قالت مجلة فرنسية محافظة متشدّدة لوكالة "فرانس برس" الجمعة 7 مايو/أيار 2021، إن مجموعة من العسكريين في فرنسا ممّن لا يزالون في الخدمة الفعلية طلبوا منها نشر مقالٍ ينتقدون فيه "تفكّك" بلادهم.
يأتي ذلك بعد أسبوعين على نشرها مقالاً مماثلاً وقّعه عسكريون، بينهم ضباط كبار وجنرالات على وشك التقاعد يواجهون حالياً خطر تعرّضهم لعقوبات بسبب ما أقدموا عليه، وخلف ردود أفعال غاضبة وصلت حد اتهامهم بمحاولة القيام بـ"انقلاب عسكري".
إذ قال جيفري لوجون، مدير تحرير مجلّة "فالور أكتويل" الأسبوعية: "هذا مقال جديد من عسكريين في الخدمة الفعلية هذه المرّة. لقد فكّروا فينا لأنّنا نشرنا" المقال السابق، وأضاف أنّ هؤلاء العسكريين طلبوا إبقاء أسمائهم طيّ الكتمان.
لكنّ مدير تحرير "فالور أكتويل" قال إنّ المقال الجديد لم يستوفِ حتّى الساعة كل الشروط التي تفرضها المجلّة لنشره على صفحاتها، مشيراً إلى أنّه ينتظر قبل كل شيء الاطّلاع على النسخة النهائية من المقال الذي ما زال قيد الصياغة.
كما أضاف أنّه يبحث أيضاً عن طريقة تمكّنه في آن معاً من "التحقّق" من عدد الموقّعين على المقال وضمان عدم الكشف عن هوياتهم.
مقال عسكريين أثار صدمة في فرنسا
في 21 أبريل/نيسان الفائت، نشرت "فالور أكتويل" مقالاً أثار صدمة في البلاد ووقّعه، وفقاً للمجلة، "حوالي عشرين جنرالاً ومئة ضابط رفيع المستوى وأكثر من ألف عسكري آخرين" ناشدوا فيه الرئيس إيمانويل ماكرون الدفاع عن الحسّ الوطني وأعربوا عن استعدادهم "لدعم السياسات التي تأخذ في الاعتبار الحفاظ على الأمّة".
يومها شنّ العسكريون في مقالهم هجوماً شرساً على "التفكّك" الذي يضرب برأيهم وطنهم و"يتجلّى، عبر شيء من معاداة العنصرية، بهدف واحد هو خلق حالة من الضيق وحتّى الكراهية بين المجموعات"، محذّرين من أنّه "تفكّك يؤدّي مع الإسلاموية وجحافل الضواحي، إلى فصل أجزاء عديدة من الأمة لتحويلها إلى أراض خاضعة لعقائد تتعارض مع دستورنا".
بعد يومين على نشرها هذا المقال-الصدمة أفردت المجلة نفسها صفحاتها لرسالة من مارين لوبن، زعيمة حزب التجمّع الوطني (أكبر أحزاب المعارضة، يميني متطرّف) تدعو فيها هؤلاء العسكريين إلى الانضمام لها في "عملها للمشاركة في المعركة التي بدأت وهي قبل كل شيء معركة فرنسا". مضيفة: "بصفتي مواطنة وسياسية، أقر بتحليلاتكم وأشارككم حزنكم".
خلف ردود أفعال غاضبة
أثار مقال العسكريين عاصفة من ردود الفعل المتضاربة في أوساط الطبقة السياسية في فرنسا، إذ رأى فيه البعض دعوة شبه علنية إلى التمرّد، في حين اعتبره آخرون حركة عفوية صحيّة. ومن المقرر أن يتخذ الجيش الفرنسي إجراءات تأديبية وعقابية بحق المجموعة.
قال قائد الأركان الفرنسي، فرانسوا لوكوانتر، إن المؤسسة العسكرية ستتخذ إجراءات عقابية بحق هؤلاء، مشيراً إلى أن هناك 18 عسكرياً لا يزالون يمارسون مهامهم من بين الموقعين.
كما أضاف لوكوانتر لوسائل إعلام فرنسية أنه يتمنى إنزال "عقوبات أقسى" بحق أصحاب الرتب العالية من بين العسكريين الـ18 الذين تمّ تحديدهم، و"عقوبات أخف" بحق أصحاب الرتب الأصغر.
بينما ندّد رئيس الوزراء جان كاستيكس بالخطوة التي أقدم عليها هؤلاء العسكريون، معتبراً أنّها "تتعارض مع كلّ مبادئنا الجمهورية"، ومتّهماً حزب التجمّع الوطني بمحاولة "التكسّب سياسياً" من هذا المقال.
فيما دان زعيم حزب فرنسا الأبية (يسار راديكالي) جان لوك ميلينشون "إعلان العسكريين المثير للدهشة"، بينما رأى المرشح الاشتراكي السابق للانتخابات الرئاسية في 2017، بونوا هامون أن "20 جنرالاً يهددون بشكل واضح الجمهورية بانقلاب عسكري".