مذكرات قائد حراك الريف تُشعل فتيل الأزمة بين الرباط ومدريد.. هرّبها معتقل سابق من السجن ونشرتها مجلة “الموندو” الإسبانية لاستفزاز المغرب

عربي بوست
تم النشر: 2021/05/06 الساعة 15:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/06 الساعة 15:42 بتوقيت غرينتش
ناصر الزفزافي قائد حراك الريف في المغرب (مواقع تواصل الاجتماعي)

في عز الأزمة الدبلوماسية بين الرباط ومدريد بسبب استقبال إسبانيا زعيم جبهة البوليساريو على أراضيها بطريقة أثارت غضب المغرب، نشرت صحيفة "الموندو" الواسعة الانتشار حواراً لقائد حراك الريف المحكوم بـ20 سنة سجناً نافذاً، المعتقل ناصر الزفزافي.

الحوار الذي ركز على تعامل السلطات الأمنية المغربية مع الزفزافي حظي بدعاية كبيرة لدى نشطاء الريف وعائلات المعتقلين، حيث نشره حساب والد ناصر الزفزافي، الذي يعد في الوقت نفسه مسؤولاً عن جمعية أسر معتقلي حراك الريف.

حوار مشبوه

الإثنين 26 أبريل/نيسان الماضي، نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية حواراً مع القائد الميداني لحراك الريف، عرضت فيه جوانب تدين السلطات الأمنية المغربية في سياق الأزمة الدبلوماسية بين الرباط ومدريد.

في هذا الحوار ركزت الصحيفة الإسبانية على اتهام الناشط المغربي وأحد قادة الحِراك الشعبي ناصر الزفزافي، عناصر الأمن بتعذيبه والتحرش به داخل السجن، ومطالبته بالنطق بعبارة "عاش الملك".

 وزاد ناصر، من خلال الحوار الذي نشرته الجريدة الإسبانية، لقد "عرضت علي وعلى عائلته عدة إغراءات من أجل التزام الصمت، إلا أنني رفضتها كلها، فالأمر غير مرتبط بالمصالح الشخصية"، وأكد أن محاكمته كانت "تشوبها مجموعة من الخروقات التي رصدتها المنظمات المحلية والدولية".

المعطيات الواردة في حوار الزفزافي مع "الموندو" لم تفاجئ المتابعين للشأن العام في المغرب، على اعتبار أنها معروفة ولا تحمل طابع الجدية، لكن "توقيت" إخراج هذا الحوار هو الذي كان استثنائياً، بحكم الأزمة التي يعيشها المغرب مع جارته الشمالية.

واندلعت في الأسابيع الأخيرة أزمة دبلوماسية بين المغرب وإسبانيا، على خلفية "تهريب" مدريد زعيم جبهة البوليساريو وإدخاله إلى أحد مستشفياتها لتلقي العلاج. وهو ما اعتبرته الرباط تجاوزاً لموقف الحياد المطلوب من إسبانيا.

وفي 22 أبريل/نيسان، أعلن ناصر الزفزافي استقالته من "زعامة" حراك الريف (منصب شرفي)، ما أثار ردود فعل كبيرة داخل نشطاء حراك الريف في المغرب والخارج.

التلفيق

لم يتردد أحمد الزفزافي والد ناصر الزفزافي في الهجوم على حوار "الموندو"، واعتبره وليد التوتر بين المغرب وإسبانيا، وزاد على ذلك بوصفه بأنه حوار "ملفق".

لم يتوقف أحمد الزفزافي عند هذا الحد، بل قال في تصريح صحفي إن "هذا الحوار لا أساس له من الصحة"، قائلاً: "كيف لمن يُرغم على قول عاش الملك أن يُسمح له بإجراء حوار مع صحيفة إسبانية".

وأضاف الزفزافي الأب أن "آخر ما صدر عن ابني ناصر الزفزافي، وهو في زنزانته هي الرسالة التي نشرتها على حائطي الفيسبوكي، وأنا الوحيد من يُعبر عن آراء ابني خارج السجن".

وأعاد الزفزافي الأب نشر الحوار إلى التوتر القائم بين المغرب وإسبانيا، قائلاً: إن "الوضع الدبلوماسي الحالي هو ما جعل إسبانيا تقدم على نشر هذا التلفيق لابني، والمسألة واضحة لأنه مسجون منذ أربع سنوات، كيف تذكره الإعلام الإسباني الآن؟".

وختم تصريحاته قائلاً: "قد تكون الجريدة الإسبانية بنت حوارها على التسجيل المسرب، والذي حكا فيه ناصر معاناته الأولى في سجن الدار البيضاء".

هذا الموقف الحاد من والد قائد حراك الريف، الذي يشغل في الوقت نفسه رئيس جمعية (ثافرا) للوفاء والتضامن لعائلات معتقلي حراك الريف" رفضه عدد من نشطاء حراك الريف، معتبرين أن الحوار حقيقي وليس ملفقاً.

مذكرات الزفزافي

وكشفت مصادر "عربي بوست"، القريبة من نشطاء حراك الريف، أن ما نشرته "الموندو" ليس حواراً، وإنما أجزاء مبعثرة من مذكرات ناصر الزفزافي، جرى تأليفها بشكل يخدم مصلحة إسبانيا في عز أزمتها مع المغرب.

وتابعت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن "ما جرى عمل غير أخلاقي أولاً، وغير مهني ثانياً، واستعمل لأهداف سياسية لصالح مدريد في صراعها ضد المغرب".

وأضافت المصادر أن "ناصر الزفزافي في الشهور الأولى لاعتقاله شرع في تدوين مذكراته حول أطوار حراك الريف، وما جرى خلال الاعتقال والمحاكمة، وظروف السجن، هذه المذكرات جرى تسريبها إلى خارج أسوار السجن، من طرف أحد نشطاء حراك الريف، كان قد استفاد من عفوٍ ملكي، وظلت هذه المذكرات بحوزته، إلى أن ظهرت بعض مقتطفات منها في حوار الصحيفة الإسبانية".

وسجلت المصادر ذاتها أن "ناصر الزفزافي اتفق مع المعتقل الذي استفاد من العفو على تسليم مذكراته إلى شخصية حقوقية، مع اشتراطه ألا تصل هذه المذكرات إلى أحد من أفراد أسرته".

وأفادت أنه "علينا الانتباه إلى السياق الذي أخرج فيه الحوار، لا يمكن القول إن صحيفة بحجم "الموندو" تختلق وقائع لا وجود لها، لكنها بالقطع لم تُجر حواراً مع ناصر، وإنما حصلت على مذكراته كلها أو جزء منها، فقررت نشرها في سياق التوتر بين الرباط ومدريد".

وتساءلت المصادر "هل تطرق الحوار إلى قضية حديثة؟ هل عالج مسألة مرتبطة بالوقت الحالي"، قبل أن تجيب "أبداً لا، رغم كل محاولات التمويه، فإن ما نشر في الحوار المفترض قديم غير التفاصيل، والتفاصيل هي من صلب المذكرات، وبالتالي فنحن أمام مذكرات ناصر نقطة إلى السطر".

هذه الواقعة التي تورطت فيها صحيفة "الموندو" الإسبانية استعملتها وسائل الإعلام المغربية، التي لم تتردد في الهجوم على الإعلام الإسباني، والنيل من مصداقيته، خاصة أن "الموندو" التزمت الصمت تجاه هذا الجدل الذي أثاره حوارها المفترض.

من جهة أخرى، فرغم تزامن نشر حوار الزفزافي مع التوتر المغربيـ الإسباني، فإنه كذلك جاء أياماً قليلة بعد إعلان ناصر استقالته من زعامة حراك الريف، والنقاشات التي خلفها داخل المحسوبين على حراك الريف خارج المغرب.

استقالة ناصر اعتبرتها مصادر "عربي بوست"، أحد أسباب تسليم مذكرات الزفزافي إلى الإعلام الإسباني الذي وظفها، بما يعني أن هناك تبادل مصالح دفع إلى إخراج هذا الحوار.

تحميل المزيد