قال موقع Middle East Eye البريطاني، إن الحكومة العراقية تُحاول تسريع عملية وضع جداول زمنية محددة لانسحاب تحالف القوات الذي تقوده أمريكا من البلاد، في محاولةٍ لسحب البساط من تحت أقدام القوات شبه العسكرية المدعومة من إيران وتوفير بعض الهدوء قبل الانتخابات البرلمانية في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
الموقع البريطاني أوضح في تقريره، الجمعة 16 أبريل/نيسان 2021، أنه في الأسبوع الماضي، اقترب العراق والولايات المتحدة من تلك الخطوة أكثر، بإعلانهما الاتفاق على سحب قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة وفقاً لجداول زمنية تحددها لجان عسكرية فنية مشتركة.
كما أشار إلى أن إعلان يوم الأربعاء 14 أبريل/نيسان، جاء في أعقاب جولة ثالثة من المحادثات الاستراتيجية بين الطرفين، تضمنت اتفاقاً على تغيير طبيعة مهمة التحالف المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية من قتالية إلى استشارية وتدريبية.
الكاظمي يريد الإسراع بإخراج القوات الأمريكية
بوضع حدود زمنية للانسحاب، وإعلان واشنطن التزامها بها علناً؛ ستخف الضغوطات الهائلة على حكومة مصطفى الكاظمي، ليحصل على مساحة للمناورة حتى يُؤدي البرلمان والحكومة الجديدة القسم الدستوري.
فقد بدأت التحركات لتسريع العملية بالفعل. فقبل أيام من هجوم أربيل، أعلن الكاظمي تشكيل لجنة فنية عسكرية بقيادة رئيس أركان الجيش الفريق الركن عبدالأمير يارالله.
في يوم السبت 10 أبريل/نيسان، سعى فريق المفاوضات العراقي إلى متابعة التفاصيل المتعلقة بتشكيل اللجان، مع السفير الأمريكي وعددٍ من المسؤولين ببغداد؛ في محاولةٍ للتعجيل بالأمور، وفقاً لتصريحات اثنين من المفاوضين العراقيين لموقع Middle East Eye البريطاني.
إذ قال أحد أعضاء فريق المفاوضات العراقي: "تُدرك الإدارة الأمريكية الحالية أسباب ضغطنا عليها للإسراع في تشكيل اللجان الفنية والبدء في وضع الجداول الزمنية".
وفقاً للمفاوض، فإنّ واشنطن حريصةٌ على إثبات مصداقية بيان الأسبوع الماضي: "أعلن رئيس الوزراء تشكيل اللجنة الفنية العراقية برئاسة يارالله، وننتظر من الجانب الأمريكي الإعلان عن لجنته وتحديد ممثل رئيسها، للبدء في المرحلة التالية من المفاوضات".
كما أضاف أنه سيكون هناك اجتماعٌ للجان الفنية الأمريكية-العراقية، الأسبوع الجاري أو المقبل. ومن المرجح أي يُعقد الاجتماع في بغداد وجهاً لوجه. وفي حال أراد مسؤولون من واشنطن الانضمام للجنة، فسوف تُعقد الاجتماعات بمحادثة فيديو عبر الإنترنت.
شروط أمريكية وتشكيك من الفصائل
لم يُوافق فريق المفاوضات الأمريكي على سحب القوات القتالية وتغيير طبيعة المهمة دون مقابل.
إذ يتعين على العراق أن يوفر التأمين للبعثات الدبلوماسية الغربية وقوات التحالف بموجب الاتفاق، وفقاً لما أفاد به المفاوضون العراقيون للموقع البريطاني، حتى تُثبت بغداد قدرتها على ضمان سلامة المسؤولين الأجانب بعد الانسحاب.
في اجتماعٍ مع رئيس الوزراء يوم الخميس 15 أبريل/نيسان، لتوضيح نتائج الحوار الأمريكي، أعرب قادة غالبية التكتلات الشيعية البارزة عن "دعمهم وارتياحهم" للكاظمي، بحسب المصادر.
لكن الصورة التي ظهرت عقب اجتماعات يومي الجمعة والسبت في مكتب هادي العامري، رئيس تحالف الفتح شبه العسكري المدعوم من إيران وقوات منظمة بدر شبه العسكرية، كانت مختلفةً بعض الشيء.
إذ رأت بعض الاجتماعات في الإعلان العراقي-الأمريكي إنجازاً وخطوةً في الاتجاه الصحيح.
لكن آخرين اعتبروه "خدعةً اتفق عليها الكاظمي مع الأمريكيين"، دون خطوات واضحة، ودون جدول زمني للانسحاب، ودون تغييرٍ حقيقي في وضع التحالف، بحسب قائد أحد الفصائل المسلحة العراقية من المطلعين على الاجتماعات.
مباحثات مسؤولين عراقيين مع إيران
في الأسبوع الماضي، نقل الكاظمي المسألة إلى الإيرانيين أنفسهم. إذ التقى رئيس الوزراء مع خليفة سليماني، إسماعيل قاآني، خلال زيارته العراق لمدة يومين. وخلال اللقاء، زوّده الكاظمي "بشكلٍ غير رسمي" بمعلومات كافية عن مشاركة الفصائل المسلحة المدعومة من إيران في الهجمات، وفقاً لما أفاد به قادة الفصائل المسلحة وساسة للموقع البريطاني.
إلى جانب الكاظمي، التقى قاآني عدداً من القادة السياسيين الشيعة، وبينهم عمار الحكيم والعامري، علاوةً على قادة أكبر الفصائل المسلحة ومختلف رجال الدين البارزين في النجف.
إذ قال زعيمٌ سياسي شيعي مطلع على الاجتماعات، للموقع البريطاني: "ركّزت الاجتماعات على تداعيات النزاع الإيراني-الأمريكي والحاجة إلى مواصلة التهدئة، ووفق أي هجمات تستهدف قوات التحالف، ودعم الحكومة العراقية في مفاوضاتها الجارية مع الجانب الأمريكي".
بينما صرّح فردٌ في فريق الكاظمي للموقع البريطاني، قائلاً: "يسعى الكاظمي لاستغلال الظروف المحيطة قدر الإمكان، من أجل كبح جماح الفصائل وتهيئة الساحة قبل الانتخابات المقبلة، وجذب شركات الاستثمار".