بعد المواجهة الأخيرة التي جابهت فيها مقاومتنا الباسلة وأبطالنا على خطوط النار، الجيش الذي اغترَّ بنفسه وظنَّ أنه الأقوى بلا منازع، فزلزلت كيانه وكيان دولته التي تدرك تماماً أنها احتلال سرق ما ليس له حق فيه، ونسفت الصورة الفذة الأسطورية التي رسمها لنفسه وأشاع فيها أنه الجيش الذي لا يُقهر، واستطاعت فرض شروطها بالقوة.. أصبح من الضروري أن نطرح مجموعة من الأسئلة الهامة، ومن الضروري جداً أن نحصل لها على إجابات.. فاليوم وبعد معركة سيف القدس، لم نعد نحن كما كنا قبلها.. وضعنا مع الكيان المحتل لم يعد إلى ما كان عليه قبل 28 رمضان الماضي.. لذا سأطرح أسئلتي بحرية، وأطالب لها بإجابات.
1- لماذا لم يقم رئيس السلطة الفلسطينية أو أي من وزرائها أو قادتها بزيارة لغزة حتى الآن للاطمئنان على ما آل إليه حالها عن قرب والتخطيط لإعادة إعمارها وجبر خاطر أهلها وطمأنتهم ومشاركتهم بعضاً من آلامهم وهمومهم؟ هل تكتفي الجهات الرسمية داخل هرم السلطة بغضّ النظر عن مسمياتها برؤية غزة عبر عيون الإعلام والشاشات؟ أم ما زالت تعتبر غزة إقليماً متمرداً يجب لجمه وإخضاعه وليس قطاعاً محاصراً مجوَّعاً متروكاً بلا غطاء ودواء وكهرباء يقاوم بأبسط الإمكانيات، واستطاع أن يُمرغ أنوف المحتلين في التراب لأنه يأبى الذل على نفسه؟
2- لماذا لا يُعلن رئيس السلطة الفلسطينية عن رفع العقوبات التي فرضها على غزة منذ عدة سنوات وما يزال أهل غزة يعانون ويلاتها حتى الآن وتفتّ في عضدهم وتهوي بصمودهم وقدرتهم على الثبات؟ لماذا لا يرفع العقوبات عنها ويمد يده لغزة لتبدأ جميع القوى الفلسطينية خطوات قوية وجادة نحو تحرير الأرض وفرض إرادتها على العالم أجمع؟ أليس العود محميّ بحزمته أم أن للرئيس رأياً آخر؟
3- لماذا لا يوجد تحرك على المستوى الرسمي الفلسطيني نحو حلٍّ للقضية الفلسطينية بعيداً عن خيار المفاوضات العبثية التي أثبتت فشلها وأنها ليست خياراً متاحاً أمامنا؟
4- لماذا لا يوجد حتى الآن إعلان رسمي وواضح من سلطة رام الله يُلقي الاتفاقيات السابقة المبرمة مع العدو الصهيوني في حاوية النفايات بعد أن تنكّر لها الصهاينة أنفسهم ومنذ لحظاتها الأولى، وأثبتت كل المحطات أنها لا تعني شيئاً بالنسبة لهم؟ فلماذا نذل أنفسنا ونتمسك بقميص بالٍ لا أحد يلتفت إليه؟
5- هل هدف السلطة الفلسطينية فعلاً الحفاظ على أرض فلسطين وإبعاد شبح التهويد عنها ومصادرتها، والحفاظ على أهلها بعزّ وكرامة؟ لماذا إذاً لا تتخذ إجراءات عاجلة وواضحة لتحقيق هذا الهدف؟ خاصة وأن الطريق أصبح واضحاً وضوح الشمس بعد أن كشفت المواجهات المتعددة بين غزة والاحتلال أن ذلك ممكن جداً، ولكنه يحتاج لعمل جاد وواضح، وتبين أيضاً أن الاحتلال لا لغة يفهمها سوى لغة القوة والندية، وأثبتنا أننا شعب مستعد للتضحية بأغلى ما يملك للحفاظ على أرضه وعزه.
6- لماذا لا نستنهض الهمم العربية والإسلامية لجعل قضية فلسطين قضية كل عربي ومسلم وإنسان حر وليس قضية للفلسطينيين وحدهم؟ خاصة بعد أن كشفت معركة سيف القدس أن الشارع العربي لم ينسَ فلسطين ولا قضيتها ولم ينشغل بهمومه الخاصة كما كنا نظن، ولا ينظر للصهاينة على أنهم حمائم سلام حتى وإن طبَّعت حكوماتهم مع الكيان المحتل وأخذت تتغزل بها في كل شاردة وواردة.. بل خرجت الشعوب العربية على قلب رجل واحد يهتفون لفلسطين وغزة والقدس وينتفضون لأجلها ويطالبون بفتح الحدود ليحموا فلسطين ويذودوا عن حماها.. وهو ما يؤكد لنا أن الشعوب ليست على قلوب حكامها.
8- لماذا لا يتم رفع دعاوى في المحاكم الدولية؟ ولماذا لا تعمل سفارات فلسطين في الدول المختلفة عن تعريف العالم بما يواجهه شعبنا من اعتداءات وظلم وعنصرية من الكيان المحتل، وتعرية هذا الكيان في كل مكان؟ ما هي وظيفة السفارات الفلسطينية في الخارج تحديداً إن لم تعمل على تحقيق هذا الهدف البسيط؟
7- نعيش الآن أوقاتاً تاريخية مفصلية.. ما زال باب التوبة مفتوحاً.. فمن أراد أن يعود عن رِدَّته الوطنية فليعاجل قبل أن ينطلق القطار الذي لن يعود للخلف مرة أخرى..
فليراجع أصحاب المناصب أنفسهم، وليقرروا من سيختارون؟ هل سيختارون شعوبهم وأوطانهم؟ أما سينحازون إلى صف الأعداء الذين بات زوالهم قريباً؟ أيدينا ممدودة للمصافحة والصفح الآن.. ولكن بعد قليل سيتغير الحال!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.