زعيم البوليساريو يؤجج العلاقات بين إسبانيا والمغرب.. الرباط “تفتح الباب” للمهاجرين ومدريد تستنجد بأوروبا

عربي بوست
تم النشر: 2021/05/18 الساعة 17:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/18 الساعة 17:15 بتوقيت غرينتش
وزيرة الخارجية الإسبانية خلال زيارتها الأخيرة إلى المغرب/ رويترز

تصاعدت حدة الأزمة في العلاقات المغربية الإسبانية، جراء التطورات الأخيرة التي عرفتها مدينة سبتة الإسبانية التي تتواجد على التراب المغربي، بعد أن عمد المئات من الشباب والأطفال إلى دخولها بشكل غير شرعي، دونما أي اعتراض من القوات المغربية، وهو الأمر الذي يرى محللون أنه تطور لافت وغير مسبوق بين الرباط ومدريد، خاصة على صعيد مكافحة الهجرة غير القانونية.

يحدث هذا، في الوقت الذي يزداد التوتر بين البلدين، إثر استضافة مدريد لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إبراهيم غالي، من أجل تلقي العلاج بعد تدهور حالته الصحية، وكشف الرباط عن دخوله للأراضي الإسبانية بهوية جزائرية مزورة.

حسب تقرير لوكالة "أ.ف.ب" الفرنسية، الثلاثاء 18 مايو/أيار 2021، فإنه رغم أن وزيرة الخارجية الاسبانية أرانتشا غونزاليس لايا أكدت أن إسبانيا وافقت على استقبال غالي "لأسباب بحت إنسانية"، أبلغت الرباط مدريد "عدم تفهمها" و"انزعاجها" مطالبة بـ"توضيحات، بينما لا يزال وصول غالي (71 عاماً) إلى إسبانيا لغزاً كبيراً رغم مرور نحو شهر على ذلك.

استقبال غالي

صحيفة إل باييس، ذكرت أن "غالي" وصل في 18 أبريل/نيسان 2021 في طائرة طبية تابعة للرئاسة الجزائرية هبطت في قاعدة جوية في شمال البلاد. ويبدو أنه وصل باسمه الحقيقي ولكن مع جواز سفر دبلوماسي. ولا ريب أن الجزائر هي التي أصدرت هذا الجواز رغم عدم تأكيد ذلك.

منذ ذاك، يرقد غالي في مستشفى في لوغرونيو (شمال) باسم مستعار بوصفه مواطناً جزائرياً.

لكن قرار مدريد استقبال غالي لم يمر مرور الكرام بالنسبة للرباط، وخصوصاً أن البوليساريو تطالب باستقلال الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة التي يعتبرها المغرب جزءاً لا يتجزأ من أراضيه.

فشل استخباراتي 

إينياسيو سيمبريرو، الصحافي الإسباني المتخصص في الملف، قال في تصريح لوكالة "أ.ف.ب" الفرنسية، إن لإسبانيا "تقليداً عريقاً في استقبال شخصيات أو عائلاتها" تأتي من دول تعاني نظاماً صحياً متقادماً بهدف تلقي العلاج.

يعتبر المتحدث أيضاً أن إسبانيا قد تكون اعتقدت أنها قادرة على إبقاء وجود غالي على أراضيها طي الكتمان، وهو الأمر الذي فشلت فيه.

بوصفها قوة استعمارية سابقة، بذلت إسبانيا ما في وسعها لتبدو في موقف محايد، متجنبة خصوصاً دعم قرار الولايات المتحدة في ديسمبر/كانون الأول، فيما كان دونالد ترامب لا يزال في البيت الأبيض، الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.

كما يوضح سيمبريرو، في المناسبة نفسها، أن "إسبانيا تدعم المغرب بمقدار كبير من الحذر"، و"ما يزعج السلطات المغربية" أنها لا تقوم بذلك علناً، لافتاً إلى أن وصول غالي إلى إسبانيا فاقم أزمة بين البلدين كانت أشبه بجمر تحت الرماد.

يعتقد المتحدث نفسه، أن هدف الرباط من ضغطها على مدريد هو استخدام هذه القضية لإجبار إسبانيا على تغيير موقفها في شكل يحاكي المصالح المغربية.

في حين يبدي برنابيو لوبيز، أستاذ التاريخ العربي المعاصر في جامعة مدريد المستقلة، الرأي نفسه، واصفاً وجود الزعيم الانفصالي على الأراضي الإسبانية بأنه "هدية مثالية إلى المغرب" وذريعة مثالية "لتبرير ممارسة مزيد من الضغط" على مدريد.

بين مدريد والرباط

في السياق نفسه، يرى العديد من المحللين أن التعاون بين الرباط ومدريد في مجالات حيوية عدة بالنسبة إلى إسبانيا، من مثل مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات أو الهجرة غير القانونية، يمكن أن يتأثر بهذا الخلاف.

في حين يقول إيساياس بارينيادا، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كومبلوتنسي في مدريد، أنه في كل مرة يقع خلاف حول الصحراء الغربية "يزداد فوراً عدد المهاجرين الوافدين".

العام الفائت، تمكن نحو 23 ألف مهاجر إفريقي من الوصول إلى جزر الكناري، أي ثمانية أضعاف العدد الذي سجل عام 2019. وخلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، بلغ عدد المهاجرين 4111 شخصاً، في زيادة نسبتها 134% مقارنة بالفترة نفسها من العام الفائت.

ويعلق إدوار سولير، الخبير في شمال إفريقيا في مركز العلاقات الدولية في برشلونة "نلاحظ أنه حين تتدهور العلاقات (الثنائية) يتراجع تعاون المغرب، خصوصاً على صعيد الهجرة".

إسبانيا تستنجد بالاتحاد الأوروبي

هذا الأمر ما كشفت عنه وزيرة خارجية إسبانيا أرانتشا جونزاليث لايا، عندما أبلغت السفيرة المغربية، الثلاثاء، برفض واستياء بلادها من الدخول الجماعي للمهاجرين من المغرب إلى جيبها سبتة.

وزيرة الخارجية الإسبانية قالت للصحفيين: "استدعيت السفيرة المغربية هنا لأعبر عن استيائنا ورفضنا لتدفق المهاجرين المغاربة الجماعي على سبتة، وذكرتها بأن ضبط الحدود لا بد أن يكون مسؤولية مشتركة بين المغرب وإسبانيا".

كما أضافت أن الاتحاد الأوروبي سيفتح حواراً بشأن قضايا الهجرة في الأيام المقبلة.

في وقت سابق من اليوم الثلاثاء، قال وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي، إن نحو ستة آلاف مغربي، منهم نحو 1500 قاصر، دخلوا سبتة سباحة الإثنين والثلاثاء، وفق ما أكدته وكالة "فرانس بريس".

وترد إسبانيا بنشر  قوات في المدينة من أجل حراسة الحدود بالتعاون مع الشرطة الإسبانية. 

تحميل المزيد