في ظل تزايد الجدل حول ظاهرة العنصرية بالمملكة المتحدة، ناشد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الجمعة 11 يونيو/حزيران 2021، مشجعي منتخب بلاده لكرة القدم عدم إطلاق صفارات الاستهجان ضد لاعبي المنتخب إذا أدّوا حركة "الركوع" على ركبة واحدة للتعبير عن مناهضة العنصرية.
تأتي مناشدة جونسون قبيل انطلاق منافسات بطولة أمم أوروبا لكرة القدم "يورو 2020″، مساء الجمعة، في العاصمة الإيطالية روما.
حق الناس في التظاهر
فقد صرّح المتحدث باسم جونسون بأن رئيس الوزراء يحترم حق كل الناس في التظاهر السلمي والتعبير عن مشاعرهم بمواجهة الظلم، موضحاً أنه ناشد المشجعين دعم اللاعبين وتشجيع منتخبهم الوطني، ودون أن يكون هناك استهجان لما يفعلونه.
جدير بالذكر أن ركوع بعض لاعبي المنتخب الإنجليزي في المباريات الودية أثار حفيظة بعض المشجعين وعدد من نواب حزب المحافظين البريطاني.
في هذا الإطار، وصف نائب وزير التربية البريطاني جيليان كيغان، الحركة بأنها "انفصالية"، فيما قال "لي أندرسون"، عضو حزب المحافظين، إنه لن يتابع مباريات المنتخب الإنجليزي في بطولة "يورو 2020″، بسبب تلك الحركة.
بدوره، قال النائب عن الحزب نفسه، برندان كلارك سميث، إن "المشجعين سئموا من الوعظ والإذلال، ويريد متابعة مباراة لا تعطى فيها دروس في الأخلاق".
على أثر هذه التصريحات، طالب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق غوردن براون، جونسون بإدلاء تصريح صريح يعلن فيه عن دعمه للمنتخب الإنجليزي لكرة القدم وما يقوم به.
الاحتجاج ضد العنصرية
كما أن المدير الفني للمنتخب الإنجليزي، غاريث ساوثغيت، أكد أن لاعبيه سيواصلون احتجاجهم ضد العنصرية.
جدير بالذكر أن المنتخب الإنجليزي يستهل مبارياته في بطولة كأس أمم أوروبا لكرة القدم بمواجهة مع المنتخب الكرواتي يوم الأحد المقبل.
إلى ذلك، عبّر لاعبو المنتخب الأسكتلندي عن تضامنهم مع نظرائهم في المنتخب الإنجليزي، لافتين إلى أنهم سيقومون أيضاً بالجثو على ركبهم حينما يلتقي الفريقان في "يورو 2020″، وذلك بهدف مواجهة ظاهرة العنصرية.
كانت رابطة الدوري الإنجليزي قد قررت، خلال شهر يونيو/حزيران 2020، دعم ركوع اللاعبين قبل أو خلال المباريات كعلامة تضامن رمزية ضد العنصرية، فيما قام بعض اللاعبين باستبدال أسمائهم بـ"حياة السود مهمة" في أول 12 مباراة من موسم 2019-2020.
تجدر الإشارة إلى أنه وفقاً للأرقام الرسمية، هناك 35% من لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز من أصحاب البشرة السمراء، لكن تمثيل السود في المناصب التنفيذية أو الإدارية أو القيادية لا يوازي هذه النسبة.
الاعتداء على أسرة مسلمة
جدير بالذكر أن السلطات البريطانية في منطقة ويست ميدلاند، كانت قد أعلنت، الثلاثاء 8 يونيو/حزيران 2021، أنها أوقفت شابين على خلفية توجيههما عبارات عنصرية وتهديدات بالقتل إلى أسرة مسلمة، لافتة إلى أنها تتعامل مع مثل هذه الاعتداءات بكل جدية، خاصةً أنها تتسبب بإثارة القلق داخل المجتمع.
فيما تداول بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر أحد الشابين وهو يهدد أحد أفراد الأسرة المسلمة بقوله: "أنا مَن سيطعنك بالسكين"، وذلك عقب قيامهما بافتعال مشاكل ومضايقات للأسرة المسلمة في إحدى الحدائق العامة.
جدير بالذكر أن الاعتداءات بدافع الإسلاموفوبيا زادت في بريطانيا بعد "بريكست" عام 2016 والهجوم الإرهابي بمدينة مانشستر عام 2017.
كان معظم ضحايا الاعتداءات من النساء، ومنفذة من قِبل رجال من ذوي البشرة البيضاء.
جونسون يقدم اعتذاراً
يشار إلى أن رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، قدّم في 25 مايو/أيار الماضي، اعتذاراً عن الإهانة التي تسببت بها تصريحات سابقة له حول الإسلام، وذلك في تقرير انتقد حزب المحافظين بشأن طريقة معالجته شكاوى تتعلق بالخوف من الإسلام.
حيث أجريت مقابلة مع جونسون من أجل التقرير، بتكليف من الحزب؛ رداً على انتقادات لكيفية تعامله مع ممارسات التمييز والشكاوى. وأعد البروفيسور سواران سينغ التقرير بصورة مستقلة، وكان يشغل منصب مفوض للجنة المساواة وحقوق الإنسان.
فيما أشار التقرير إلى أمثلة عدة تشير إلى جونسون، من ضمنها عمود في صحيفة عام 2018، وصف فيه إلى النساء اللواتي يرتدين البرقع بأنهن "يتجولن في الأرجاء ويبدون كصناديق البريد"، وشبههن بلصوص البنوك.
في حين قال جونسون إن المقال دفاع ليبرالي عن حق المرأة المسلمة في اختيار ما ترتديه، مضيفاً: "أدرك تماماً أن هناك أموراً صرحت بها وحملت على محمل الإهانة، وأن الناس ينتظرون من رجل في موقعي أن يضع الأمور في نصابها، لكنك تحتاج في الصحافة للاستفادة من اللغة بِحرية. وبالتأكيد أنا آسف على أي إهانة فُهمت (من تصريحاتي)".
جونسون تابع: "(السؤال هو) هل لي أن أستخدم اليوم التعبيرات المنطوية على إهانة من كتاباتي في الماضي؟ الآن وأنا رئيس للوزراء، لن أفعل ذلك".
بينما خلص تقرير البروفيسور سينغ إلى أن حزب المحافظين لم يكن نشطاً بما فيه الكفاية فيما يتعلق بمجابهة التمييز العنصري، كما أن إجراءاته المتعلقة بالشكاوى بحاجة إلى إصلاح شامل، ونظام العقوبات لديه بالنسبة لمن يخالفون القواعد غير واضح.
فضلاً عن ذلك، وصفت جمعية (هوب نوت هيت) أو (أمل لا كراهية) المناهضة للعنصرية اعتذار جونسون بأنه "كلام معسول"، وقال نيك لوليس، المدير التنفيذي للجمعية، إن "الكلمات التي استخدمها رئيس الوزراء اليوم ليست كافية وبعيدة تماماً عن احتمال اتخاذ إجراء حازم وحاسم". من جهته، أعلن حزب المحافظين قبوله بتوصيات التقرير.