كشف موقع Middle East Eye البريطاني، الإثنين 7 يونيو/حزيران 2021، أن الحكومة الفرنسية أنهت عمل هيئتها الرقابية العامة المعنية بالعلمانية، التي كانت على خلاف منذ فترة طويلة مع السياسيين ذوي الميول اليمينية بسبب تفسيرات متباينة للعلمانية الفرنسية في زمن تتنامى فيه ظاهرة "الإسلاموفوبيا" في البلاد.
مرصد العلمانية تأسس في عام 2013 في عهد الرئيس الفرنسي آنذاك فرانسوا أولاند بقيادة جان لويس بيانكو، عضو البرلمان السابق عن الحزب الاشتراكي المُكلَّف بتقديم المشورة للحكومة وتوفير التدريب لموظفي الدولة والجمعيات غير الحكومية في جميع أنحاء البلاد حول العلمانية على النحو المحدد بموجب قانون 1905. وتجددت مهمته آخر مرة في 2017 لمدة 5 سنوات.
فيما أعلن مرسوم صادر عن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان عن تشكيل "لجنة وزارية للعلمانية" برئاسة رئيس الوزراء وتتألف من "الوزراء المعنيين أكثر" بها، وأضاف المرسوم أنَّ "مرصد العلمانية أطيح" من عمله، كما أنه من المقرر عقد الاجتماع الأول للجنة الجديدة في 12 يوليو/تموز، سيستمر عمل أعضاء المرصد لمدة ثلاثة أشهر لضمان نقل المهام الجارية.
منعطف خطير
في حديثه إلى موقع Middle East Eye في أبريل/نيسان، أعرب المقرر العام للمرصد، نيكولا كاديين، عن دهشته من الخطط لإغلاق المرصد، التي أصبحت أمراً واقعاً الآن وقال كاديين وقتها: "جميع الجهات الفاعلة على الأرض تقدم دعماً كبيراً لمرصد العلمانية ومنذ الإعلان، تلقينا الكثير من الدعم، من المعلمين والجمعيات التاريخية للأكاديميين العلمانيين والفرنسيين والدوليين.. إلخ"، مشيراً إلى أنَّ نحو 350 ألف شخص قد استفادوا من التدريب مع المنظمة، وعلَّق: "أعتقد أنَّ هذا الإعلان يتبع منطق السياسة، لكنني أقول أيضاً إنه تسييس للعلمانية بتقسيمها بين الوزارات".
أضاف للموقع: "لا ينبغي أن تكون العلمانية أداة سياسية، ولا أن تكون متحيزة أيديولوجياً. العلمانية ليست مبدأ خاصاً بتيار اليمين أو اليسار، بل هي مبدأ جمهوري عابر للحزبية. إنه لأمر خطير للغاية تحويل العلمانية إلى أيديولوجية حزبية".
ويأتي هذا النقاش في محور الجدل حول الإسلام في فرنسا، إذ استُخدِمَت العلمانية مبرراً لدفع السياسات التي تستهدف المسلمين -بما في ذلك مشروع قانون مناهضة الانفصالية، أو إنشاء "ميثاق الإمام" المثير للجدل- في أعقاب مقتل المدرس الفرنسي سامويل باتي في أكتوبر/تشرين الأول.
وقد كان المرصد صريحاً في إدانته لبعض المبادرات الحكومية التي يُنظَر إليها على أنها تنتهك القوانين الحالية المتعلقة بالعلمانية، بما في ذلك التعديلات التي لم تُمرَّر بعد على مشروع قانون مناهضة الانفصالية الذي يدعو إلى منع الأمهات اللائي يرتدين الحجاب من اصطحاب أطفالهم في الرحلات المدرسية.
فيما أخبر كاديين موقع Middle East Eye في أبريل/نيسان: "هذه التعديلات تتعارض مع الدستور (الفرنسي) والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. هذه التعديلات تصعيد لا معنى له، وتُطرَح أحياناً باسم العلمانيين على الرغم من أنها تتعارض تعارضاً مباشراً مع العلمانية".