حذَّر عالم الاجتماع الاقتصادي الألماني والرئيس الفخري لجمعية Max Planck Institute البحثية المتخصصة في دراسة المجتمعات، فولفغانغ ستريك، من أنّ الاتحاد الأوروبي بدأ يُشبه إلى حدٍّ كبير تكتُّلاً من الدول التي تُديرها ألمانيا.
صحيفة The Express البريطانية التي أوردت الخبر الخميس 15 أبريل/نيسان 2021، أوضحت أنه في مقابلةٍ مع نيومي ليوتشكي، الكاتبة بموقع الأخبار اليساري المجري Mérce، قال ستريك إن "إمبراطوريةً" تُديرها ألمانيا لن تُسفر إلا عن "توترات دائمة" بين الدول الأعضاء قبل الانهيار الحتمي للكتلة بنهاية المطاف.
عالم ألماني يدعو إلى حل الاتحاد الأوروبي
زعم عالِم الاجتماع الاقتصادي الألماني أن على الاتحاد الأوروبي بدلاً من ذلك، بحث مسألة حلِّ الاتحاد، والتعاون بين الدول ذات السيادة بنموذجٍ يُشبه المجلس الشمالي لدول شمال أوروبا.
كما أردف فولفغانغ ستريك، أنه إذا واصل الاتحاد الأوروبي التطوُّر بالنهج نفسه المُتَّبع منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى الأزمة المالية، فسوف يُؤدّي ذلك إلى قيام ألمانيا -مع فرنسا أو من دونها- بإدارة بقية الدول الأعضاء عبر بيروقراطية بروكسل.
أضاف أيضاً، أنه "في الواقع، فإن أحد أسباب مناهضتي لنموذج الاتحاد الأوروبي الذي تشكَّل على مدار العقدين الماضيين، هو أن ألمانيا ستكون المُهيمنة عليه حتماً لا محالة، متخفيةً إلى حدٍّ كبير وراء تحالف غير متكافئ أبداً مع فرنسا. وستفتقر الإمبراطورية الألمانية الأوروبية إلى الشرعية التاريخية والموارد اللازمة لتعويض الدول المحيطة بعد قبولها بالحكم الألماني".
سينتج عن ذلك، حسب العالِم الألماني، توترات إقليمية بين ألمانيا وبقية أوروبا، وكذلك داخل ألمانيا، حول الثمن الذي يجب دفعه للإمبراطورية. "أُريد لألمانيا أن تعيش بسلام مع جيرانها، استناداً إلى نموذج يُشبه التحالف الإسكندنافي للديمقراطيات التي لطالما تعاونت تحت مظلة المجلس الشمالي، دون الحاجة إلى دولةٍ مُهيمنة لفرض الانضباط".
رحيل ميركل "كارثي" على الاتحاد الأوروبي
كما حذَّر ستريك من أن رحيل أنجيلا ميركل عن السياسة الألمانية سيُسفر عن تأثير دومينو كارثي على الاتحاد الأوروبي بأكمله قريباً.
إذ أوضح ستريك أن الجغرافيا السياسية لإمبراطورية الاتحاد الأوروبي ستعتمد بالكامل تقريباً على نجاح ألمانيا.
بسؤاله عما إذا كانت ألمانيا ما بعد ميركل ستظل بلداً "مستقراً"، أجاب: "السؤال هنا هو: ما الذي نعنيه بالاستقرار؟ هل سيظل الاتحاد الديمقراطي المسيحي هو أكبر الأحزاب؟ هذا أمرٌ مُرجَّح. وطالما ظل اليورو يدعم الاقتصاد الألماني، فسوف يظل الاتحاد الديمقراطي المسيحي في الحُكم، ومن المرجح أن يُشاركه حزب الخضر من العام المقبل، في الحكم".
كما أوضح أنه مع أن رحيل الحزب الديمقراطي الاجتماعي قد يخلق انطباعاً بالتغيير، لكن السياسات ستظل كما هي إلى حدٍّ كبير، مع زيادةٍ في الاهتمام بالقضايا المناخية ومثيلاتها ليس أكثر.
ضغوط أكبر على الدول "الصغيرة"
بعيداً عن هذه الرواية، "فلن يُطالب الخضر بالتغيير في السياسة الأوروبية والخارجية، بل سيدعمون ضمنياً زيادة الإنفاق العسكري تكريماً لجو بايدن، وسوف يُصرون على التعامل مع قضية اللاجئين باعتبارها شأناً أوروبياً وليس ألمانيّاً؛ وذلك أملاً في تحجيم حزب البديل من أجل ألمانيا"، يقول العالم الألماني.
كما أضاف أنه "ربما تتعرَّض دولٌ مثل المجر وبولندا، لضغوطٍ أكبر من يومنا هذا، بسبب سياسات العائلة والهجرة، لكن حزبَي الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي سيبذلان قصارى جهدهما حتى لا يُقوّض ذلك من النفوذ الألماني في أوروبا الشرقية، أو يدفع دول أوروبا الشرقية إلى أحضان بوتين. كما يُمكن أن يختلف كل ذلك في ضوء أزمةٍ اقتصادية كُبرى جديدة، نتيجة تراجعٍ أمريكي أو ظهور فيروسٍ جديد على الساحة. وبالطبع، لا يمكن الاستهانة بخطورة التوترات داخل الاتحاد الأوروبي".
اختتم حديثه قائلاً: "إن الهيمنة الألمانية في الاتحاد الأوروبي كانت- وما تزال إلى حدٍ كبير- قائمةً على وعودٍ لن تستطيع ألمانيا أو الاتحاد الأوروبي -الذي تقوده ألمانيا- الوفاء بها".