كشف موقع Al-Monitor الأمريكية، في تقرير نشره الخميس 22 أبريل/نيسان 2021، أن حكومة بشار الأسد تسعى لتوسيع نفوذها وتعزيز حضورها العسكري من خلال الاعتماد على القبائل العربية في محافظة الحسكة، الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية المعروفة إعلامياً باسم "قسد" والمدعومة من الولايات المتحدة.
في المقابل من الواضح أن هذه المساعي التي تقوم بها حكومة بشار الأسد تحظى بدعم حليفتيها، روسيا وإيران، اللتين توليان أهمية كبيرة لمنطقة شمال شرقي سوريا الاستراتيجية الغنية بموارد النفط.
تأمين الأدوات اللازمة للنظام
مصادر قبلية في محافظة الحسكة صرَّحت لموقع Al-Monitor الأمريكي بأنَّ روسيا وإيران تسعيان لتأمين الأدوات اللازمة للنظام من أجل حماية حضوره في مواجهة قوات سوريا الديمقراطية والولايات المتحدة، ومنع أي محاولة لتقييده وطرده من المنطقة.
حيث أصبحت هذه المساعي أكثر وضوحاً بعد التوتر الذي اندلع في محافظة الحسكة بين النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية مطلع 2021، حين فرضت قوات سوريا الديمقراطية حصاراً على النظام في جيوب النظام الأمنية بالحسكة والقامشلي. ومنذ ذلك الحين، لجأ النظام إلى عشائر الحسكة، وبدأت دعوات جدية تظهر بشأن إدخال رجال القبائل العربية الموالين للنظام في الحسكة إلى صفوف الميليشيات وتسليحهم.
من ناحية أخرى أعلنت "قوات الدفاع الوطني"، التابعة لقوات الحكومة السورية، مؤخراً تخريج دفعة من المقاتلين بمدينة القامشلي. ونشرت قوات الدفاع الوطني في القامشلي، يوم 18 أبريل/نيسان، على صفحتها بموقع فيسبوك، صوراً لمقاتلين وقادة عسكريين يؤدون عرضاً عسكرياً أرفقت معه تعليقاً كُتِب فيه: "بحضور القيادة السياسية والعسكرية ووجهاء القبائل والعشائر في محافظة الحسكة، تم تخريج دورة جديدة من أبطال الدفاع الوطني تضم 400 مقاتل. المقاتلون نفذوا بياناً عملياً بالذخيرة الحية في قرية الحاج بدر بريف مدينة القامشلي".
مقاتلو قوات الدفاع الوطني
حيث تضمَّن حفل تخريج مقاتلي قوات الدفاع الوطني تدريباً للمجندين، وعرضاً عسكرياً بالذخيرة الحية، ومناورات للتعامل مع العدو.
فيما قالت وكالة أنباء سانا التابعة للنظام، في 18 أبريل/نيسان، إن أهالي ريف القامشلي الجنوبي أقاموا (خيمة وطن) في قرية الحاج بدر، دعماً للاستحقاق الرئاسي، في إشارة إلى دعم انتخاب بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 26 مايو/أيار. وخيمة الوطن هي الاحتفال الذي نظمته القبائل في قرية الحاج بدر، والذي تضمَّن أيضاً تخريج المقاتلين الـ400.
من ناحية أخرى نقلت وكالة سبوتنيك الروسية، في 9 أبريل/نيسان، عن نائب قائد الفرقة 17 احتياطي بالقوات الحكومية في محافظة الحسكة، اللواء معين خضور، قوله إنَّ الاحتلال الأمريكي وأعوانه تسللوا إلى الجزيرة السورية واستولوا على ثروات الشعب السوري الباطنية بطرق العصابات، وقاموا بنهب وسرقة هذه الثروات أمام أنظار العالم، على حد قوله.
القوات العسكرية الرديفة
في المقال نفسه، نقلت وكالة سبوتنيك عن حسن السلومي، عضو مجلس الشعب السوري وقائد مركز قوات الدفاع الوطني في الحسكة، قوله إن هناك إقبالاً كبيراً من أبناء القبائل والعشائر العربية على الانضمام إلى صفوف القوات العسكرية الرديفة للجيش العربي السوري، مشيراً الى استعدادهم خلال الأسابيع القادمة، لتخريج دورات جديدة يصل عدد المتطوعين فيها إلى أكثر من 1000 مقاتل.
كان 200 متطوع قد تخرجوا في صفوف قوات الدفاع الوطني بالقامشلي في 8 ديسمبر/كانون الأول 2020.
من ناحية أخرى قال أحد الشيوخ القبليين في القامشلي لموقع Al-Monitor، إن المتطوعين الجدد بصفوف قوات الدفاع الوطني هم أفراد عدة قبائل عربية موالية للنظام، أهمها قبيلة طي، فضلاً عن بضعة متطوعين من قبائل العدوان والبكارة والجبور، وفق ما قاله.
كما أضاف بالقول إن حملة التجنيد التي أفضت إلى إلحاق 400 متطوع بصفوف قوات الدفاع الوطني، بدأت في مطلع 2021 عقب التوترات بين النظام وقوات سوريا الديمقراطية. ويبدو أنَّ النظام يحاول تسليح العشائر لمواجهة قوات سوريا الديمقراطية في حال اندلع توتر مماثل بالمحافظة.
مخاوف لدى نظام الأسد
في المقابل يخشى النظام أنَّه سيتعرض للطرد من الحسكة، لذا يسعى بوسائل متنوعة، وبمساعدة حليفتيه روسيا وإيران، لبناء شبكة من العلاقات مع القبائل للاستفادة من قوتها إن لزم الأمر.
أشار الشيخ إلى أنَّ القوات الإيرانية والروسية موجودة بقوة في الجيوب الأمنية للنظام بالحسكة والقامشلي وفي الثكنات العسكرية العديدة بالمحافظة، وأهمها مطار القامشلي. وتهدف إيران وروسيا، من خلال تجنيد رجال القبائل، إلى بناء جيش قبلي للسيطرة على المحافظة في حال حدوث انسحاب أمريكي مفاجئ، وفق قوله.
كما أضاف أنَّ روسيا وإيران تعملان على كسر الاحتكار الأمريكي فيما يتعلق بالعلاقات مع القبائل والعشائر العربية في الحسكة، وكذلك لإضعاف نفوذ قوات سوريا الديمقراطية. وعلى الرغم من هذه الجهود، فإنه يعتقد أنهم سيفشلون لأسباب، منها أنَّ النظام وحلفاءه عاجزون عن تمويل القبائل العربية في الحسكة، مقارنةً بما يمكن للولايات المتحدة وشركائها في التحالف الدولي عرضه (على القبائل). إلى جانب ذلك، يفتقر النظام وحلفاؤه للمرونة والخبرة الكافيتين للتعامل مع القبائل العربية، مقارنةً بالولايات المتحدة.
في سياق متصل فلن يتراجع نظام بشار الأسد وحلفاؤه عن مساعيهم ومحاولاتهم لللتقرب أكثر إلى قبائل الحسكة وتجنيد رجال القبائل، ولن يتوقف النظام عن محاولة ترسيخ حضوره في هذه المنطقة الرئيسية، حتى لو لم يكن بإمكانه عرض نفس إغراءات الجيش الأمريكي على القبائل.