اعترف بوجود “بعض الرفض” من الجزائريين.. ماكرون يجدد رغبته في “المصالحة مع الجزائر”

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/18 الساعة 22:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/18 الساعة 22:10 بتوقيت غرينتش
الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون

جدد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، دعوته إلى "مصالحة الذاكرة بين الفرنسيين والجزائريين"، معتبراً أنها رغبة مشتركة "بشكل كبير" بين البلدين، على الرغم من إقراره بأن هناك "بعض الرفض" في الجزائر، وذلك وفق تصريحات له خلال حوار مع صحيفة "لوفيغارو" نقلته وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس"، الأحد 18 أبريل/نيسان 2021.

وفق الوكالة الفرنسية، فإنه لطالما كانت العلاقات معقّدة بين فرنسا والجزائر، وهي تشهد فتوراً جديداً في الفترة الأخيرة، مع إلغاء زيارة وفد يتقدمه رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس، بطلب من الجزائر.

رغبة مشتركة 

في المناسبة نفسها، يعتقد ماكرون أن "هذه الرغبة مشتركة بشكل كبير، خاصة مع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون".

وأردف قائلاً: "صحيح أن عليه أن يأخذ في الحسبان بعض الرفض".

ماكرون وصف أيضاً تصريح وزير العمل الجزائري، الهاشمي جعبوب، الذي قال مؤخراً إن فرنسا "عدوتنا التقليدية والدائمة"، بـ"غير المقبول"، رافضاً التعليق عليه.

حديث الرئيس الفرنسي يتزامن مع اقتراب الذكرى الستين لاستقلال الجزائر المعلن في 5 يوليو/تموز 1962، بعد 132 عاماً من الاستعمار الفرنسي وحرب تحرير دامية، وكان ماكرون التزم في الأشهر الأخيرة، باتخاذ سلسلة إجراءات "رمزية"، من أجل "مصالحة الذاكرة" بين البلدين.

ذاكرة ممزقة

وكان المؤرخ المختص بتاريخ الجزائر بنجامان ستورا، وضع تقريراً حول المسألة بتكليف من الرئيس الفرنسي، اقترح فيه مجموعة من التدابير في هذا الصدد، لكن التقرير لقي استقبالاً فاتراً بالجزائر.

وأكد ماكرون: "لا تخطئوا، وراء الموضوع الفرنسي الجزائري يوجد أولاً موضوع فرنسي فرنسي".

كما فصَّل أنه "في الأساس، لم نصالح بين الذكريات الممزقة، ولم نبنِ خطاباً وطنياً متجانساً (…) الذاكرة الممزقة هي ذاكرة الأقدام السود (فرنسيو الجزائر الذين عادوا إلى فرنسا عام 1962)، وذاكرة الحركيين (جزائريون قاتلوا إلى جانب الجيش الفرنسي)، والمجندين الذين جرى استدعاؤهم (للقتال في الجزائر)، والعسكريين الفرنسيين، وذاكرة الجزائريين الذين أتوا بعد ذلك إلى فرنسا، وذاكرة أبناء هؤلاء المهاجرين، وذاكرة مزدوجي الجنسية…".

كما تابع: "لست بصدد التوبة ولا الإنكار. أنا أومن بسياسة الاعتراف التي تجعل أمتنا أقوى".

دعوة إلى "التهدئة"

وجَّهها كليمون بون، وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية، الأحد 11 أبريل/نيسان 2021، مؤكداً أن بلاده ترغب في "تهدئة" بالعلاقات مع الجزائر، وذلك على الرغم من بعض "التصريحات التي لا مبرر لها" إزاءها، وإرجاء زيارة رئيس الوزراء الفرنسي، جان كاستيكس، لها، حسب ما ذكرته وكالة "فرانس برس" الفرنسية.

تصريح المسؤول الفرنسي يأتي عقب وصف وزير العمل الجزائري، الهاشمي جعبوب، فرنسا، الخميس 8 أبريل/نيسان 2021، بأنها "عدوتنا التقليدية والدائمة".

كما تزامن ذلك مع إعلان إرجاء زيارة رئيس الوزراء الفرنسي، جان كاستيكس، للجزائر والتي كانت مقررة، الأحد.

باريس لا تريد التصعيد

الوزير الفرنسي صرح في برنامج "غران جوري" الذي يُبث بالاشتراك بين إذاعة "آر تي إل" وصحيفة "لوفيغارو" وتلفزيون "إل سي آي"، بأن "هناك أحياناً تصريحات لا مبرر لها في العلاقات الفرنسية الجزائرية". 

كما اعتبر كليمون بون، أن تصريحات الوزير الجزائري لا تستحق استدعاء السفير الفرنسي لدى الجزائر.

إذ قال بهذا الخصوص: "أنا لا أعتقد ذلك"، وأضاف: "يجب تهدئة كل ذلك".

جدير ذكره، أن وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، أجرى اتصالات في الأيام الأخيرة، مع نظيره الجزائري، صبري بوقادوم.

أزمة جديدة بين باريس والجزائر

حسب صحيفة "الشروق" الجزائرية (خاصة)، فإن هذه هي المرة الثانية التي تتأجل فيها زيارة رئيس الوزراء الفرنسي للجزائر، حيث كانت مقررةً لأول مرة في 18 يناير/كانون الثاني الماضي، وذلك لأسباب لم تتضح وقتها أيضاً.

من جهتها، لمحت صحيفة "الوطن" الجزائرية (خاصة) إلى وجود أزمة جديدة بين البلدين، بقولها إن مبرر جائحة "كورونا" لتأجيل الزيارة غير مقنع؛ لأن القرار جاء قبل ساعات فقط من بداية الزيارة.

بالتزامن مع إعلان تأجيل الزيارة كان قائد الأركان الفرنسي، فرانسوا لوكوانتر، في زيارة من يوم واحد للجزائر.

كان لافتاً في كلمة لرئيس الأركان الجزائري، الفريق سعيد شنقريحة، بهذه المناسبة، دعوته باريس إلى تسليم بلاده خرائط حول أماكن التجارب النووية الفرنسية التي أُجريت بالصحراء في ستينيات القرن الماضي؛ لتطهير المنطقة من الإشعاعات.

كما جدد تمسُّك بلاده بتحالف عسكري مع دول الساحل الإفريقي التي تحدها جنوباً، لمكافحة الإرهاب، في إشارة إلى رفض الانخراط في تحالف عسكري موازٍ تقوده فرنسا بالمنطقة.

ولطالما شكلت "ملفات الذاكرة" المرتبطة بالحقبة الاستعمارية الفرنسية للجزائر (1830–1962)، نقطة لتوتر دائم في العلاقات بين البلدين؛ بسبب رفض باريس الاعتراف بجرائمها الاستعمارية.

كما أن مستجدات المشهد السياسي الجزائري، منذ الإطاحة بالرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة (1999-2019) ومجيء خلفه عبدالمجيد تبون نهاية 2019، كانت مصدراً للتوتر في العلاقات الثنائية، خلال الأشهر الأخيرة، بسبب اتهامات محلية لباريس بالتدخل في الشأن الداخلي.

تحميل المزيد