نفى البيت الأبيض، الإثنين 12 أبريل/نيسان 2021، ضلوع الولايات المتحدة في حادث انقطاع الكهرباء بموقع نطنز النووي الإيراني، الأمر الذي يشير إلى أن الإدارة الأمريكية تحاول أخذ مسافة من المستجدات، خصوصاً أنها تفاوض طهران من أجل العودة إلى الاتفاق النووي المبرم في عام 2015.
حيث أكدت جين ساكي، المتحدثة باسم البيت الأبيض، في رد على أسئلة الصحفيين، أن بلادها لم تكن ضالعة في هذا الأمر بأي شكل، مضيفة: "ليس لدينا ما نضيفه بخصوص التكهنات حول الأسباب أو الآثار"، رافضةً التعليق على اتهام طهران لإسرائيل بتخريب المنشأة أو ما إذا كان الحادث قد يحبط جهود إحياء الاتفاق النووي.
انتقام إيراني محتمل
كانت إيران قد اتهمت إسرائيل بتخريب منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، متعهدة بالانتقام في الزمان "المناسب" لهجوم هو- على ما يبدو- أحدث حلقة في حرب خفية دائرة منذ فترة طويلة.
من جانبها، وصفت السلطات الإيرانية الحادث بأنه "إرهاب نووي"، قائلة إنها تحتفظ لنفسها بالحق في اتخاذ إجراءات ضد الجناة. وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف: "الصهاينة يريدون الانتقام من الشعب الإيراني للنجاحات التي حققها في مسار رفع العقوبات. لن نقع في الفخ الذي نصبوه. لن نسمح لهذا العمل التخريبي بالتأثير على المحادثات النووية. لكننا سننتقم من الصهاينة".
تورط جهاز الموساد الإسرائيلي
فيما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عديدة عن مصادر مخابرات، قولها إن جهاز الموساد الإسرائيلي نفذ عملية تخريبية ناجحة في موقع نطنز المبني تحت الأرض.
لكن تل أبيب لم تعلق رسمياً على هذا الحادث حتى الآن.
يشار إلى أن إيران والقوى العالمية يجرون ما وصفوه بمحادثات "بناءة" الأسبوع الماضي، لإنقاذ هذه الاتفاق النووي الذي تعارضه إسرائيل بشدة.
محادثات فيينا النووية
من المتوقع استئناف الجولة الثانية من المفاوضات غير المباشرة بين الأمريكيين والإيرانيين حول الاتفاقية النووية، إضافة إلى الدول الراعية لها (روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا) يوم الأربعاء المقبل، ولكن تقارير لفتت إلى أن توقيت الانفجار قد يضعف من فرص التوصل إلى حل.
إذ حذّر متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية من أن مثل تلك الحوادث يمكن أن تؤثر سلباً على المفاوضات النووية.
رغم أن الموقف الأوروبي، وإلى جانبه الروسي، يرفض تقويض المحادثات الدائرة حالياً، فإن الانفجار الأخير سيكون بمثابة عقبة أمام إدارة جو بايدن، تضاف إلى ذلك هجمات إسرائيلية تمت ضد سفن إيرانية مؤخراً.
محادثات "صعبة وطويلة"
في هذا الإطار، نوهت ساكي إلى أنها تتوقع أن تكون محادثات "صعبة وطويلة"، مستطردة: "لم تصلنا أي إشارة على تغيير في المشاركة" من جانب إيران.
إلا أن مسؤولاً أمريكياً قال، مشترطاً عدم الكشف عن اسمه، إن واشنطن ليس لديها ما يدعو إلى الاعتقاد بأن طهران ستغير نهجها بسبب حادث نطنز، لكنه أضاف: "من السابق لأوانه قول ما إذا كانت ستفعل ذلك"، مُعبّراً عن أمله في أن تتبنى طهران "نهجاً عملياً أكثر".
فقد كرر أيضاً وجهة النظر التي طرحها مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية، الأسبوع الماضي، والتي تقول إن مطالب طهران بأن ترفع واشنطن كل العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب منذ عام 2017 ستؤدي إلى طريق مسدود، متابعاً: "إذا كان موقفهم هو… أننا يجب أن نرفع كل العقوبات، ونرفعها أولاً، ثم بعد ذلك يتحققون من الأمر، ثم يتخذون خطوتهم الأولى، فهذه وصفة إلى حالة من الشلل".
كانت طهران قد انتهكت العديد من القيود المفروضة عليها بموجب اتفاق مبرم عام 2015 لكبح أنشطتها الذرية، وذلك رداً على انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، من الاتفاق عام 2018.
حماية أمن إسرائيل
في وقت سابق من يوم الإثنين، التقى وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، رئيسَ وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، في القدس المحتلة.
نتنياهو ذكر، في مؤتمر صحفي مشترك، أن إيران "الخطر الأكبر بالمنطقة، وأن إسرائيل لن تسمح بحصولها على السلاح النووي".
بدوره، شدّد أوستن على التزام الولايات المتحدة بحماية أمن إسرائيل دون أن يتطرق إلى إيران.
إيران تعلن تحديد هوية المتسبب في حادث منشأة نطنز
إلى ذلك، قال موقع نور نيوز الإيراني شبه الرسمي، إنه تم تحديد هوية الشخص الذي تسبب في انقطاع الكهرباء بواحد من عنابر الإنتاج في المنشأة المبنية تحت الأرض لتخصيب اليورانيوم، مضيفاً دون الخوض في التفاصيل: "يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإلقاء القبض على هذا الشخص".
يشار إلى أنه سبق أن وقعت حوادث تخريب متفرقة في المنشآت النووية الإيرانية على مدى أكثر من عشر سنوات، وحملت إيران إسرائيل المسؤولية عنها. ومن هذه الحوادث حريق شب بموقع نطنز الإيراني في يوليو/تموز الماضي.
كما أنه في عام 2010، تم اكتشاف فيروس الكمبيوتر ستاكسنت الذي يُعتقد على نطاق واسع، أن الولايات المتحدة وإسرائيل طورتاه، وذلك بعد استخدامه لمهاجمة نطنز، فيما تسبب في أعطال مدمرة بمجموعات من أجهزة الطرد المركزي التي تعمل في تخصيب اليورانيوم.
فضلاً عن ذلك، اتهمت إيران إسرائيل أيضاً بأنها وراء مقتل العالم الإيراني محسن فخري زادة، في نوفمبر/تشرين الثاني. كانت أجهزة مخابرات غربية تعتبره العقل المدبر لبرنامج أسلحة نووية إيراني سري. ولم تؤكد إسرائيل ضلوعها في الأمر ولم تنفه.