تتوافد مجموعة من كبار مسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وأعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي على منطقة الشرق الأوسط في زيارة تشمل 4 دول الاثنين 3 مايو/أيار 2021، وذلك في محاولة لتهدئة القلق المتزايد بين شركاء الولايات المتحدة في الخليج العربي بشأن عودة العلاقات الأمريكية مع إيران وغيرها من التحولات السياسية في المنطقة.
صحيفة The Independent البريطانية قالت إن هذه الزيارات تأتي في وقت تناقش فيه الولايات المتحدة وإيران، عبر وسطاء في فيينا، العودة إلى اتفاق طهران النووي الممزَّق مع القوى العالمية بعد انسحاب الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، قبل ثلاث سنوات.
ومن الجدير بالذكر أن الإمارات والسعودية وحلفاء خليجيين آخرين، استُبعِدوا من المفاوضات مع إيران في عهد أوباما، ضغطوا مراراً وتكراراً للحصول على مقعد إلى طاولة المفاوضات، كما أصروا على أن أي عودة إلى الاتفاق يجب أن تتناول برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني ودعمها لوكلاء إقليميين عنها.
مخاوف الشرق الأوسط من الاتفاق النووي
من جانبه، قال السيناتور الديمقراطي كريس كونز، وهو حليف رئيسي لبايدن وأحد ممثِّليه في البعثات الدبلوماسية الخارجية، للمراسلين في العاصمة الإماراتية أبوظبي، إنه يأمل في تهدئة مخاوف الإمارات "المتفهمة والمشروعة" بشأن عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق التاريخي، كما يرمي إلى خلق "مشاركة أوسع نطاقاً" مع شركاء الولايات المتحدة في الخليج.
كونز قال إن "التشاور الوثيق" مع الإمارات بشأن المحادثات الجارية في فيينا كان "مهماً ومتوقعاً، ويجري بالفعل"، مضيفاً أنه يأمل في ألا يقتصر الأمر على "إخطار الإماراتيين فحسب، بل وتقديمهم المساعدة أيضاً".
ما يعنيه ذلك على وجه التحديد لا يزال مبهماً، إذ تراقب دول الخليج الآن في قلق المفاوضات التي أخذت تكتسب زخماً في العاصمة النمساوية.
غير أن كونز عندما طُلب منه التوضيح، رفض الرأي القائل بأن مساهمة الإمارات قد اكتسبت أي اعتبار أكبر في المحادثات مع إيران على مدى السنوات الخمس الماضية.
أضاف كونز: "لم أقصد بأي حال الإشارة إلى وجود اتفاقٍ ما في الكواليس بأن تحصل الإمارات على ضمانة بأي شيء. وفيينا هي المكان الذي تُجري فيه حكومة الولايات المتحدة، إدارتها، المفاوضات" الخاصة بهذا الأمر.
إيران تضغط على بايدن
من جهة أخرى، فإن التوترات الإقليمية آخذة في التصاعد وبهدفِ الضغط على إدارة بايدن لرفع العقوبات والعودة إلى الاتفاق النووي، عمدت إيران إلى انتهاك قيود الاتفاقية المتعلقة بالتخصيب النووي وكميات اليورانيوم المخصب. كما اشتدت حدة حرب الظل طويلة الأمد بين إسرائيل وإيران، مع تكثيف إسرائيل هجماتها على السفن الإيرانية في ممرات الشرق الأوسط المائية، وفي منشأة نطنز النووية الإيرانية.
في ضوء هذه التوترات كلها، جاءت هذه الجولة التي تهدف، وفقاً لمسؤولين أمريكيين، إلى تعزيز "العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية طويلة الأمد"، وتضم قائمة المسؤولين عدداً من كبار مسؤولي إدارة بايدن، منهم بريت ماكغورك، من مجلس الأمن القومي، وديريك سوليت، من وزارة الخارجية، إلى جانب مسؤولين آخرين، من المقرر أن تشمل زيارتهم التوقف في أبوظبي والرياض وعمان والقاهرة هذا الأسبوع.
وتأتي هذه الزيارات كذلك في أعقاب قرار إدارة بايدن المضي قدماً في مبيعات الأسلحة الموقع عليها في عهد ترامب إلى دول الخليج، ومنها صفقة بنحو 23 مليار دولار من الطائرات المقاتلة من طراز "إف 35" وطائرات "ريبر" الأمريكية المسيَّرة وأسلحة متطورة أخرى إلى الإمارات، وذلك على الرغم من اعتراضات النواب الديمقراطيين الذين يشعرون بالقلق حيال دور هذه الدول في الحرب المدمرة الجارية في اليمن وسياساتها الاستبدادية داخلياً، بالإضافة إلى علاقاتها مع الصين.
كونز نفسه، عندما كان رئيس اللجنة الفرعية للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، تقدَّم بمشروع قانون العام الماضي يهدف إلى بيع منع المقاتلات إلى الإمارات. بيد أنه قال يوم الإثنين 3 مايو/أيار إنه ناقش هذه المخاوف مع المسؤولين الإماراتيين خلال زيارته التي استمرت يومين.
أضاف كونز: "تلقيت قدراً مناسباً من التطمينات، في رأيي، خلال عدد من المحادثات المكثفة مع كبار القادة (الإماراتيين)"، دون أن يخوض في تفاصيل تلك التطمينات، قبل أن يضيف: "لكنني بحاجة إلى العودة إلى واشنطن لأسمع من الإدارة… رأيها على وجه التحديد حول سبل التعامل مع هذا وتعريفه".
كما اشتهر السيناتور كونز أيضاً بانتقاداته اللاذعة لسجل السعودية في مجال حقوق الإنسان وعملياتها العسكرية في اليمن، حيث يقول إن الغارات الجوية للتحالف السعودي المدعوم من الولايات المتحدة قتلت آلاف المدنيين.
كما أن إدارة ترامب، التي أقامت علاقات وثيقة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أقرت اتفاق تعاونٍ نووي لمشاركة التكنولوجيا مع المملكة فيما يخص مشروعات للطاقة النووية، ومنها خطط لبناء عدة مفاعلات نووية لأغراض مدنية.
ومع ذلك، أثار هذا التعاون مخاوف بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكيين المرتابين في دوافع السعودية وتحركاتها.
وعلى الرغم من رفض كونز مشاركة ما يعرفه عن خطط التكنولوجيا النووية للمملكة، فإنه قال إن الحرب الكارثية في اليمن "تركت لنا مخاوف جمة بشأن قدرتنا على الوثوق بالسعوديين فيما يتعلق بالتكنولوجيا التي ننقلها إليها"، وأضاف: "إيران ليست الطرف الوحيد المعني".