“غارقة في ديون بكين”.. مخاوف أوروبية من سقوط مونتينيغرو بين يدي الصين

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/18 الساعة 21:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/18 الساعة 21:26 بتوقيت غرينتش
مونتينيغرو تسعى للحصول على مساعدات أوروبية/ الأناضول

قالت صحيفة Washington Post الأمريكية، الأحد 18 أبريل/نيسان 2021، إن الوضع الاقتصادي لدولة مونتينيغرو، التي تُعرف بجمهورية الجبل الأسود، يُمثل أحدث المناوشات في إطار ما وصفته بالدفع العالمي المتصاعد من أجل النفوذ، والذي تمارسه الصين التي حققت نجاحات في البلدان الضعيفة اقتصادياً؛ من خلال تقديم قروض تعتمد على الولاء لبكين.

في هذا الإطار، رفض الاتحاد الأوروبي مؤخراً مساعدة الجبل الأسود في سداد قرض بقيمة مليار دولار، حصلت عليه من الصين مقابل مشروع طريق سريع غير مكتمل، بينما يحين استحقاق أول قسط من هذا القرض في يوليو/تموز المقبل، على الرغم من أن المشروع تعرض لتأخيرات كبيرة.

هذا الرفض الأوروبي قد يؤدي إلى إغراق مونتينيغرو، المرشحة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في أزمة ديون، فضلاً عن أنه قد يسمح بفتح الباب أمام احتمال شروط سيفرضها بنك التصدير والاستيراد الصيني، للسيطرة على الأصول المملوكة للحكومة في الجبل الأسود.

قرض ضخم

كان بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي قد اعتقدوا في السابق، أن حصول مونتينيغرو على قرض ضخم من الصين لبناء طريق سريع، فكرة جيدة.

يأتي ذلك بينما تسعى هذه الدولة الجبلية، البالغ عدد سكانها 600 ألف نسمة، وهي عضوة في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. الأمر الذي يجعلها، حسب تقارير مختلفة، هدفاً ثميناً بشكل خاص، بالنسبة للصين، وذلك رغم صغر حجمها، حيث تحقق بكين مكاسب عندما تكون لديها طرق للضغط على الدول التي تكون جزءاً من المؤسسات الغربية.

في حين يعمل الناتو على تكييف إستراتيجيته الأمنية للرد على صعود الصين كلاعب جيوسياسي، ويتمثل التركيز الرئيسي في سيطرة بكين على عناصر مهمة من البنية التحتية لأوروبا، مثل السكك الحديدية والموانئ.

خُمس حجم اقتصاد البلاد

يشار إلى أن القرض الصيني الذي حصلت عليه مونتينيغرو، يُمثل ما يقرب من خُمس حجم اقتصاد البلد بأكمله، وينبغي لها بدء سداد أول مدفوعاته في صيف 2021.

من جهتهم، قال قادة مونتينيغرو إنهم لن يفوّتوا سداد قرضهم هذا الصيف حتى لو لم تكن هناك مساعدات من الاتحاد الأوروبي. لكن المدافعين الأوروبيين عن خطة الإنقاذ يقولون إن جارتهم مُعرضة لخطر الاستيلاء عليها مالياً من قِبل الصين، في الوقت نفسه الذي تتحدث فيه الدول الديمقراطية بعبارات مُلحَّة بشكل متزايد، عن النفوذ الصيني في جميع أنحاء العالم، وضمن ذلك مجتمع الاستخبارات الأمريكية، في تقرير صدر في أبريل/نيسان 2021.

كما يرى راينهارد بوتيكوفر، وهو عضو ألماني  في البرلمان الأوروبي يعمل على قضايا النفوذ الصيني، أنه "سيكون تصرفاً غير مسؤول تماماً إذا كان الاتحاد الأوروبي يغض الطرف فقط ولا يفعل أي شيء. لماذا نتركهم وحدهم (قادة مونتينيغرو) في مثل هذا الوقت الحرج؟".

تكاليف بناء طريق سريع

فقد استُخدِم القرض لدفع تكاليف بناء جزء من طريق سريع إلى صربيا المجاورة. ورغم أن الطريق، الذي تبنيه أيضاً شركة مملوكة لبكين، تأخر عن الجدول الزمني المُخطط له بسنوات، فإن بنك التنمية الحكومي الصيني لا يقدم لمونتينيغرو فترة راحة من السداد.

كانت مونتينيغرو، وهي بلد القرى القديمة والجبال الدائرية الذي انفصل عن صربيا في عام 2006، قد عانت طويلاً من سوء الطرق وخطوط السكك الحديدية. لذلك رأى قادتها أن طريقاً سريعاً أفضل إلى صربيا المجاورة سيكون بمثابة تذكرة لإعادة تنشيط اقتصادها، الذي يعتمد بشكل كبير على السياح والمستثمرين الروس.

بدوره، يؤكد وزير مالية مونتينيغرو، ميلويكو سبايتش، وهو أحد وزراء الحكومة الجديدة التي تولت السلطة في ديسمبر/كانون الأول 2020، بعد أن أطاحت بالحزب الذي كان يدير البلاد منذ استقلالها، أنه من النادر جداً وجود مثل هذا "الطريق السريع الباهظ".

اقتصاد مونتينيغرو يتجه شرقاً

سبايتش أوضح أنه على الرغم من أن سياستهم تتطلع إلى الغرب، فإن اقتصادهم يتجه شرقاً، لافتاً إلى أنه من مصلحتهم الإستراتيجية تعزيز الروابط الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي، مضيفاً أن بلاده تسعى للحصول على "أموال صناديق التنمية الأوروبية؛ للمساعدة في بناء البنية التحتية. كما أن إعادة تمويل القرض الصيني بسعر أقل ستكون جزءاً من تلك المساعدة".

لكن المنتقدين قالوا إن العقد الذي وقَّعته مونتينيغرو مع الصين كان مُبطناً بأموال إضافية للمسؤولين الفاسدين، وجعل البلاد تعتمد بشكل كبير على لاعب جيوسياسي يُعد منافساً بشكل متزايد للديمقراطيات في جميع أنحاء العالم.

حسب صحيفة Washington Post الأمريكية، تريد مونتينيغرو الآن تعزيز علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، وتقليل اعتمادها على روسيا والصين. وستساعد الخطوة الاقتصادية في مواءمة طموحاتها الجيوسياسية؛ حيث انضمت إلى الناتو في عام 2017 وتريد عضوية الاتحاد الأوروبي بمجرد أن يُصبح التكتل مستعداً لقبول أعضاء جدد.

انقسامات أوروبية

كانت مناقشات في هذا الصدد قد دارت لبعض الوقت. واندلعت انقسامات خلال الأسبوع الماضي، بعد أن رفضت المفوضية الأوروبية- على ما يبدو- طلب المساعدة، لكن حليفاً بارزاً للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قال إن بلاده تبحث عن وسيلة لتقديم المساعدة.

يُذكر أن اقتصاد مونتينيغرو تضرر من جائحة كورونا، رغم أنها كانت آخر دولة في القارة الأوروبية وصل لها الفيروس التاجي، حيث هجرها السياح، وتراجع اقتصادها بأكثر من 15% في عام 2020، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي، لكن يُتوقع أن يتعافى جزئياً هذا العام.

يشار إلى أن جمهورية الجبل الأسود دولة تقع في جنوب أوروبا، وكانت إحدى الدول الاثنتين المُشكِّلتين لاتحاد صربيا والجبل الأسود. لكن في 21 مايو/أيار 2006، جرى استفتاء للانفصال عن صربيا، وقد أيّد الانفصال 55.5%.

تبلغ مساحتها نحو 13812 كيلومتراً مربعاً، وعدد سكانها نحو 650.000 نسمة، وعاصمتها بودغوريتسا (تيتوغراد سابقاً)، وعدد سكانها 117.875 نسمة.

والجبل الأسود هي إحدى جمهوريتي يوغوسلافيا الجديدة، بعد أن استقلت عن الاتحاد اليوغوسلافي السابق أربعٌ من جمهورياته الست، ما بين عامي 1991م و1992م، وبذلك اقتصرت يوغوسلافيا على جمهوريتين فقط هما: صربيا والجبل الأسود. وتم إعلان استقلال دولة الجبل الأسود في 3 يونيو/حزيران 2006.

تحميل المزيد