دعا بابا أقباط مصر، تواضروس الثاني، إثيوبيا لتجنب "القلق والصراع في المنطقة، والذهاب لحل توافقي" في مشكلة سد النهضة، مشدّداً على ضرورة الابتعاد عن التعنت؛ كي يعيش الجميع في حالة من السلام والنمو.
جاء ذلك في عظة دينية بقداس ترأسه "تواضروس الثاني"، ونقله التلفزيون الحكومي عشية عيد القيامة أحد أكبر الأعياد المسيحية، والذي يحتفل به مسيحيو مصر، الأحد 2 مايو/أيار 2021.
حيث قال بابا أقباط مصر: "نصلي كثيراً من أجل مشكلة سد النهضة، ليمد الله يده ويعمل فيها للوصول إلى حلول ترضي الجميع"، داعياً إثيوبيا، حكومة وشعباً، إلى المشاركة والتعاون والتنمية، بدلاً من أي قلق أو صراع أو متاعب. لكي نعمل جميعاً، ونحن أشقاء في النهر الخالد من أجل الشعوب جميعها".
كما أضاف تواضروس الثاني: "الحياة تعلمنا أن المعارك لا تأتي بثمر، وفي كل قداس نصلي من أجل نهر النيل واثقين أن يد الله ستعمل في تلك الأزمة. ونصلي أن ينجح الله كل الجهود الطيبة، الجهود الدبلوماسية والسياسية، حتى لا نلجأ إلى أي جهود أخرى"، دون أن يحدد طبيعة تلك الجهود.
بينما لم يعلق تواضروس الثاني، خلال كلمته، على التقارير الإعلامية بشأن محاولة إثيوبيين رفع علم بلادهم في دير السلطان الأثري المملوك للكنيسة المصرية للأقباط الأرثوذكس بالقدس المحتلة، وهو الأمر الذي أثار ردود فعل قبل أيام.
مصر مستعدة لأسوأ الظروف
في سياق متصل، قال محمد غانم المتحدث باسم وزارة الري المصرية، إن بلاده مستعدة لأسوأ الظروف بكل السيناريوهات، حال الملء الثاني السد، مؤكداً أن هناك خططاً رئيسية لدى الوزارة لتخفيف آثار أية أزمة محتملة.
غانم لفت، في تصريحات نقلها الموقع الإلكتروني المحلي "مصراوي"، إلى أن خطط الوزارة شملت تأهيل وتبطين 8 آلاف و200 كيلومتر من الترع والمصارف، وصيانة وإنشاء محطات معنية بالمياه يتضمن بعضها المعالجة فضلاً عن تشجيع المزارعين على اللجوء إلى الري الحديث بالتنقيط والرش بديلاً عن الغمر الذي كان يستهلك النسبة الكبرى من حصة النيل، مجدداً رفض بلاده لعملية الملء الثاني للسد بشكل أحادي.
خط السيسي الأحمر
كان الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، قد صرّح في 30 مارس/آذار الماضي، بأن "مياه النيل خط أحمر، ولن نسمح بالمساس بحقوقنا المائية، وأي مساس بمياه مصر سيكون له رد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل"، وذلك في أقوى لهجة تهديد منذ نشوب الأزمة قبل 10 سنوات.
من جهته، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، الأربعاء 28 أبريل/نيسان الماضي، في جلسة استماع برلمانية، إن إثيوبيا "رفضت وساطات لحل أزمة سد النهضة"، دون تسمية أطراف تلك الوساطات.
بينما قال وزير الدولة بالخارجية الإثيوبية رضوان حسين، خلال إحاطة قدمها لسفراء الدول الآسيوية لدى إثيوبيا، إن مصر "ما زالت مستمرة في طرح مطالباتها غير العقلانية بشأن ملف سد النهضة"، على حد قوله.
السودان يواصل حشد الدعم الإقليمي
إلى ذلك، يواصل السودان حشد الدعم الإقليمي لموقفه من أزمة سد "النهضة"، حيث حطت وزيرة الخارجية السودانية مريم المهدي في أوغندا، السبت 1 مايو/أيار 2021، ضمن جولة تقوم بها في هذا الصدد.
حيث عقدت المهدي مباحثات مع نظيرها الأوغندي سام كوتيسا بالعاصمة كمبالا، أوضحت خلالها أن جولتها الإفريقية تأتي "انطلاقاً من حرص السودان على إطلاع دول القارة الإفريقية على حقيقة وضع المفاوضات حول ملف سد النهضة ودعم مسار التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد".
كما ذكرت المهدي أن بلادها "قدمت كافة التنازلات في سبيل إيجاد حل يخاطب مصالح الدول الثلاث (السودان ومصر وإثيوبيا) بشأن سد النهضة"، مشيرة إلى موقف الخرطوم "الداعي لدعم آلية تفاوضية جادة وفعالة بقيادة الاتحاد الإفريقي ومنح دور أساسي للخبراء والمراقبين تسفر عن التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن السد".
الوزيرة السودانية اعتبرت أن الجانب الإثيوبي "يعمل على شراء الوقت بتعنته في المفاوضات وفرض سياسة الأمر الواقع"، في إشارة إلى الملء الثاني.
كانت المهدي قد بدأت، الخميس الماضي، جولة إفريقية من كينيا، ثم رواندا الجمعة، وأوغندا السبت، وتشمل أيضا الكونغو، بغرض شرح موقف السودان من سد "النهضة".
أزمة الوساطة الرباعية
يُذكر أنه في الوقت الذي تطرح فيه مصر والسودان وساطة رباعية تضم الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحادين الأوروبي والإفريقي، ترفض إثيوبيا ذلك وتتمسك بوساطة يقودها الاتحاد الإفريقي منذ أشهر.
فضلاً عن ذلك، تصر أديس أبابا على ملء ثانٍ للسد بالمياه، في يوليو/تموز وأغسطس/آب المقبلين، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق، وذلك بعد نحو عام من ملء مماثل.
لكن مصر والسودان تتمسكان بضرورة التوصل أولاً إلى اتفاق ثلاثي يحافظ على منشآتهما المائية ويضمن استمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب و18.5 مليار متر مكعب على التوالي.