قبل 16 عاماً، وقف إدوارد مارتيل في محكمة القاضي بروس مورو، بولاية ميشيغان الأمريكية، عندما اعترف ببيعه المخدرات وتصنيع الكوكايين، ويوم الجمعة 28 مايو/أيار الماضي، عاد للمحكمة نفسها وأمام القاضي نفسه، لكن هذه المرة من أجل أن يؤدي اليمين أمام نقابة المحامين في الولاية نفسها، بعد أن صار محامياً.
حسب تقرير لشبكة CNN الأمريكية، الإثنين 31 مايو/أيار 2021، فإن هذا التغير الكبير في حياة مارتيل راجع إلى قرار القاضي الذي نطق بحكم مخفف، تمثل في 3 سنوات فقط، فيما كان ينتظر من القاضي أن يحكم عليه بـ20 سنة سجناً، إضافة إلى حصوله على بعض كلمات التشجيع والنصح التي يقول إنها غيّرت مجرى حياته.
قاضٍ مختلف
في تصريح للشبكة الأمريكية، يقول مارتيل: "لقد وقفت أمام العديد من القضاة، ربما 20 قاضياً على الأقل، لكنني لاحظت مباشرة أن مورو فريد من نوعه، كان يعامل المتهمين باعتبارهم أشخاصاً حقيقيين، كان قاضياً مختلفاً".
كما أضاف: "لن أنسى ما قاله لي قط، لقد قال: سيد مارتيل، لستَ مضطراً إلى بيع المخدرات، أعتقد أن إمكاناتك تؤهلك إلى ما هو أكثر من ذلك؛ بل أتحداك أن بإمكانك أن تصبح رئيساً تنفيذياً لواحدة من كبرى الشركات في العالم'".
يصرح المتحدث نفسه بأنه كان مستعداً لمواجهة كل الصعوبات المقبلة بمفرده، لكنه وجد مورو إلى جواره من أول يوم غادر فيه قاعة المحكمة.
قال مورو لشبكة CNN: "أخبرت إد بأن بابي سيظل مفتوحاً له دائماً، وأعطيته رقم هاتفي، وأنني أرغب في معرفة أخباره وأن أظل جزءاً من حياته. لقد منحت إد الفرصة، لأنني أومن بأن الجميع يستحقون المعاملة بإحساس كبير بالآدمية والأهمية".
نال ثقة القاضي
أصبح مارتيل زائراً منتظماً لقاعة محكمة القاضي مورو، جالساً بهدوء في الصف الخلفي يتابع جدول أعمال المحكمة، وكان الاثنان يتناولان الغداء معاً، ويقضيان الساعات في الحديث حتى أصبح كل منهما يعلم كل ما يحتاجه عن الآخر.
على مر السنوات، راقب القاضي نمو وتطور مارتيل، بداية من التحاقه بالكلية المجتمعية، إلى الفوز بمنحة دراسية كاملة بجامعة ديترويت مرسي، ثم تخرُّجه وهو الأول على دفعته.
بعد ذلك، تمكَّن مارتيل من نيل القبول للالتحاق بكلية الحقوق، من خلال منحة دراسية أخرى. وذكر مارتيل أن أصعب جزء كان اجتياز اختبار الشخصية واللياقة لإثبات أنه لائق أخلاقياً لممارسة المحاماة.
قال مورو: "كان علينا عقد جلسة استماع، وتعيين محامٍ، وشهدت بصلاحيته ولياقته. كانت هذه هي المشكلة، ينظر هؤلاء الأشخاص إليه ويتخذون قراراً بشأن ما إذا كان لائقاً أم لا، بينما لم يمروا يوماً في حياتهم بما مر به".
"بكيت مثل الأطفال"
بعد أسابيع من القلق، والبحث عن أشخاص يدعمون موقفه، وكتابة طلب من 1.200 كلمة للإشارة إلى لياقته وكفاءته لأن يصبح محامياً، تلقّى مارتيل الأخبار السعيدة.
قال مارتيل: "لم أتمالك نفسي، وبكيت مثل الأطفال".
بعد النجاح في اختبار النقابة من المحاولة الثانية، اقترب مارتيل من خط النهاية.
قال مارتيل: "انتابني كثير من المشاعر المختلطة، شعرت بالتوتر والإثارة، وأحياناً كنت أشعر بأنني في حلم".
عندما دلف مارتيل إلى قاعة محكمة القاضي مورو، تتبعه أمه وأشقاؤه وأبناؤه، بدا أنه يكتم فيضاً من المشاعر العارمة.
قال مورو: "كنا سعداء للغاية، لكننا حاولنا كبح عواطفنا؛ للحفاظ على الشكل العام. لكنني لا أنسى تلك الابتسامة التي ارتسمت على وجه إد، إذ لم يسبق أن رأيتها من قبل".
بعد خطاب موجز، أقسم مارتيل اليمين، وذرف الجميع دموع الفرح وتعانق القاضي والمحكوم السابق تحت أنظار الجميع.
قال مورو: "كنت أعتبره بمثابة ابن لي، وكان الأمر أشبه بالسير مع ابنتك في زفافها. كانت إحدى اللحظات التي شعرت فيها بالسعادة الغامرة".