التي يعتبرها الإسرائيليون عاصمتهم السياسية، وهي المدينة المقدَّسة لدى المسلمين والمسيحيين وكذلك اليهود، هي محور الأزمة التي واجهت الأردن ضغوطاً حولها من جانب إسرائيل والسعودية وكذلك أمريكا.

حيث تدين الملكية الهاشمية في الأردن بالكثير من شرعيتها لدورها كوصيٍّ على المسجد الأقصى. ووصف الملك عبدالله هذه الوصاية بأنها "خطٌّ أحمر" بالنسبة للأردن. وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، شعر الملك بأن ترامب ونتنياهو ومحمد بن سلمان كانوا جميعاً يحاولون إبعاده عن هذا الدور، وفقاً لمسؤولٍ أمريكي يعرف الملك جيِّداً. 

حتى آخر يومٍ لترامب في البيت الأبيض، في يناير/كانون الثاني 2021، واصل كوشنر الضغط من أجل إنجاز خطوة كبيرة من شأنها أن تسمح لمحمد بن سلمان والمملكة السعودية باعتماد التطبيع مع إسرائيل، وفقاً للعديد من المسؤولين المُطَّلِعين على الأمر. 

بحلول ذلك الوقت، كان الأردنيون قد جمعوا ملفاً يحتوي على رسائل اعتُرِضَت من الأمير حمزة ورفاقه، إذ تؤكِّد الوثيقة الأردنية أنها أظهرت "تحريضاً ضد النظام السياسي"، و"أعمالاً من شأنها إثارة الفتنة". 

حلم كوشنر ودعم السعودية 

مع تصاعد الضغط على الملكية الأردنية في الداخل والخارج، بدأت استخباراته الأمنية في التحقيق في التهديدات المُحتَمَلة لنظامه. والدلائل التي جمعوها لم تُختَبَر في المحاكم الأردنية أو المنتديات الدولية، لذا من الصعب أن نُطلِق حكماً نهائياً عليها. 

لكن الخطوات السريعة التي اتَّخَذَتها الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية لاحتواء الملك عبدالله، بعد ظهور التقارير عن المؤامرة المزعومة في أبريل/نيسان 2021، تطرح أنهم يتعاملون مع قلق الملك على محمل الجد. 

حيث بدأت التحقيقات منذ عامين، وفقاً للرواية الأردنية، التي تقول: "في منتصف عام 2019، أشارت الاستخبارات إلى أن الشريف حسن بن زيد التقى بمسؤولَين من سفارةٍ أجنبية للسؤال عن موقف بلدهما من دعم الأمير حمزة بديلاً عن الملك، واستمرَّ الشريف حسن في التواصل مع السفارة بعد ذلك". 

يقول المسؤول الاستخباراتي الغربي السابق الذي كشف التقرير إنه يعتقد أن السفارة المعنية كانت ربما سفارة الولايات المتحدة. 

يتابع التقرير الأردني: "خلال عام 2020، تواصل عددٌ من الشخصيات العشائرية البارزة مع الأجهزة الأمنية، ولفتوا انتباههم إلى محاولات مساعدي الأمير حمزة للحصول على الدعم منهم ومن أفراد عائلاتهم". 

يشير التقرير إلى أنه بحلول أواخر العام نفسه، "أشارت المعلومات الاستخباراتية، التي حصلت عليها الأجهزة الأمنية، إلى تكثيف الاتصالات بين الأمير حمزة والشريف حسن وباسم عوض الله". 

إحباط ولي العهد السعودي

لكن العاهل الأردني ظلَّ يمثِّل مشكلةً؛ إذ اشتكى عوض الله لضابطٍ استخباراتي أمريكي سابق من إحباط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وقال عوض الله، بحسب المسؤول الأمريكي السابق، إن "الملك يستخدم ذلك لتخويفنا وللحفاظ على دوره في الشرق الأوسط". 

في موضعٍ آخر، يقول المسؤول السابق إن عوض الله ذكر أن "محمد بن سلمان مستاءٌ لأنه لا يستطيع إتمام الصفقة؛ لأنه لا يستطيع التعامل مع ردود فعل الفلسطينيين إذا تمسَّك الملك بموقفه من القدس". 

من ناحية أخرى، ووفقاً لصحيفة Washington Post الأمريكية فقد انتاب القلقُ بيني غانتس، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي المتقاعد، الذي شغل منصب وزير دفاع نتنياهو، بشكلٍ متزايد، بشأن تدهور علاقة نتنياهو بالملك عبدالله، إلى درجة أنه قام بزيارةٍ سرية إلى عمَّان لطمأنة الملك في أوائل العام الجاري 2021، نقلاً عن موقع All Israel News الإسرائيلي. 

في حين أرسل ممثِّلو الاستخبارات الإسرائيلية وجهاز الأمن العام، الموساد والشاباك، رسائل خاصة للعاهل الأردني يتنصَّلون فيها من أيِّ دورٍ في المؤامرة المزعومة. ووفقاً لمسؤولٍ استخباراتي أمريكي سابق اطَّلَع على الرسائل، سارت الرسائل في اتجاه أن المؤامرة ليست من طرفهم ولكنها من طرف نتنياهو، وفق ما قالت صحيفة Washington Post الأمريكية. 

تحميل المزيد