قطع رجل هندي يبلغ من العمر 34 عاماً، مسافة 1400 كيلومتر دون توقف أو راحة لتناول الطعام؛ ليحضر أسطوانة أوكسجين لصديق طفولته المصاب بكوفيد-19 والراقد في مدينة نويدا، طبقاً لما أوردته صحيفة The Independent البريطانية، الجمعة 30 أبريل/نيسان 2021.
كان ديفندرا كومار راي، الذي يعمل مسؤولاً تنفيذياً في شركة تأمين بولاية جهارخاند، في وسط الهند، قد تلقى مكالمة عاجلة من صديقه راجان كومار سينغ مساء يوم 25 أبريل/نيسان. وأخبره سينغ، الذي كان مصاباً بكوفيد-19، بأن أسطوانة الأوكسجين التي يتنفس منها على وشك أن تنفد ولا يمكنه إعادة تعبئتها.
أرقام قياسية بإصابات كورونا
يأتي ذلك في الوقت الذي تواصل فيه الهند تسجيل أرقام قياسية بإصابات كورونا اليومية، إذ سجلت أكثر من 300 ألف حالة يومياً لمدة 9 أيام متتالية بدءاً من 22 أبريل/نيسان الماضي، ما تسبب في نقص حاد بأسرّة المستشفيات والأوكسجين وأدوية العلاج.
من جانبه، ذكر راي لصحيفة The Independent أن صديقه سينغ لم يتمكن من تأمين فراش في أي من المستشفيات القريبة، ولهذا السبب ظل بالمنزل. وكان اتصاله به بمثابة نداء استغاثة، حيث قال له إن الأوكسجين المتبقي محدود ولا توجد طريقة لإعادة تعبئة الأسطوانة، منوهاً إلى أنه وصل إلى رانشي، عاصمة جهارخاند، في غضون 10 دقائق، ليذهب إلى بوكارو ويحصل على أسطوانة أوكسجين ممتلئة.
فيما قطع راي مسافة 100 كيلومتر إلى مدينة بوكارو على دراجته النارية في غضون ساعتين، لتأمين أسطوانة، وقد تمكن أخيراً من الحصول عليها بعد بحث مكثف عن صديق آخر له يملك مصنع غاز أوكسجين.
نقص حاد في الأوكسجين
راي أضاف: "عصر يوم 25 أبريل/نيسان، الساعة الثالثة مساءً، غادرت بوكارو أخيراً في سيارة استعرتها من صديق آخر وقدتها حتى نويدا دون توقف لمسافة تزيد على 1400 كيلومتر. ولم يكن بحوزتي سوى المياه. ولم أتوقف لتناول الطعام أو الراحة… ولم أنم أو أتوقف لأقضي حاجتي، ووصلت إلى منزله الساعة 9 صباح اليوم التالي بعد رحلة استمرت قرابة 18 ساعة".
في حين أشار راي إلى أنه حين وصل إلى صديقه، لم يكن الأوكسجين المتبقي كافياً إلا لـ10 أو 15 دقيقة أخرى، وبعد ذلك بدأت مستويات الأوكسجين في الانخفاض حتى أوائل الثمانين درجة. ويعد نقصان مستوى الأوكسجين في الدم عن 94 درجة (من 100) مدعاة للقلق.
لكن بعد عدة أيام، تحسنت صحة سينغ، الذي يعمل في شركة لتكنولوجيا المعلومات، وهو الآن برفقة صديقه. وزوجة سينغ حامل في شهرها السادس ولا يمكنها الخروج لتلبية احتياجاته.
كما أوضح راي أنه وصديقه سينغ كانا يتحدثان من حين لآخر عبر الهاتف كل بضعة أيام، إلا أنهما التقيا بعد انقطاعٍ دام ثلاث سنوات، منوهاً إلى أنه سيظل بجوار صديقه حتى يتعافى من جائحة كورونا، وقال: "لم أكن لأتردد في تلبية نداء سينغ، لأنه صديق طفولتي".
حيث تابع بالقول: "لقد وُلدنا في المستشفى نفسه وأصبحنا صديقين من حينها. وأكملنا دراستنا معاً لكننا ذهبنا إلى كليتين مختلفتين، وجاء إلى نويدا بعد إنهائه دراسته"، مشيراً إلى أنه لم يخبر أحداً بأمر رحلته الشاقة لإنقاذ صديقه، لأنه لم يكن هناك داعٍ لذلك؛ فقد استجاب لنداء صديق عمره وفقط.
مستشار البيت الأبيض يوصي الهند بإغلاق فوري
إلى ذلك، أوصى المستشار الطبي للبيت الأبيض أنتوني فاوتشي، السبت 1 مايو/أيار 2021، الهند بفرض إغلاق كامل على مدى عدة أسابيع؛ لاحتواء الارتفاع الكبير في عدد الإصابات بجائحة كورونا.
إذ قال فاوتشي، في مقابلة مع صحيفة "إنديان إكسبرس" الهندية: "أعتقد أن الأهم حالياً هو الحصول على الأوكسجين، والمعدات، والأدوية، ومعدات الوقاية، وغير ذلك"، مستدركاً: "لكن من بين الأمور الأخرى التي يجب أن تتم فوراً، إصدار أمر بإغلاق البلاد".
في حين شدّد مستشار البيت الأبيض على أن "الهند في وضع صعب للغاية ويائس، وبالتالي يجب فرض إغلاق موقت"، لافتاً إلى أنه "لا داعي لفرض إغلاق يستمر مدة 6 أشهر على سبيل المثال".
لكن حكومة رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، قاومت حتى الآن فرض إغلاق على الصعيد الوطني؛ تجنباً لتكرار تجربة الإغلاق العام الماضي التي شكلت ضربة للاقتصاد.
في وقت سابق من يوم السبت، أعلنت وزارة الصحة الهندية تسجيل 402 ألف إصابة بكورونا، وهي أعلى حصيلة يومية منذ بدء الجائحة.
هذه الحصيلة الجديدة ترفع إجمالي المصابين بالفيروس إلى أكثر من 19 مليوناً، وفق وزارة الصحة الهندية التي أوضحت أن حصيلة الوفيات بلغت 211 ألفاً و853، بعد تسجيل 3 آلاف و523 وفاة في الساعات الـ24 الأخيرة.
يشار إلى أن الهند تمر بأحلك مراحل الوباء إثر تسجيلها خلال الأيام الأخيرة أرقاماً قياسية عالمية جعلت أنظمة الرعاية الصحية في المدن الكبيرة والمناطق الريفية على شفا الانهيار.