تنطلق اليوم الأحد 30 مايو/أيار 2021 جولة مباحثات مكوكية لتثبيت وقف إطلاق النار بعد تصعيد استمر على قطاع غزة 11 يوماً، إذ في الوقت الذي يزور فيه وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي القاهرة للقاء نظيره المصري، يجري رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل في تل أبيب مشاورات مع عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين، قبل أن يتوجه إلى رام الله ثم إلى قطاع غزة.
أشكنازي في القاهرة
فإلى القاهرة سافر وزير الخارجية الإسرائيلي صباح الأحد، حيث سيلتقي نظيره المصري سامح شكري، في أول لقاء علني لوزيري خارجية البلدين يقام على الأراضي المصرية منذ عام 2008.
زيارة أشكنازي إلى مصر تضع على سلم أولوياتها حيثيات تثبيت وقف إطلاق النار ووضع ترتيبات لإعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي.
من جانبها، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن "مزيداً من فرق التفاوض عن الجانب الإسرائيلي ستصل إلى القاهرة في وقت لاحق الأسبوع المقبل، لإجراء محادثات حول إعادة إعمار قطاع غزة، ومنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة عبر الحدود المصرية، وقضية الأسرى والمفقودين".
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي قوله إن "مصر هي المحور الرئيسي لكل هذه المحادثات ودون ذلك لن يكون هناك تقدم حقيقي". وأضاف أنه "من المهم أيضاً ضمان منع تهريب الأسلحة إلى غزة عبر الحدود المصرية".
عباس في تل أبيب
وفيما يحط أشكنازي بالقاهرة، يصل رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل إلى تل أبيب، حيث يلتقي مع عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين، قبل أن يتوجه إلى رام الله للقاء المسؤولين في السلطة الفلسطينية، ومن ثم إلى قطاع غزة، ليجتمع بقادة حركة حماس، وذلك لبحث تثبيت وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل في غزة، وتحريك ملف إعادة إعمار القطاع.
ومن بين المتوقع أن يجتمع رئيس المخابرات المصرية بهم، رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، مئير بن شبات، ومسؤولون في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
من جانبه، نقل المراسل السياسي لموقع "واللا" الإسرائيلي، باراك رافيد، عن مسؤول إسرائيلي رفيع، قوله إن "المصريين معنيون بالترويج إلى مبادرتهم التي تتضمن الدفع بإجراءات إعادة إعمار غزة، واستئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية المتوقفة منذ عام 2014، وتعزيز المحادثات حول حل قضية الأسرى والمفقودين الإسرائيليين في قطاع غزة".
عراقيل إسرائيلية
في المقابل، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن السلطات الإسرائيلية تضع عراقيل أمام الجهود الدولية المستمرة لتثبيت وقف إطلاق النار والعدوان على الأراضي المحتلة.
وقالت الوزارة إن "سلطات الاحتلال تُلقي يومياً بالكرة الملتهبة في ملعب المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية، وتضع العراقيل والعقبات أمام الجهود الدولية الرامية لتثبيت وقف إطلاق النار والعدوان، في محاولة لإفشالها وإجهاضها مبكراً هروباً من دفع استحقاقات السلام".
وأشارت إلى جهود دولية وأمريكية "متواصلة لسحب فتيل التفجير والوصول إلى تهدئة مستدامة". واعتبرت الخارجية أن "استهتار سلطات الاحتلال بالمجتمع الدولي والجهود الأمريكية المبذولة لتثبيت التهدئة بلغ مستويات متقدمة وبشكل مقصود ومتعمد".
ورأت في هذا الاستهتار محاولة من إسرائيل "لتكريس وشرعنة مواصلة تنفيذ مشاريعها ومخططاتها الاستعمارية التوسعية في أرض دولة فلسطين، بما يؤدي إلى تقويض أية فرصة لإحياء عملية السلام".
وطالبت "بموقف أمريكي ودولي حازم يلزم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بوقف عدوانها على شعبنا بجميع أشكاله، ويجبرها على الانصياع لإرادة السلام الدولية".
ودعت لاتخاذ ما يلزم من الإجراءات العملية الكفيلة بضمان وتحقيق ذلك "وإلا سيفقد المجتمع الدولي والأمم المتحدة والإدارة الأمريكية أية مصداقية للمواقف والتصريحات والأقوال المعلنة".
كانت مصر قد أبلغت قادة حركة حماس بوجوب ربط صفقة التبادل بالمفاوضات للتوصل إلى تهدئة، وكذلك إعادة إعمار غزة وفقاً لما طلبته إسرائيل، فيما تصر حركة حماس على الفصل بين هذين الملفين.
حيث كشفت قناة "كان" الإسرائيلية الرسمية، السبت، إن حركة "حماس" ترفض مطلب إسرائيل بربط قضية إعادة إعمار غزة، بقضية الأسرى والمفقودين الإسرائيليين الموجودين في القطاع.
وتابعت القناة، أن "حماس قد توافق على إطلاق سراح الأسرى والمفقودين الإسرائيليين، مقابل إطلاق سراح قيادات فلسطينية، أفرج عنها ضمن صفقة شاليط (عام 2011 وأطلقت حماس بموجبها سراح الجندي جلعاد شاليط مقابل 1027 أسيرا فلسطينيا)، وأعيد اعتقالهم".
وتحتفظ "حماس" بأربعة إسرائيليين، بينهم جنديان أُسرا خلال الحرب على غزة صيف عام 2014 (دون الإفصاح عن مصيرهما أو وضعهما الصحي) والآخران دخلا غزة في ظروف غير واضحة خلال السنوات الماضية.
وتشترط إسرائيل إعادة مواطنيها الأربعة قبل انطلاق أي عملية لإعادة إعمار قطاع غزة، الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني، وتحاصره تل أبيب منذ صيف 2006
وقف إطلاق النار
كان التوتر قد تصاعد في قطاع غزة بشكل كبير، بعaد إطلاق إسرائيل عملية عسكرية واسعة ضده في 10 مايو/أيار الجاري، تسببت في مجازر ودمار واسع في منشآت عامة ومنازل مدنية ومؤسسات حكومية وإعلامية، وأراضٍ زراعية، إضافة إلى شوارع وبنى تحتية في غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني، قبل بدء وقف لإطلاق النار.
إلا أنه مع فجر الجمعة 21 مايو/أيار الجاري، بدأ سريان وقف لإطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل بوساطة مصرية ودولية، بعد 11 يوماً من العدوان.
هذا العدوان الإسرائيلي الوحشي أسفر عن 281 شهيداً بينهم 69 طفلاً، و40 سيدة، و17 مسناً، فيما أدى إلى أكثر من 8900 إصابة، منها 90 صُنفت على أنها "شديدة الخطورة".
في المقابل، أسفر قصف المقاومة عن تكبيد إسرائيل خسائر بشرية واقتصادية "كبيرة"، وأدى إلى مقتل 13 إسرائيلياً بينهم ضابط، في حين أُصيب أكثر من 800 آخرين بجروح، إضافة إلى تضرر أكثر من 100 مبنى، وتدمير عشرات المركبات، ووقوع أضرار مادية كبيرة، فضلاً عن توقف بعض المطارات لأيام طويلة.
كانت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية كافة قد تفجّرت إثر اعتداءات "وحشية" ارتكبتها الشرطة ومستوطنون إسرائيليون، منذ 13 أبريل/نيسان الماضي، في القدس، خاصةً منطقة "باب العامود" والمسجد الأقصى ومحيطه، وحي الشيخ جراح؛ حيث تريد إسرائيل إخلاء 12 منزلاً من عائلات فلسطينية وتسليمها لمستوطنين.
يُذكر أن إسرائيل احتلت القدس الشرقية، حيث يقع المسجد الأقصى، خلال الحرب العربية-الإسرائيلية عام 1967، كما ضمت مدينة القدس بأكملها عام 1980، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.