أصدر العاهل المغربي الملك محمد السادس، الثلاثاء 01 يونيو/حزيران 2021، توجيهاته للحكومة المغربية من أجل إعادة القصّر المغاربة الذين لا يوجد معهم مرافق ودخلوا الاتحاد الأوروبي بطريقة غير مشروعة، وذلك على خلفية الأحداث الاخيرة التي عرفها جيب سبتة، التي تحكمها إسبانيا.
وكان الآلاف قد عبروا الشهر الماضي من الأراضي المغربية إلى جيب سبتة الإسباني في شمال إفريقيا بعد نزاع دبلوماسي بين البلدين.
حسب بيان مشترك لوزارتي الداخلية والخارجية، فإن "ملك البلاد دعا وزيري الداخلية عبدالوافي لفتيت، والخارجية ناصر بوريطة، إلى تسوية قضية القاصرين غير المرفوقين الموجودين في وضعية غير نظامية في بعض الدول الأوروبية".
وبين 17 و20 مايو/أيار الماضي، تدفق حوالي 8 آلاف مهاجر غير نظامي، بينهم قصر، من المغرب إلى مدينة "سبتة" الخاضعة لإدارة إسبانية، بعد توتر العلاقة بين الرباط ومدريد، على خلفية استضافة الأخيرة لزعيم "البوليساريو" إبراهيم غالي من أجل العلاج من فيروس كورونا بـ"هوية مزيفة"، منذ 21 أبريل/نيسان الماضي.
يعيشون أوضاعاً صعبة
في تقرير لها نشر يوم الأحد 23 مايو/أيار 2021، قالت صحيفة The Guardian البريطانية، إن المئات من الأطفال والمراهقين يتكدسون في مستودعات أو ينامون بصعوبة في حدائق المدينة في الجيب الإسباني الموجود في شمال إفريقيا، بينما لا يزال مصيرهم في مهب الريح بعد وصول آلاف المهاجرين إلى مدينة سبتة المحتلة الخاضعة للسيطرة الإسبانية.
فيما قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية الإسبانية أيوني بيلارا لمحطة RTVE الإسبانية: "إننا نعمل على حل مشكلة الأطفال الذين جاؤوا بمفردهم"، مضيفة: "من المهم أن نعرف أننا نرى أطفالاً أصغر بكثير من المعتاد، في أعمار 7 و8 و9 أعوام".
في حين أُرسل العديد من هؤلاء الأطفال إلى مستودعات تحولت إلى ملاجئ حتى يخضع من فيها لحجر صحي مدته 10 أيام من أجل فيروس كورونا تحت مراقبة الشرطة.
بينما يشتكي العديد من الصغار الذين نجحوا في الهروب من المستودعات من الازدحام، وعدم توافر المرافق، وقالوا إنهم ظلوا أياماً دون وجبات ساخنة، ويعتمدون للنجاة على مون مثل التفاح والزبادي والشطائر، لكن قلة الأسرّة أدت إلى نوم الكثير منهم على الأرض.
أزمة بين الرباط ومدريد
قرار العاهل المغربي، يأتي على خلفية استمرار تعقيد الأزمة بين الرباط والجارة الشمالية إسبانيا، على خلفية العديد من القضايا.
أمس الإثنين 31 مايو/أيار 2021، وجَّه المغرب اتهامات جديدة لإسبانيا، في فصل جديد من الأزمة، إذ قالت الرباط إن إسبانيا تتخذ موضوع الهجرة ذريعةً للتهرب من الأسباب الحقيقية للأزمة بينهما، معتبرةً أن "الثقة بين البلدين" قد انهارت بسبب "عداء مدريد للقضايا المصيرية للمغرب".
موقف الرباط الجديد جاء في بيان لوزارة الخارجية المغربية رداً على تصريحات لرئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيز، جاء فيه أن "المغرب أكد في عدة مناسبات، أن الأزمة بين البلدين غير مرتبطة بمسألة الهجرة".
كان سانتشيز قد وصف تصرفات المغرب خلال الأزمة الحدودية قبل أسبوعين، عندما عبَر آلاف الطامحين للهجرة إلى جيب سبتة الإسباني في شمال إفريقيا، بأنها غير مقبولة وهجوم على الحدود الوطنية.
جاء في بيان الخارجية المغربية أن تصريحات رئيس الحكومة الإسبانية "مثيرة للاستغراب"، وأن جميع تصريحات المسؤولين والدبلوماسيين المغاربة "لم تتطرق إلى مسألة الهجرة".
وزارة الشؤون الخارجية المغربية ذكرت، الإثنين، عشية مثول إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو التي تسعى إلى استقلال الصحراء عن المغرب، أمام المحكمة العليا الإسبانية: "أنها لا ترى في مثول أو عدم مثول المدعو غالي أمام المحكمة أساس الأزمة الخطيرة التي تعصف حالياً بالعلاقات بين البلدين".
قال البيان إن "جذور المشكلة في الواقع تتمثل بالثقة التي انهارت بين الشريكين.. الأصول الحقيقية للأزمة تعود للدوافع والمواقف العدائية لإسبانيا فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، وهي قضية مقدسة عند المغاربة قاطبة".
وأكد البيان أن "هذه الأزمة غير مرتبطة باعتقال شخص أو عدم اعتقاله، لم تبدأ الأزمة مع تهريب المتهم إلى الأراضي الإسبانية ولن تنتهي برحيله عنها، الأمر يتعلق بثقة واحترام متبادل جرى العبث بهما وتحطيمهما".