"نسير للموت كأنا في طرب
وقد اصطحبناه وطال المُصطحب
حتى عرفنا ما قلى وما أحب
معوّدٌ على الجلال والرهب
فإن رآك لم تخف منه اضطرب
ونحن منا كل معروفٍ نسب
إذا رأى الموت على البعد اقترب
وجرّه من النواصي للرُّكب
وقال يا هذا تعلم الأدب.. واحفظ مقامات الرجال والرتب!".
حين سمعتها بصوت تميم البرغوثي، الشاعر الفلسطيني-المصري الجميل، فكرت ملياً في كل الكلمات التي تصرخ بأن ما تفعله حماس سوف يؤدي إلى الفتك بغزة. ولكن بما أنني هنا وأنت هنا وهم هناك، فدعنا نفكر بصوت عالٍ دون أن يسمعنا أحد، دعنا نتحدث عن عدة نقاط محددة، فلا حاجة لأن أقول لك كم طال الصراع ولماذا هو موجود. تلك أحاديث عفا عليها الزمن، دعنا نفكر بعقل أكثر تفتحاً وتحرراً من هويتنا العربية والإسلامية أو المسيحية حتى، سأحدثك كإنسان لإنسان.
دعنا نقول عن غزة الأشعار، فما ضر حسنها من قصفها شيء، وكأن قصف الصواريخ عليها في العيد يزيد أهلها بهجه وثباتاً، حديث مجنون قد يخرج مني، ولكن السؤال هو ماذا قد تخسر غزة؟ سأسألك دون تردد ماذا تريد غزة؟
منذ أيام ومازال القصف مستمراً على قطاع غزة، خصوصاً مع استمرار المقاومة في قصف المدن المحتلة ووصول الصواريخ حتى تل أبيب، وقد يفكر البعض -وله حق التفكير- لماذا لا توقف المقاومة صواريخها حتى تخفف القصف عن أهل القطاع المحاصر؟
غزة جميعها وليست حماس فقط، لا تريد إلا الموت حقاً، هذا ما توصلت إليه، تخيل أنك تعلم أنك حسب معايير الجيوش والعتاد أن كفتك ليست الراجحة، ولكنك تقاتل بكل دمك وتستفز عدوك أكثر، مهما كان حجمه وحجمك.
فوق كيلومترات قليلة من الأرض بموارد معدومة وحصار، وما زلت تقاتل وكأنك في نزهة، ولذلك أرى أن المعادلة الصحيحة هي بما أن إسرائيل ستقصف غزة بلا سبب حتى، وما دامت "غزة لن تنتصر في النهاية" مثلاً كما يدّعون، فلماذا لا نجعل إسرائيل تخسر بعض النقاط؟ لماذا لا أقصف لك كل المدن حتى لو بصواريخ بلاستيكية؟ وأقصد هنا كلمة "بلاستيكية" بالتحديد، ربما لن تقتلك لكنها ستصيبك بالذعر، وتجعلك تبيت ليلتين متواصلتين في الملجأ، وتغلق مجالك الجوي، وتعطل أعمالك، ويتوقف كل شيء لديك.
ماذا سوف يحدث؟ ستقتلني؟ حسنا هذه هي النهاية الحتمية حتى وإن انتصرت فأنا سأموت. فلماذا لا نرد؟ ما رأيك؟ منطق مجنون على حد قول أحد أصدقائي، وحينها أجبته: "وماذا أفادنا العقل؟ دع الجنون يخلق عالمنا الجديد".
وصلنا للنهاية، وعليّ أن أقول إن فلسطين قضية ليست دينية فحسب وليست سياسية أبداً، فلسطين قضية ينتمي لها كل إنسان، ولا تشترط أي شيء آخر، ولكنكم تعلمون أن الحيوان يولد حيواناً، أما الإنسان فلا يولد إنساناً، بل عليه أن يُربَّى ليصبح كذلك.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.