نصرت “الشيخ جراح” وواجهت تمرد إسرائيل.. معركة غزة ترفع رصيد حماس السياسي بين الفلسطينيين

عربي بوست
تم النشر: 2021/05/17 الساعة 10:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/17 الساعة 17:55 بتوقيت غرينتش
إسرائيل تواصل الانتهاكات بحق الأقصى/رويترز

أدى العدوان الإسرائيلي الحالي على قطاع غزة إلى منح المزيد من المشروعية للمقاومة التي تتبناها حركة حماس، وتقودها كنقيض لمشروع التسوية والسلطة الذي فشلت فيه حركة فتح.

واستطاعت حركة حماس أن تقود المعركة الحالية ويُمسك قادتها بزمام المعركة السياسية والإعلامية والميدانية، وسط غياب حركة فتح التي اكتفت بإدانة الاعتداءات الإسرائيلية، وفشلت في الحصول على قرار من الجامعة العربية لوقف هذه الحرب.

قوة حماس في فلسطين

حماس التي تتهمها الأوساط الإسرائيلية بأنها المسؤولة المباشرة عن تفجير الأوضاع في مدينة القدس، وكانت بمثابة شرارة لانفجار الوضع في غزة والضفة والداخل المحتل والشتات، تجد للمرة الأولى تأييداً شعبياً وتنظيماً واسعاً من قبل خصومها التقليديين في الساحة السياسية وهم تيارات حركة فتح المتعددة وباقي الفصائل.

لمى خاطر مرشحة قائمة "القدس موعدنا" التابعة لحركة حماس من مدينة الخليل قالت إنه "منذ فترة الانتخابات وحماس ظهرت باستعداد عالٍ لحماية المشروع الوطني والمقاومة، والضفة الغربية كانت جزءاً من هذا الاستعداد، حتى إن السلطة الفلسطينية وإسرائيل تفاجأت من الحشد والالتفاف الشعبي الكبير للمشروع الذي رفعته حماس عند الحديث عن الانتخابات، وفي هذه اللحظة التي تجري فيها الحرب على غزة".

وأضافت المتحدثة في تصريح لـ"عربي بوست": "يمكن القول إن نجاح حماس في هذه الجولة يعني نهاية المشروع السياسي الذي رفعته حركة فتح، فهنالك توجه شعبي عارم لمشروع الحركة الإسلامية في قطاعات شعبية عريضة منها قواعد حركة فتح في الضفة الغربية، وما نراه الآن من نبض للشارع الفلسطيني المنتفض في القدس والضفة الغربية والشتات دليل على وجود حالة من النفور والحنق على أداء السلطة الفلسطينية الذي يوصف بأنه حيادي وسلبي".

وبشأن تأخر الحراك في الضفة أشارت المتحدثة إلى أنه "كان بطيئاً في بداياته، لكنه الآن وصل الذروة من خلال كسر الناس للخوف والقيود التي فرضتها أجهزة أمن السلطة، رغم أن الحركة في الضفة الغربية دفعت ثمناً سياسياً كبيراً للوصول لهذه المرحلة عبر اعتقال كوادرها بشكل مستمر بناء على توجهاتهم السياسية".

واستطاعت حماس وفق الكثير من القراءات السياسية الفلسطينية والإسرائيلية، أن تفرض نفسها كلاعب رئيسي في هذه المعركة بما يدل على نجاح مشروعها، وانطلاقه من غزة إلى مناطق أخرى غابت لسنوات طويلة عن المشهد وأهمها ساحة المواجهة الحالية في الداخل المحتل.

كما ظهر تأثير حماس بشكل واضح بهذه المعركة بدعوتها للجماهير الفلسطينية للخروج بمظاهرات في الضفة الغربية، وهي الساحة الجغرافية التي تأخرت في التحرك الشعبي نصرة للقدس والأقصى، بسبب القيود التي فرضتها السلطة الفلسطينية بمنع خروج أي مظاهرات حفاظاً على حالة الاستقرار والأمن في مناطق سيطرتها.

ولعل نجاح حماس في هذه الجولة متعددة الأبعاد، يأتي في سياق تراكم حالة الرفض الشعبي والسياسي الذي رافق قرار رئيس السلطة بتأجيل الانتخابات، فالحركة استطاعت أن تكون بمثابة القوة السياسية التي انضم تحت لوائها 35 قائمة سياسية كانت تستعد للدخول في النظام السياسي من بوابة الانتخابات، أملاً في كسر تفرد السلطة في إدارة الشأن السياسي بشكل إقصائي دون مشاركة أحد.

استطاعت حماس أن تُمسك بزمام الأمور في المعركة الأخيرة الدائرة في غزة (رويترز)
استطاعت حماس أن تُمسك بزمام الأمور في المعركة الأخيرة الدائرة في غزة (رويترز)

إسناد الحراك الشعبي

هذا الأمر لا يقل أهمية من حالة الإسناد التي قدمتها حماس للجماهير في القدس والضفة الغربية والداخل المحتل ليكونوا جزءاً أساسياً، وداعماً في هذه المواجهة، وهو ما غاب عن حركة فتح التي لم تستطع أن تكون جزءاً من هذه المعركة سواء في الميدان أو في السياسة.

عبدالله عبدالله نائب مفوض العلاقات الدولية في حركة فتح قال إنه "لا يمكن تجاهل الجهود التي بذلتها حركة فتح في زيادة الزخم لهبة القدس، فتسلسل الأحداث جاءت ككرة الثلج التي تدحرجت لتصل ذروتها في المعركة العسكرية الجارية الآن في غزة، وحركة فتح لم تكن في موقف الحياد، بل عنصراً رئيسياً ومؤثراً في استمرارها حتى اللحظة. صحيح أننا لا نستطيع المواجهة العسكرية في الضفة الغربية كحركة حماس في غزة، ولكننا نقدم دعماً وإسناداً لها عبر المقاومة الشعبية، ونوفر للمقاومة المسلحة غطاء سياسياً في الأمم المتحدة وأمام المجتمع الدولي".

وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست": "إننا الآن في مرحلة الصعود، وتثبيت معادلة جديدة على الأرض، ولا يجب أن ننظر إلى التجاذبات السياسية الداخلية، حركة فتح ترفض أن يتم تصوير الهبة الفلسطينية الحالية وكأنها تنافس بين "أ" و"ب"، لأن هذه معركة نضالية، الكل يشارك فيها وفق أدواته المتوافرة".

وعن تراجع أسهم حركة فتح وصعود حماس قال نائب مفوض العلاقات الدولية في حركة فتح إن "هذه وجهة نظر، حماس قدمت تضحيات كثيرة لأن تصل للمرحلة التي هي عليها الآن، نختلف معها في كثير من المحطات السياسية، لكننا لا نتنافس معها، لأننا نحمل ذات المصير".

وتنظر حماس لهذه المعركة إلى ما هو أبعد من مشروعها في غزة، فقد رفعت سقف التحدي لإسرائيل من خلال ربط مصير القدس والضفة بغزة ضمن رؤية وطنية شاملة، على عكس السياقات السابقة لجولات التصعيد التي قادتها حماس للحفاظ على مكتسباتها السياسية والميدانية في غزة كنقطة انطلاق مشروع التحرير.

حصلت حماس على تأييد شعبي بسبب المعركة الأخيرة في غزة (رويترز)
حصلت حماس على تأييد شعبي بسبب المعركة الأخيرة في غزة (رويترز)

مكاسب حماس السياسية

خليل شاهين رئيس قسم الأبحاث بالمركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية – مسارات قال إن "هنالك بعداً سياسياً لما يجري في هذه المعركة التي تقودها حماس، فهي لم تتخذ عنواناً لها مثل مكاسب اقتصادية لغزة، لكنها تقود معركة عسكرية طاحنة بعنوان وطني هو الحفاظ على القدس، وربط مصيرها بغزة، كما استطاعت جمع كل التناقضات الفلسطينية تحت لوائها، مما يعزز القناعات الأساسية للمشروع الوطني الذي انطلقت منه حماس بأنها حركة فلسطينية وطنية، وليس حزبية، وإن مشروعها لا يقتصر على غزة فقط".

وأضاف المتحدث أن "حماس في هذه المعركة باتت تمثل الحضور السياسي والشعبي عبر المكاسب التي تحققها في الميدان، ويزداد تأثيرها في الشارع، مما يساعد في فرض شروطها على السلطة لإعادة بناء النظام السياسي، ويمنحها أوراق قوة على المستوى السياسي بالوصول إلى دوائر صنع القرار، واستمرار حالة الاشتباك ميدانيا".

وأشار المتحدث إلى أن "حماس قرأت جيداً الظرف السياسي الراهن، فأدركت أن السلطة لا تريد مجابهة الاحتلال أو الاشتباك معه، وسجلت نقطة على السلطة بنصرة حي الشيخ جراح، كونها فشلت في إدارته منذ نشأته، وهذه الأوراق تسجل في رصيد حماس السياسي التي وضعت السلطة في موقف المتهم بالمسؤولية عن هذا التقصير".

تحميل المزيد