منى الكُرد وقوات الاحتلال.. مَن الذي اعتقل الآخر؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/06/06 الساعة 10:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/06/06 الساعة 10:36 بتوقيت غرينتش
الناشطة المقدسية منى الكرد/ مواقع التواصل

في مشهد مخطوف من السينما العالمية القديمة تخرج البطلة من غرفتها وتقول بلكنة فلسطينية لأهلها "ماتخافوش"، هذه منى الكرد ابنة حي الشيخ جراح.

قبل ساعات من الآن قام جيش الاحتلال المدجج بالسلاح باعتقال منى ومحاولة البحث عن أخيها محمد الكرد، في معادلة مضحكة، أسلحة وقنابل وزي عسكري ضد الرصاص، مقابل فتاة تلفّ حجابها مسرعةً وتخرج كل يوم إلى حيها لتوثق ما يفعله الاحتلال في الحي بكاميرا بسيطة، هل هذا الجيش الذي لا يقهر؟ قُهر من شابة عشرينية ليس لها إلا صوتها المقدسي.

عرفت الشاشات المحلية والعالمية منى كناشطة تحاول تسليط الأنظار على انتهاكات حي الشيخ جراح، نراها كل يوم في فيديوهات جديدة، مرة تطرد مستوطناً من أمام بيتها ومرة تقف وجهاً لوجه أمام سلاح الجندي، ولا أحد ينسى كيف حاولت سحب أخيها محمد من بين أيدي الجنود الذين أرادوا اعتقاله بوحشية، منى هذه الشابة التي دقت جدران الصمت العالمي بمعدات صحفية مرهقة صادرها الجيش عدت مرات خوفاً من الحقيقة التي توثقها كل صباح.

قضية حي الشيخ جراح لم تنتهِ، فالتهجير ما زال قائماً وما حدث هو فقط تأجيل لقرار التنفيذ من  المحكمة الإسرائيلية العليا، لكن التضامن الإعلامي هدأ بعد قرار وقف النار والتهدئة بين غزة والاحتلال، في الوقت الذي يجب فيه أن يتركز الدعم والنشر، وهذا ما سَرَّ الاحتلال، لتعود منى اليوم تتصدر الساحة من جديد وترمي الحجر في البركة الراكدة وتقول بصوتها الجبلي إن الانتهاكات مستمرة ولا تتركوا الشيخ جراح وحده.

ها هم يعتقلوننا وينكلون بنا، ففي الأمس قام الجيش باعتقال شبان وصبايا لأنهم يغنون أغاني فلسطينية ويرفعون العلم الفلسطيني، ومن ضعف هذا الجيش وخوفه قام باعتقال حتى "سماعة الدي جي" التي استخدمها الشبان من أجل تشغيل الأغاني.

منذ النكبة وبعدها النكسة كان الكيان الصهيوني يقوم بجرائمه مستغلاً عدم معرفة العالم بما يفعل بسبب وسائل الإعلام الفقيرة، من تدمير القرى وتهجير أهلها وحرق المدنيين ودفنهم في الآبار وتفجير البيوت بالديناميت وقتل الرضع واغتصاب الفتيات، وحتى أنه كان يمنع المسعفين ورجال الهلال الأحمر ومبعوثي الأمم المتحدة من الدخول للمناطق بحجة أنها خطرة وفيها مقاومون يحملون السلاح.

فكانوا يقومون بالتطهير العرقي للناس والمباني دون أي توثيق، لكن هذه المرة نحن في عصر الحداثة وعصر السوشيال ميديا، فلم يعد كذبهم هو الخبر الصحيح، بل أصبح كل مواطن فلسطيني هو مراسل حربي من أمام بيته وشارعه وحيّه يخبر العالم وينقل له ما يفعل المجرمون.

سفيرة حي الشيخ جراح منى الكرد، تزعجهم، تثير غضبهم وتكشف مدى ضعفهم، يظنون أنهم اعتقلوها، لكن الحقيقة أن منى هي من اعتقلتهم، هي من حاصرتهم بكاميراتها.

منى الحرة الآن تنتظر تضامننا وصوتنا وكلماتنا، هي مَن وثقت كل التفاصيل واليوم علينا أن نوثق ما فعله الاحتلال بها.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

نور أبو سلمى
كاتبة فلسطينية
كاتبة فلسطينية
تحميل المزيد