انشغلت أوساط الإعلاميين والسياسيين في الأردن بقرار تعيين الدكتور جعفر حسان مديراً لمكتب ملك الأردن عبدالله الثاني بعد قرار الملك المفاجئ بإعادة إحياء منصب مدير مكتب الملك بعد سنوات من بقاء المنصب شاغراً.
لم تكن الخطوة في ذاتها التي أثارت الاستفهامات بقدر الشخصية التي تولت المنصب، جعفر حسان، وهو أحد أبرز الشخصيات المقرّبة من رئيس الديوان الملكي الأسبق المسجون حالياً الدكتور باسم عوض الله في القضية المعروفة إعلامياً باسم بـ"الفتنة".
مصادر لـ"عربي بوست"، أكدت أنّ تعيين حسان، في منصب مدير مكتب العاهل الأردني، يصب في إعادة ترميم العلاقة مع الجانب الإماراتي-السعودي ولكون الرجل يتمتع بعلاقات مميزة مع محمد دحلان، إضافة إلى أنّ الرجل كان مقرباً من باسم عوض الله.
أراد الملك من هذا التعيين أن يبعث برسالة مفادها إلى كل من أبوظبي والرياض أن الأردن منفتح لتحسين العلاقات وأنّه لا يوجد إشكالية في استمرار هذه العلاقة حتى وإن ثبت أنّ هناك أدواراً سعودية-إماراتية في قضية "الفتنة" وقضية الأمير حمزة.
وحسان محسوب على التيار الليبرالي الأردني ولديه خبرة عمل في وزارة الخارجية لحوالي 22 عاماً تنقل فيها بعدة مناصب متنوعة، وبالتالي وجد العاهل الأردني في شخصيته القدرة على إعادة ترتيب ملف العلاقات الخارجية مع الجانب السعودي-الإماراتي.
يقول رئيس المنظمة الأردنية للتغيير د.حسام العبداللات، في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، إنّ العاهل الأردني يحتاج إلى شخصية ذات بعد سياسي في هذا المنصب أكثر من أن يكون ذا بعد عشائري ولا يتمتع بحظوة بين أوساط العشائر الأردنية.
أصبح حسان محل ثقة لدى العاهل الأردني كونه خدم في الديوان الملكي منذ عام 1993، إضافة إلى ذلك فإنّ حسان كان قد تقرّب من العاهل الأردني ومن الملكة رانيا في فترة تسلّم محمد الذهبي لمنصب مدير المخابرات العامة من عام 2005 إلى عام 2008، إذ لم يكن الذهبي على وفاق مع حسان ورفض الأخير جميع المغريات التي قدمها له الذهبي للتجسس على رئيس الديوان الملكي باسم عوض الله والديوان الملكي في تلك الفترة.
وعلى أثرها أصبح بحسب ما أكدّه العبدلات مقرباً من العاهل الأردني، ومن هنا بات الذهبي يشكل آنذاك حجر عثرة أمام الديوان الملكي، حيث يوضح العبدلات، أنّ تعيين جعفر حسان في المنصب الجديد سيعمل على تهيئة أجواء الحوار في الساحة السياسية الأردنية، الذي يقود دفتها في الوقت الحالي رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، إذ قام بإجراء حوار وطني حول الإصلاح السياسي والتنمية السياسية.
من جانبه يؤكدّ الصحفي والناشط السياسي الأردني رحال صبيحات، في حديث خاص لـ"عربي بوست"، أنّ جعفر مقرب من واشنطن بشكل كبير، ونشأ هناك ولديه ارتباطات واسعة مع السياسيين الأمريكيين، معتبراً أنّ العاهل الأردني راعى اختيار شخصية مثله لإدارة دفة العلاقات الأمريكية في المرحلة المقبلة مع الأردن، والدفع به في المعادلة والهدف منها ابتداء العلاقات الأمريكية، حيث لوحظ في الآونة الماضية استعانة الملك والدولة بما يعرف بالحرس القديم إعلامياً، مثل رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز ورئيس الوزراء الأسبق عبدالرؤوف الروابدة.
تعيينه يصب في إطار التوجهات الإصلاحية
وعلى الرغم من التفسيرات العديدة حول القرار الملكي بتعيين حسان مديراً لمكتب العاهل الأردني، إلا أنّ بعض التفسيرات ترى أنّ القصر الهاشمي تجاوز ما يعرف بالفتنة في الأردن والتي اتهم فيها الأمير حمزة شقيق الملك عبدالله بالتخطيط مع شخصيات لاستثمار الأوضاع الاقتصادية في الأردن لتغذية الفوضى.
وهذا ما يذهب إليه خبير الأمن الاستراتيجي، عمر الرداد، مدير عام الطريق الثالث للاستشارات الاستراتيجية، الذي يرى في حديث لـ"عربي بوست"، أنّ تعيين المعروف بعلاقاته الخليجية ومع الإدارة الأمريكية والدوائر الغربية بما فيها البنك الدولي يبعث برسالة حول اتجاهات الإصلاح التي ينوي القصر الملكي الذهاب إليها وهي عموماً اتجاهات ليبرالية تتضمن رسالة بأنّ التيار الليبرالي سيقود ترجمة التوجيهات الملكية الإصلاحية، بما فيها ليس الإصلاحات الاقتصادية فقط، بل الإصلاحات السياسية وعنوانها قانون جديد للانتخابات النيابية وآخر لتنظيم الحياة الحزبية، هذان العنوانان اللذان يشكلان جوهر الإصلاح السياسي، وما عليهما من ملاحظات.
استبعاد المستشارين الثلاثة
ويعتبر استبعاد 3 مستشارين أساسيين للملك عبدالله وهم، السيدة هيفاء تركي حديثة الخريشا مستشار الملك للسياسات، والدكتور كمال قاسم الناصر مستشار العاهل الأردني، وزينة زيد رشاد طوقان مستشار الشؤون الاقتصادية في الديوان الملكي الهاشمي، تأتي بحسب مصادر خاصة لـ"عربي بوست" رفضت الكشف عن اسمها ليتمكن الرجل من إدارة المطبخ السياسي برؤيته، فيما تبقى الملفات المحليات وشؤونها من نصيب رئيس ديوان ملكي بدون خلفية سياسية هو يوسف العيسوي.
وهو ما يشير إليه عمر الرداد، الذي يرى أنّ استقالة ثلاثة من كبار موظفي الديوان الملكي، يرجع إلى أنّ الدكتور حسان سيتولى مهام المذكورين "الناصر، وطوقان والخريشا" حتى الآن.
الجدير بالذكر أنّ حسان كان مسؤولاً عن التخطيط الاستراتيجي في الديوان الملكي وكان موظفاً برتبة صغيرة ويعمل بمعية باسم عوض الله عندما كان الثاني مديراً لمكتب الملك قبل سنوات، إضافة إلى ذلك فقد سبق لحسان العائد حالياً بشكل مفاجئ لموقعه القديم مرة أخرى أن شغل منصب وزير التخطيط ومساعداً لعوض الله في عدة مناصب وكان آخرها تمثيل بلاده في منظمة المؤتمر الإسلامي ومقر عمله الرياض.