نشر أحد الحسابات الصينية المرتبطة بالحزب الشيوعي الحاكم منشوراً على الشبكات الاجتماعية وُصف بالساخر من مأساة الهند مع كوفيد-19، إذ نشر هذا الحساب على موقع التواصل الاجتماعي "ويبو" صورة للصاروخ الصيني Long March-5B لحظة إطلاقه، إلى جانب صورة لحرق بعض الجثث ليلاً في الهند بإشراف أشخاص يرتدون بدلات واقية.
وجاء في التعليق على هذه الصورة: "النار المشتعلة في الصين مقابل النار المشتعلة في الهند"، وكان مرفقاً بهاشتاغ يعلن تجاوز حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19 في الهند 400 ألف حالة في اليوم.
صدمة على مواقع التواصل الاجتماعي
شبكة CNN الأمريكية قالت إن الحساب الذي نشر هذه الصور مرتبط باللجنة المركزية للشؤون السياسية والقانونية، وهي جهاز قوي تابع للحزب الشيوعي الحاكم، وتشرف على المحاكم وهيئات إنفاذ القانون في البلاد. ونشرت هذه الصور عدة حسابات حكومية أخرى تديرها الشرطة والمحاكم المحلية.
رغم أن المشاعر القومية المعادية للهند وصلت أوجها في الأشهر الأخيرة بسبب النزاعات الحدودية، كان العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في حالة صدمة، وعلق أحدهم تحت المنشور: "لا أصدق أن حساباً حكومياً هو من نشر هذا. لماذا قد يستغل أحدهم معاناة الآخرين للحديث عن لحظة فخر وطني؟".
في تعليق آخر قال أحد المغردين: "كيف وافق المراقبون على هذا المنشور؟ إنه استهانة كاملة بحياة الإنسان".
وحتى هو شيجين، رئيس تحرير صحيفة Global Times التابعة للدولة والمعروفة بموقفها القومي، انتقد المنشور بالقول: "لا أعتقد أنه من اللائق أن تسخر حسابات بعض المؤسسات الرسمية الصينية أو القوى المؤثرة الأخرى من الهند على الشبكات الاجتماعية في هذه اللحظة".
وبعد هذا الهجوم العنيف الذي تعرض له على الإنترنت، حُذِف المنشور الذي يقارن بين إطلاق الصين لصاروخها ووفيات كوفيد في الهند من موقع ويبو.
وحُذف الهاشتاغ المرتبط بالمنشور أيضاً ومن الممكن جداً أن هذا الحذف علامة على عدم استحسان أعلى المستويات في الحزب لهذا المنشور.
فقبل أيام فقط، قدم الرئيس شي جين بينغ تعازيه لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وعرض مساعدة الصين، بعد سلسلة من التعهدات المماثلة من مسؤولين صينيين، وكل هذا في إطار مساعي بكين لتقديم الهند في صورة الجارة الداعمة والمسؤولة.
ورغم أن مثل هذه المنشورات قد تحظى بدعم القوميين الصينيين المتشددين -وربما تقدير بعض رؤساء الحزب- فصورة الصين الدولية هي التي تدفع الثمن في النهاية. وأحياناً، كما في حالة الاستهزاء بأزمة الهند، حملات تلميع الصورة الدبلوماسية كذلك.
الأزمة بين الصين والهند
يُشار إلى أنه منذ الحرب الهندية الصينية عام 1962 ظلت الحدود غير محددة في منطقة لاداخ المتنازع عليها، وبين البلدين حدود شاسعة بطول 3440 كم، وكثير منها غير محدد ومتنازع عليه، والأهم أنها تقع في منطقة شديدة الوعورة وقاسية المناخ ومتغيرة التضاريس نتيجة الأنهار والبحيرات المتجمدة.
وتتنافس الدولتان أيضاً على بناء البنية التحتية على طول الحدود، والتي تُعرف أيضاً باسم خط السيطرة الفعلية، ويُنظر إلى بناء الهند لطريق جديد يؤدي إلى قاعدة جوية على ارتفاعات عالية على أنه أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى اشتباك مع القوات الصينية في يونيو/حزيران الماضي، حسبما ورد في تقرير لموقع BBC.
بدأت الأزمة الحالية في مايو/أيار 2020، حين نقلت الصين جنودها من مناورة تدريبية إلى لاداخ، وأخذت الجيشَ الهندي على حين غرَّة في وسط الجائحة.
واتضحت خطورة الموقف في منتصف يونيو/حزيران حين قُتل 20 هندياً وعدد مجهول من الجنود الصينيين في صدام عنيف لم تُطلق فيه رصاصة واحدة. استعمل الجنود على الجبهة (من بلدين يمتلكان أسلحة نووية) العصي والهراوات والحجارة لإحداث الإصابات والتسبب في مقتل الجنود من الطرف الآخر.