إدانات عربية ودولية “محدودة” للاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى.. ودول “التطبيع” تلتزم الصمت

عربي بوست
تم النشر: 2021/05/07 الساعة 23:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/07 الساعة 23:10 بتوقيت غرينتش
القوات الإسرائيلية اعتدت بـ"همجية" على النساء المتواجدات في ساحة مصلى قبة الصخرة/ الأناضول

تواصلت، مساء الجمعة 7 مايو/أيار 2021، الإدانات العربية والدولية "المحدودة" لاقتحام القوات الإسرائيلية باحات المسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، والاعتداء على المصلين بداخله، والذين كان من بينهم أطفال ونساء، في الوقت الذي التزمت فيه العديد من الدول الصمت، خاصةً تلك التي قامت بتطبيع علاقاتها مؤخراً مع تل أبيب مثل الإمارات والبحرين والسودان والمغرب وغيرها، بالإضافة إلى جامعة الدول العربية.

الرئاسة والمعارضة التركية تدينان الاقتحام

حيث أدانت الرئاسة التركية اقتحام المسجد الأقصى. وقال المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالن، في تغريدة على موقع "تويتر": "ندين بشدةٍ استهداف الشرطة الإسرائيلية المسجد الأقصى بالقنابل الصوتية"، مضيفاً: "يجب على الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يكنّ الاحترام لأي مقدسات في شهر رمضان الفضيل، مغادرة المسجد الأقصى على الفور، وإيقاف هذه الاعتداءات البغيضة والمتهورة حالاً".

وأعرب وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، عن إدانته الشديدة للاعتداءات الإسرائيلية، مشدّداً على أن استهداف تل أبيب للمصلين الأبرياء في شهر رمضان، يعتبر "هجوماً وحشياً"، مؤكداً وقوف بلاده إلى جانب الشعب الفلسطيني على الدوام.

فيما أعرب زعيم المعارضة التركية، كمال قليجدار أوغلو، عن إدانته الشديدة، قائلاً: "أدين بشدةٍ هجوم الشرطة الإسرائيلية على المصلين في الأقصى"، مؤكداً تضامنه مع "الشعب الفلسطيني الشقيق".

إزاء الموقف التركي "الواضح" من دعم القضية الفلسطينية، قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، الجمعة، إن تركيا في مقدمة الدول التي تدعم بلاده، مشيداً بمواقف أنقرة المناهضة للاستيطان الإسرائيلي.

قلق أمريكي بالغ

من جهتها، أبدت الولايات المتحدة قلقها مما وصفته بالتوتر المتصاعد في القدس والمسجد الأقصى، مؤكدةً أنها تشعر بقلق بالغ إزاء احتمال إجلاء عائلات فلسطينية تعيش منذ أجيال في حي "الشيخ جرّاح"، داعيةً جميع الأطراف إلى ضمان الهدوء والتصرف بمسؤولية، لتهدئة التوترات وتجنب المواجهات.

فقد قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، جالينا بورتر، إن واشنطن "تشعر بقلق عميق إزاء التوتر المتزايد في القدس… بما أننا نتجه إلى فترة حساسة سيكون من الضروري على كل الأطراف ضمان الهدوء والتصرف بمسؤولية، لخفض تصعيد التوتر وتجنب المواجهات المشوبة بالعنف".

قطر تدين "بشدةٍ" اعتداء إسرائيل "الوحشي"

بدورها، سارعت دولة قطر إلى إعلان إدانتها "بشدةٍ" اقتحام باحات المسجد الأقصى، واصفةً الاعتداء على المصلين داخله بـ"الوحشي".

فقد قالت وزارة الخارجية، في بيان، إن "دولة قطر تدين بأشد العبارات اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي باحات المسجد الأقصى المبارك، واعتداءها الوحشي على المصلين"، لافتة إلى أن ذلك يعد "استفزازاً لمشاعر ملايين المسلمين حول العالم، وانتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية".

أيضاً شدّدت على "ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل، لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة بحق الشعب الفلسطيني الشقيق والمسجد الأقصى المبارك"، مجددةً تأكيد موقفها الثابت من عدالة القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وضمن ذلك ممارسة حقوقه الدينية، وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف.

الخارجية الأردنية تصف الاعتداءات بـ"الهمجية"

كما أدانت وزارة الخارجية الأردنية ما جرى، واصفةً الاعتداء على المصلين بـ"الهمجي"، وداعيةًاً المجتمع الدولي، إلى "الضغط على إسرائيل لوقف التصعيد والانتهاكات بالمسجد الأقصى، وفي البلدة القديمة وبالقدس الشرقية المحتلة".

إذ قال المتحدث باسم الخارجية ضيف الله الفايز، في بيان: "إن اقتحام الحرم والاعتداء على المصلين الآمنين، انتهاك صارخ وسافر وتصرف همجي مُدان ومرفوض"، محذراً السلطات الإسرائيلية من "مغبة هذا التصعيد الخطير"، محملاً إياها "مسؤولية سلامة المسجد والمصلين".

وشدّد الفايز، على ضرورة "إخراج الشرطة والقوات الإسرائيلية الخاصة من الحرم فوراً، وترك المصلين الآمنين لتأدية الشعائر الدينية بكل حرية في ليالي رمضان المباركة"، مطالباً السلطات الإسرائيلية بـ"التقيد بالتزاماتها كقوة قائمة بالاحتلال وفق القانون الدولي الإنساني، والكف عن الانتهاكات والاعتداءات والاستفزازات".

مصر تعلن إدانتها

في حين أعربت وزارة الخارجية المصرية عن بالغ إدانتها واستنكارها للاعتداءات الإسرائيلية، مؤكدةً ضرورة تحمُل السلطات الإسرائيلية لمسؤوليتها وفق قواعد القانون الدولي لتوفير الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين، وحقهم في ممارسة الشعائر الدينية، وكذلك وقف أي ممارسات تنتهك حُرمة المسجد الأقصى المبارك وشهر رمضان المُعظّم، أو الهوية العربية الإسلامية والمسيحية لمدينة القدس.

السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أكد على الرفض الكامل لأي ممارسات غير قانونية تستهدف النيل من الحقوق المشروعة والثابتة للشعب الفلسطيني الشقيق، مديناً المساعي الحالية لتهجير عائلات فلسطينية من منازلهم في حي "الشيخ جرّاح".

مسيرات ووقفات احتجاجية في لبنان

فضلاً عن ذلك، خرجت مسيرات واحتجاجات، الجمعة، في عدد من مناطق لبنان والمخيمات الفلسطينية فيه؛ رفضاً للاعتداءات الإسرائيلية.

فقد انطلقت مسيرات عدة عقب صلاة التراويح في كل من مخيم "عين الحلوة" بمدينة صيدا (جنوب)، ومخيمي "برج البراجنة"، و"شاتيلا" في العاصمة بيروت.

وأطلق المشاركون هتافات منددة بالانتهاكات الإسرائيلية بحق المصلين في المسجد الأقصى، كما أطلقوا شعارات داعمة للفلسطينيين الموجودين في منطقة "باب العامود" وحي "الشيخ جراح".

في وقت سابق من يوم الجمعة، نفذ عدد من الإعلاميين اللبنانيين والفلسطينيين في مدينة صيدا، وقفة تضامنية تحت عنوان "إعلاميون لبنانيون وفلسطينيون متضامنون مع القدس وأهلها".

كانت فصائل فلسطينية وأحزاب وقوى وطنية وإسلامية في شمال لبنان نفذت عقب صلاة الجمعة، وقفة تضامنية بمخيم البداوي (شمال)؛ دعماً لانتفاضة القدس.

مطالب للعرب بالارتقاء بمواقفهم تجاه "الأقصى"

على صعيد المواقف المحلية، طالب المجلس الوطني الفلسطيني، العرب والمسلمين بـ"الارتقاء" بمواقفهم تجاه "الاعتداءات" الإسرائيلية على المصلين في المسجد الأقصى، واصفاً ما حدث بالعدوان الوحشي.

جاء ذلك في بيان أصدره رئيس المجلس سليم الزعنون، الجمعة، بالعاصمة الأردنية عمّان، تعقيباً على ما جرى.

المجلس اعتبر أن "العدوان على المسجد والمصلين عدوان على المسلمين ومقدساتهم، وامتهان لكافة الأعراف والشرائع الدينية والمقدسات"، داعياً "الأمتين العربية والإسلامية وبرلماناتها ومؤسساتها إلى الارتقاء إلى مستوى خطورة ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي في القدس، وعدم الاكتفاء بإعلان مواقف خجولة تجاه ما يجري".

كما دعاهم إلى "اتخاذ مواقف عملية وعاجلة لنصرة القدس وأهلها وحماية مقدساتها بما يضمن تنفيذ كافة القرارات التي اتخذها بشأن حماية القدس وتعزيز صمود قاطنيها من الفلسطينيين"، مطالباً الاتحاد البرلماني العربي والبرلمان العربي وبرلمانات الدول الإسلامية بـ"عقد اجتماعات طارئة عاجلة؛ لبحث سبل الرد على هذا العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني ومقدساته".

من جهتها، استنكرت "رابطة علماء فلسطين"، الجمعة، الاعتداءات الإسرائيلية على المصلين، قائلة: "الفلسطينيون المرابطون في ساحات المسجد الأقصى يدافعون بدمائهم الآن عن شرف وكرامة المسلمين أجمعين من تدنيس الصهاينة للمسجد ومدينة القدس".

في حين شدّدت على ضرورة "تحرك حكام العرب والمسلمين والمجتمع الدولي للضغط على دولة الاحتلال لوقف جرائمها تجاه أبناء شعبنا الفلسطيني وانتهاكاتها بحق القدس والمسجد الأقصى"، محذرةً من أن "استمرار الاعتداءات الصهيونية على مدينة القدس والمسجد الأقصى سيؤدي إلى تداعيات تؤثر على مجمل المنطقة".

زيادة عدد الإصابات

في هذا السياق، أصيب 163 فلسطينياً، الجمعة، إثر تلك "الاعتداءات" الإسرائيلية. وقالت جمعية "الهلال الأحمر" الفلسطيني (غير حكومية)، في بيان: "تم نقل 83 إصابة لمستشفيات القدس، أما باقي الإصابات فقد تم علاجها ميدانياً".

الجمعية المحلية أشارت إلى أن "عدداً كبيراً من الإصابات كانت في الوجه والعين والصدر بالرصاص المطاطي"، لافتة إلى أنها "أقامت مستشفى ميدانياً قرب باب الأسباط (أحد أبواب المسجد الأقصى)؛ للتعامل مع الإصابات بعد اكتظاظ المستشفيات العربية في القدس بالمصابين".

منذ ما بعد إفطار الجمعة، تشهد باحات المسجد الأقصى ومصلياتها "اعتداءات" إسرائيلية متواصلة على المصلين، بإطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الغاز والصوت.

حيث أكد شهود عيان أن القوات الإسرائيلية اعتدت على النساء في ساحة مصلى قبة الصخرة، وأطلقت نحوهن قنابل الصوت، إضافة إلى قيامها بإغلاق "أبواب المصلى القبلي، داخل المسجد الأقصى، بالسلاسل والجنازير، والاعتداء على المصلين بداخله، من بينهم أطفال".

كما فصلت القوات سماعات المسجد القبلي عن باقي سماعات المسجد، وأغلقت، بحسب شهود عيان، "عيادة المسجد الأقصى، ومنعت إدخال المصابين إليها لتلقي العلاج".

إجلاء المقدسيين قد يرقى لـ"جرائم حرب"

في السياق ذاته، حذَّرت الأمم المتحدة، الجمعة، إسرائيل من أن عمليات الإجلاء القسري للفلسطينيين بمدينة القدس قد ترقى إلى "جرائم حرب"، داعيةً إياها إلى وقفها.

إذ قال المتحدث باسم المفوضية الأممية العليا لحقوق الإنسان، روبرت كولفيل، خلال مؤتمر صحفي في جنيف: "8 عائلات من اللاجئين الفلسطينيين في القدس الشرقية تواجه خطر الإجلاء القسري"، داعياً إسرائيل إلى "إنهاء كل عمليات الإجلاء القسري على الفور"، ومضيفاً أن خطر ذلك "بات وشيكاً بالنسبة لـ4 عائلات".

فيما شدد على أن "القدس الشرقية لا تزال جزءاً من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويسري عليها القانون الإنساني الدولي"، مؤكداً أن "إسرائيل لا تستطيع فرض منظومتها التشريعية في الأراضي المحتلة، وضمن ذلك القدس الشرقية".

كذلك طالب المتحدث الأممي إسرائيل بـ"احترام حرية التعبير والتجمع، وهذا يشمل المحتجين على عمليات الإجلاء، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس في استخدام القوة".

تجدر الإشارة إلى أن حيّ "الشيخ جراح" يشهد منذ أكثر من 10 أيام، مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية وسكان الحي الفلسطينيين، ومتضامنين معهم.

فيما يحتج الفلسطينيون في الحي على قرارات صدرت عن محاكم إسرائيلية بإجلاء عائلات فلسطينية من المنازل التي شيدتها عام 1956. 

إلا أن جمعيات استيطانية إسرائيلية تزعم أن المنازل أقيمت على أرض كانت مملوكة ليهود قبل عام 1948.

كان من المقرر أن تصدر المحكمة العليا الإسرائيلية، الخميس، قراراً نهائياً بخصوص إجلاء 4 عائلات فلسطينية من الحي لصالح مستوطنين يدّعون ملكيتهم للأرض، إلا أنها أعلنت عقد جلسة جديدة، الإثنين القادم.

حتى اليوم، تلقت 12 عائلة فلسطينية بالحي قرارات بالإخلاء، صدرت عن محكمتي الصلح و"المركزية" الإسرائيليتين.

يأتي ذلك في ظل الغضب المتزايد إزاء السعي الإسرائيلي لطرد وتهجير عائلات فلسطينية من ديارها بحيّ "الشيخ جراح" في مدينة القدس المحتلة.

تحميل المزيد