يقود الآلاف من الشباب في الصين حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، تحمل اسم "تانغ بينغ"؛ احتجاجاً على إجبارهم على العمل لساعات طويلة مقابل تعويض مالي ضعيف، لا يتلاءم مع الارتفاع الصاروخي للأسعار، ويطالبون بدلاً من ذلك بـ"الاستلقاء والراحة وعدم العمل"، فيما يشبه "عصياناً مدنياً"، وهي الحملة التي تتسع رقعتها بشكل سريع.
حسب تقرير لصحيفة The Independent البريطانية، الخميس 10 يونيوحزيران 2021، فإن "تانغ بينغ" تهدف إلى رفض ثقافة العمل الزائد التي تجبر الشباب الصينيين على العمل لساعاتٍ أطول مع قليل من المكافآت، بينما يشعر كثيرون بالإحباط من تدني وظائفهم وعجزهم في مواجهة ارتفاع الأسعار عن شراء منزلٍ إذا عملوا طوال حياتهم، وهم يرفضون كلَّ ذلك من خلال "الاستلقاء".
الاستلقاء بدل العمل.. على طريقة الإغريق
فقد أصبحت القمصان التي تحمل شعار "لا تفعل شيئاً أيها الشاب، استلقِ"، مشهورةً جداً نتيجةً لذلك. ويشعر الخبراء، بالقلق من أن هذا الاتجاه قد يضر بالآفاق الاقتصادية للبلاد.
كما بات "تانغ بينغ" يمثل غضباً بين الشباب عندما انتشر منشورٌ بواسطة أحد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يحمل اسم Kind-Hearted Traveller، ويقول: "الاستلقاء على الأرض هو العدل".
أخذ المستخدم يكتب عن فلسفة فلاسفة اليونان القديمة، وسرد تجربته في العيش على 200 يوان شهرياً (31 دولاراً)، ووجبتين في اليوم، والبطالة لمدة عامين، حسبما ذكرت صحيفة South Morning China Post الصينية.
وقال المستخدم: "يمكنني فقط النوم في برميل والاستمتاع بحمام شمسٍ مثل الفيلسوف اليوناني ديوجانس، أو العيش في كهفٍ مثل هرقليطس، والتفكير في الشعارات. وبما أنه لم يكن هناك في الواقع اتجاهٌ فكري يمجِّد الذاتية البشرية في هذه الأرض، يمكنني أن أخلقها لنفسي. الاستلقاء هو حركة الرجل الحكيم".
وقال المستخدم إن هذه التجربة تركتهم "يتمتَّعون بصحةٍ جيدة ونفسية جيدة".
"حركة روحية" لراحة نفسية!
فقد ذكرت شبكة BBC البريطانية أن اتجاه "تانغ بينغ" كان يُطلَق عليه "الحركة الروحية".
جاء في المنشور: "الفكرة وراء تانغ بينغ هي عدم الإفراط في العمل، والرضا بإنجازاتٍ يمكن تحقيقها، وإتاحة الوقت للاسترخاء".
في الواقع، توصَّلَت دراسةٌ استقصائية أجراها موقع Weibo الصيني للتدوين، أُجرِيَت في الفترة من 28 مايو/أيَّار إلى 3 يونيو/حزيران، إلى أن "61% من المشاركين البالغ عددهم 241 ألفاً، قالوا إنهم يريدون تبني موقف الاستلقاء"، حسبما ذكرت الصحيفة الصينية.
وأضافت الدراسة أن التباطؤ الاقتصادي المحلي الناجم عن جائحة كوفيد-19، والتوتُّرات التجارية مع الولايات المتحدة، جعلا الناس أكثر تقبُّلاً للفكرة.
السلطات قلقلة
أخبرت إيلين تانغ (35 عاماً)، وهي تعمل في شركة تكنولوجيا مقرها قوانغتشو، الصحيفة الصينية، بأن "تانغ بينغ" كان لها صدىً لدى كثير من الشباب الصينيين، لأنهم الآن يرون كيف تتراكم الاحتمالات ضدهم في ظلِّ النظام الحالي. وقالت: "في السنوات الأخيرة، ارتفعت أسعار العقارات، واتسعت الفجوة بين الطبقات الاجتماعية".
كما أضافت: "يحتكر الأثرياء والسلطات معظم الموارد، ويتعيَّن على مزيد ومزيد من أبناء الطبقة العاملة مثلنا العمل من التاسعة صباحاً وحتى التاسعة مساءً، لمدة ستة أيام في الأسبوع، ولكن مع ذلك لا يزالون غير قادرين على تحمُّل دفع مقدم لشقة أو تحمُّل تكلفة إنجاب طفل". وذكرت الصحيفة أن تانغ متزوِّجة منذ سبع سنوات، وليس لديها طفل.
في الجهة المقابلة، يقول الخبراء إن السلطات قلقةٌ من أن هذا الاتجاه قد يعيق حلم الصين بالتجديد والنمو الاقتصادي السريع.
كما أفادت الصحيفة الصينية بأن السلطات الصينية حاولت مهاجمة هذا الاتجاه، وقالت: "حُظِرَت مجموعات الدردشة على وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب الحديث عن كيفية المشاركة".